في الوطن حالة من الاغتراب المكاني والزماني حاضرة بقوة.... رغبة الخروج منه تطغى على رغبة التمتع فيه... من ضاع شبابهم في أزقة الفراغ، ومن ضاع علاجهم على أسرة المعاناة، ومن ضاع واقعهم في ضباب الوهم.... كلهم كانوا يبحثون عن مكانٍ أوسع... أفضل... أكثر هدوء... افشلوا ولم يفشلوا.. لا تقاس البطولة يوماً بمعيار التضحيات... ذاك الوطن هو المكان الذي يعطيك مثلما يأخذ منك... إنها علاقة تبادلية تماماً كأي علاقة، أما عن الحنين فحدث أقواماً سبقوا أن الأرض كانت ملكهم يروحون ويغدون متى شاؤوا فيأتون لأوطانهم زيارة خاطفة لجرعات حنين متى احتاجوها... نحن شبعنا من حنين الوطن حتى ذابت الحاء في أول أحرف أبجد هوز... فتحول إلى أنين!!
ابكوا أناساً من مشاعر لا حجارة أو رمال تتبدل فيها الأحداث.... صدق من قال أن الأنثى وطن، أن الإنسان وطن، أو الوطن وطن إن أراد هو ذلك.
لا أقسى من أن ترى شاباً وسيماً لا يجد وظيفة تقيه شر الطلب من الناس، فلا يهرب من عالم الواقع لعالم الوهم، أو الانحراف... ولا أقسى من فتاة قد منعوها عن دراستها أو زواجها أو ورثتها في مجتمع ذكوري بامتياز... ذاك الوطن لا تعنيه كثيراً الحالة الجندرية.... فقد كتب على جامعة إكسترا بالخط العريض "نحن نستثمر بالإنسان" لكنَّا بدَّلنا الإنسان بالأوطان.
