على كراسيّهم المتحركة يتقاذفون بأياديهم كرة السلة، يحاول كلٌّ منهم أن يحرز هدفًا أو يسقط الكرة في مكانها الصحيح وفق المسافة التي يقف فيها، تارة تحرّك أياديهم بسرعة كراسيهم التي يستخدمونها في الحركة بعد أن بترت أقدامهم، وتارة أخرى يمررون الكرة لزملائهم في الفريق ليسجل أحدهم هدفًا في الفريق الآخر الذي حاله مثل الفريق الأول تمامًا.
رغم أن رياضة كرة السلة تحتاج إلى سرعة الجري وكذلك القفز، إلا أن فريق "إرادة" تجاوز كل معيقاتها ليمارسها أعضاؤها على كراسيّهم المتحركة، يخوضون البطولات والمباريات يتسلحون بالإرادة القوية والعزيمة الصلبة كما هو اسم فريقهم، يتحدون بذلك الاحتلال الإسرائيلي الذي ارتكب بحقهم جرائم أدت إلى بتر أقدامهم.
تشكل فريق "إرادة" قبل حوالي شهرين في مدينة رفح جنوب قطاع غزة؛ ليضم قرابة 20 لاعبًا من ذوي الحاجات الخاصة الذين بترت أقدامهم إثر قصف للاحتلال الإسرائيلي جلهم أصيبوا خلال عدوان صيف 2014.
إرادة لم تُكسر
اللاعب "حمادة ضهير" الذي بترت أقدامه خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف 2014 إثر قصف من طائرات الاستطلاع الحربية، هو أحد أعضاء فريق "إرادة" لرياضة كرة السلة، ويطمح أن يصل مع زملائه في الفريق إلى رفع اسم فلسطين وتمثيلها في المحافل الدولية، كما عبّر.
وقال خلال حديثه لـ"فلسطين الآن" وهو يجلس على كرسيه المتحرك: "أريد أن أكون رياضيًا حتى أرفع اسم فلسطين أنا وكل الشباب الموجودين، وسنستمر في الرياضة ونرفع اسم فلسطين في كل المباريات التي نخوضها".
وأكد ضهير "أمارس الرياضة كرة السلة وأتحدى إعاقتي بهذه الرياضة، وأريد أن أستمر وأتعايش مع المجتمع، وأكون فرد من المجتمع وأنا لست معاق بل المعاق معاق العقل والإرادة، وممكن أن أثبت وجودي".
ولم يختلف حال اللاعب "أحمد النجار" عن زميله ضهير، فقد قدميه وإحدى عينيه خلال العدوان الأخير على قطاع غزة خلال القصف الوحشي على مدينة رفح في أحداث الجمعة "السوداء"، والتي ارتكب فيها الاحتلال مجزرة بحق السكان.
وقال خلال حديثه لـ"فلسطين الآن": "قررت أن ألعب كرة سلة لأنني أملك إرادة ومعنويات عالية وأحمل لقبي ولقب فلسطين بأن معنوياتنا عالية ونحن إرادتنا لن تنكسر رغم الذي حدث معنا والجرائم التي ارتكبها الاحتلال بحقنا".
وأضاف:"أنا لا أعتبر نفسي معاق ، ونحن نمارس رياضة السلة مع الشباب، ونطلب من الجهات المسئولة أن تهتم فينا كأشخاص نمثل فلسطين، ولا تعتبرنا كمعاقين ويتم تهميشنا في المجتمع، وأن يعتبرونا كأي فرد في المجتمع ويرفعوا من معنوياتنا".
الوحيد في رفح
وبدوره أوضح مدرب نادي "إرادة" "محمد شحادة" أن النادي تشكل قبل حوالي شهرين، ويضم قرابة 20 لاعبًا فيه جلّهم من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين بترت أقدامهم خلال العدوان الأخير على قطاع غزة.
وأشار أن تشكيل الفريق يأتي في محاولة لإخراج الشباب من الواقع الذي يعيشونه ومن منظومة الإعاقة نفسها، وقال: "حاول الشباب أن يشكلوا من أنفسهم فريق ولكن الإمكانيات كانت ضعيفة جدا، ولكن تغلبوا على ضعف الإمكانيات الموجودة وشكلوا فريق الإرادة".
وشارك الفريق في فترة وجيزة في عدة بطولات على مستوى قطاع غزة، وحصل على المرتبة الثالثة في بطولة رياضة كرة السلة، والمرتبة الثانية في مسابقة ماراثون رياضي أقيمت على مستوى محافظات القطاع.
ونوّه شحادة أن فرق "الإرادة" هو الفريق الوحيد في محافظة رفح، وقال:"طموح الفريق أن يصل إلى مراتب العليا وأن يكون في اهتمام من قبل المجتمع ويكون هناك مكان يحتويهم".
وأشار أن محافظة رفح لا يوجد فيها أي نادي رياضي لأشخاص ذوي الإعاقة، وقال: "تواجهنا مشاكل في وجود النادي حيث نتدرب في مدرسة والمدرسة غير مواءمة لذوي الإعاقة"، مطالبًا المسئولين بالاهتمام بهذه الفئة.
وختم حديثه بقوله: "رسالتنا للمجتمع أن هناك أشخاص يحبون الحياة، فنحن بحاجة لكم".