قبل ثلاث عشرة سنة، تجرع مرارة الألم والحرمان ليدخل عتمة السجان كما الآلاف ممن حرموا لذة الحرية وعانقوا أقبية الوجع والفقدان، وحُكم على زهرة أعمارهم في غياهب الزنازين والعدوان.
على سرير مثقل بالألم يرقد الأسير المريض "يسري المصري" ابن مدينة دير البلح وسط قطاع غزة, أحد ضحايا سياسة الإهمال الطبي المتعمد، في مستشفى سجن الرملة نتيجة تدهور حالته الصحية لاستكمال الفحوصات الطبية التي لا تغني ولا تسمن من جوع في ظل مماطلة إدارة المعتقل الإسرائيلي في علاجه المناسب لحالته.
الأسير المصري حكم عليه عام 2003 بالسجن مدة 20 عام قضى منها 13 عاماً مثقلة بالأمراض والأوجاع.
منذ ثلاث سنوات يعاني الأسير من آلام حادة في الصدر والأمعاء وصداع شديد في الرأس، لتظهر بعدها أورام في الرقبة دون تقديم العلاج أو إجراء الفحوصات الطبية، لتزداد حالته الصحية سوء, مما دفع الأسرى لموجة غضب عارمة داخل المعتقلات وتحميل الاحتلال الإسرائيلي تدهور حالة المصري وانتفاخ الأورام بشكل كبير.
ونتيجة لحراك الأسرى تم نقل الأسير المصري إلى المشفى واستئصال الغدة الدرقية، وبصوت مبحوح بالبكاء تناشد والدة الأسير أصحاب الضمائر الحية والجهات المعنية بالتدخل العاجل لإنقاذ حياة ولدها من الموت نتيجة سياسة الإهمال الطبي.
الاحتلال يتجاهل علاجه
"يما يا حبيبي الله يشفيك" بهذه الكلمات اعتادت والدة المصري الدعاء لولدها المكبل بسلاسل السجان، والمثقل بالآلام والأوجاع المتزايدة، حيث تقول وفي قلبها آلاف من الآهات والدمعات :"طلبنا الإفراج المبكر عن ابني نتيجة إصابته بسرطان الغدد، لكن الاحتلال لم يصدر التقرير الطبي المفصل عن حالة يسري إلى المحكمة، وعلى إثره تم تأجيل جلسة المحاكمة بذريعة عدم اكتمال الملف الطبي".
وأضافت والدة الأسير المصري :"في الفترة الأخيرة تدهورت حالة ولدي نتيجة اتباع سياسة الإهمال، وعدم إعطائه اليود المشع الضروري لمسح الخلايا السرطانية في مكان الغدة الدرقية لضمان عدم تفشي السرطان".
ومع كل هذه الأوجاع علمت العائلة أن نجلها لا يقدم له في المشفى سوى قياس الضغط صباحاً ومساءً، بالإضافة إلى المسكنات المتعارف عليها كدواء وحيد لا بديل عنه داخل أروقة المعتقل.
وناشدت والدة الأسير المصري الجهات المعنية والأصوات الحرة انطلاقاً من واجبها الأخلاقي والوطني تظافر الجهود من أجل تحرير ابنها من "مقبرة الأحياء".
وطالبت بالسعي الحثيث لفضح جرائم الاحتلال ومصلحة السجون الإسرائيلية ضد الأسرى من خلال فضح جرائمهم بكافة المحافل الدولية، وزيادة الوقفات التضامنية والهبات الإعلامية الداعمة لصمود الأسرى، وعدم ترك الأسرى وحدهم في مواجهة ظلم وبطش المحتل الذي لا يرحم.
وعلى غرار الأسير المريض "يسري المصري" يقبع عشرات الأسرى المرضى داخل سجون الاحتلال الذي يواصل ممارسة سياسة الإهمال الطبي بحقهم، في ظل صمت مؤسسات حقوق الإنسان إزاء الموت البطيء الذي يتعرض له الأسرى.