ربما تكون المؤشرات الصادرة من الدوحة فيما يتعلق بالمصالحة إيجابية، ولكن هناك مؤشرات سلبية سبقت الجولة الحالية، وأخرى صاحبتها، ما ينذر بمصير مشابه لمصير اتفاق مكة وما تلاه من اتفاقات بين حركتي فتح وحماس، فقبل ثلاثة أسابيع أعلن السيد جبريل الرجوب أنه لا عودة إلى الدوحة، وأن حركة فتح ستتخذ إجراءات قاسية لاستعادة غزة.
صحيح أن كلام الرجوب لم يكن صحيحًا، وقد التقى الوفدان بعكس ما قاله، ولكن كلامه يؤكد أن في فتح من لا يريد للمصالحة أن تتحقق، وبالأمس قال القيادي في حركة فتح محمد اشتية: "توافقت فتح وحماس على تشكيل حكومة الوحدة وإجراء انتخابات"، ولكنه أيضًا كشف عن ألغام من الممكن أن تفجر كل جهود المصالحة وتفشل تشكيل حكومة الوحدة إذ قال: "إن حكومة الوحدة يجب أن تستند إلى برنامج منظمة التحرير"، وهذا يناقض كل ما اتفق عليه سابقًا، وهنا لابد من تذكير اشتية بأن برنامج المنظمة فشل في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وفشل كذلك في تحقيق أي حل سياسي مع مرور أكثر من عقدين من الزمان على اتفاق (أوسلو)، وليس هناك ما يستدعي التمسك بذلك البرنامج حتى من جانب فصائل منظمة التحرير نفسها.
إنني أرى أن الممثل الحقيقي للشعب الفلسطيني هو المجلس التشريعي الحالي، لأن تشكيله كان على أسس واضحة وبانتخابات نزيهة، ويتكون من أغلب الفصائل، أي يمثل أكثر من 98% من الشعب الفلسطيني، بعكس المجلس الوطني الفلسطيني العمود الفقري للمنظمة الذي لا يعرف حتى الآن عدد أعضائه، ولا يضم حركة حماس، وهي أكبر فصيل فلسطيني حسب آخر انتخابات تشريعية.
أعتقد أننا لا نحتاج إلى حكومة وحدة ذات مهمات كبيرة، مثل: إعمار غزة وفك الحصار وغيرهما، ولكننا بحاجة إلى حكومة وحدة لها مهمة واحدة ومحددة، وهي العمل على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وانتخابات المجلس الوطني في وقت محدد وقريب وغير قابل للتمديد، وعلى كلٍّ احترام نتائج الانتخابات، وحينها يكون لدينا سلطات شرعية لها الحق الكامل في عمل ما تراه مناسبًا في القضايا جميعًا، ولكن هل تجرؤ الفصائل الفلسطينية على الإقدام على هذه الخطوة؟
