17.77°القدس
17.51°رام الله
16.64°الخليل
22.77°غزة
17.77° القدس
رام الله17.51°
الخليل16.64°
غزة22.77°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

العمل المسلح يزرع والعمل السياسي يحصد

عصام عدوان
عصام عدوان
عصام عدوان

كلمة حق أراد قائلوها بها باطلاً عندما أرادوا التنظير لصحة توجُّه فتح ومنظمة التحرير للحل السلمي عبر مؤتمر مدريد واتفاق أوسلو وما بعدهما. إنهما عمليتان متلازمتان، وفعل مستمر من الزرع والحصاد. لقد أكدت وقائع الثورة الفلسطينية المعاصرة، أن العمل المسلح يفتح آفاق العمل الأخرى أمام الثورة والمقاومة، بدءاً بالحراك السياسي الإيجابي، مروراً بالإعلامي، وصولاً إلى الاقتصادي والثقافي. توصلت دراسة أجريتها عن الكفاح المسلح لحركة فتح في أول ثمانية عشر عاما منذ انطلاقتها أنه كلما زادت العمليات العسكرية زادت بسببها البلاغات والبيانات والتصريحات السياسية، وزادت معها تبرعات الدول للحركة، وتفتقت مشاعر الشعراء والكُتّاب بالكثير من الأدب والفكر، والعكس بالعكس؛ فكلما توقف العمل العسكري توقفت البيانات والمؤتمرات الصحفية وأصاب الحالة جمود رهيب.

إن الشيطان يسوِّل للنفس البشرية الركون إلى الراحة والحرص على الحياة، والنفس مفطورة على حب الحياة، ولذلك قال الله تعالى: "كُتب عليكم القتال وهو كرهٌ لكم.." ولذلك لا تجد القيادة أي صعوبة في التنظير للعمل السياسي، بينما الصعوبة كل الصعوبة في دفع الناس للقتال، لأنهم يرون من خلاله الموت والدمار، ويُنسيهم الشيطان فوائده التي قال الله عنها في تكملة الآية السابقة: " وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم.." . ولو أدرك الناس فوائد القتال لاختلف سلوكهم واختلفت أحوالهم.

أوقفت حركة فتح ومنظمة التحرير الكفاح المسلح منذ الخروج من بيروت عام 1983م إلى حد كبير، وأوقفته نهائياً، بل أدانته ووسمته بالإرهاب منذ عام 1988م، وشرعت في تبرير هذا التوقف بأن العمل المسلح يزرع والعمل السياسي يحصد، وها قد آن أوان الحصاد. منذ ذلك التاريخ لم يحصد الشعب الفلسطيني إلا صفراً كبيراً. وللأسف، استطابت القيادة واستمرأت الحل السلمي الذي لم تجن من ورائه سوى الخيبة وإضاعة الحقوق، ومضى على ذلك أكثر من ربع قرن دون أن تراجع قيادة منظمة التحرير نفسها أو تفكر في العودة للعمل الذي يزرع.

إن الدرس الذي يجب أن تستفيده فصائل المقاومة الفلسطينية اليوم هو ألا يتوقف العمل المسلح أبدا، لأنه الكفيل بحصول المقاومة على تقدُّم في العمل السياسي والإعلامي والاقتصادي والثقافي، بل والاجتماعي. والعاقل مَن اتعظ بغيره.