مثلت صفة وفاء الأحرار إنجازًا كبيرًا للمقاومة الفلسطينية على تاريخ صراعها مع الاحتلال الإسرائيلي، أفرجت خلالها عن 1050 أسيرًا وأسيرة أغلبهم من أصحاب المحكوميات العالية، مقابل إفراج المقاومة عن الجندي الإسرائيلي المختطف جلعاد شاليط.
وعلى مدار أكثر من خمس سنوات نجحت المقاومة بتفوق في الاحتفاظ بالجندي الأسرائيلي شاليط؛ رغم الجهد الاستخباراتي الكبير الذي بذله الاحتلال في البحث عن معلومات عنه، لتكشف كتائب القسام الجناح العسكري لحركة "حماس"، في الأول من يناير، عن وحدة مهمتها تأمين الأسرى الإسرائيليين لديها، وأطلقت عليها وحدة "الظل".
الشهيد القائد الميداني في الكتائب سامي الحمايدة من محافظة رفح جنوب قطاع غزة، هو أحد أفراد "وحدة الظل" الذين أوكلت إليهم تأمين الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط على مدار أكثر من خمس سنوات، وزرعوا الأمل لمئات الأسرى في تنفس عبق الحرية.
الحمايدة ووحدة "الظل"
"لم أره قط، وأسأل الله أن أراه"، بهذه الكلمات وابتسامة عريضة ردّ الشهيد الحمايدة على والدته عندما سألته عن شاليط قبل عامين من استشهاده، كما أفاد شقيقه أحمد خلال حديثه ل"فلسطين الآن".
وقال شقيقه أحمد الذي بترت قدمه ويداه في حادث عرضي: "كلنا فخر بسيرة وجهاد أبي يوسف، ودوره في احتجاز شاليط، ونسأل المولى أن يرفع رؤوسنا في الدنيا وينفعنا في الآخرة، فهو بعمله أحيا مئات الأنفس الميتة في سجون الاحتلال حيث عالم الأموات".
وأوضح أن شقيقه نشأ في أسرة محافظة مكونة من عشرة أشخاص، تزوج وأنجب يوسف وآلاء وإيمان، مشيرًا إلى أنه اتصف بصفات فريدة، ويشهد له من عرفه بحسن السريرة والخلق، وهو مثال للقدوة الحسنة لأبناء الحركة الإسلامية، ومن هم خارجها.
وأشار إلى أنه تعرض للملاحقة والمطاردة من السلطة وأجهزتها الأمنية لسنوات عدة ولم تستطع الإمساك به، إلا بعد اتفاق لتسليم نفسه، جراء مقاومته للاحتلال ومشاركته في فعاليات الانتفاضة بقوة، والتحاقه بجهاز "الأحداث" التابع لحركة حماس آنذاك.
وكشفت كتائب القسام لأول مرة، في بداية العام الحالي عبر مقطع فيديو مشاهد للجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط أثناء أسره والاحتفاظ به من قبل وحدة "الظل" التي تشكلت منذ 10 سنوات، كان في مقدمة أفرادها القائد الشهيد سامي الحمايدة.
وذكرت الكتائب خلال شريط الفيديو أن القادة الشهداء الميدانيين: سامي الحمايدة وعبد الله لبد وخالد أبو بكرة ومحمد داوود وعبد الرحمن المباشر هم من أعضاء وحدة "الظل"، مشيدة بالدور الريادي للقائدين الشهيدين محمد أبو شمالة ورائد العطار.
مسيرة حياة
ولد الشهيد سامي الحمايدة في 18/1/1975م في مدينة رفح، لعائلة لاجئة تعود جذورها الأصلية لمدينة الرملة المحتلة، ويسكن في حي الشابورة وسط المحافظة، ودرس في مدارس رفح مراحله التعليمية، وحصل على درجة البكالوريوس من كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية، والتحق ببرنامج الماجستير ليكمل تعليمه ولكن اصطفاه الله للشهادة.
انضم الحمايدة على جماعة الإخوان المسلمين مبكرًا قبل الانتفاضة الأولى، ونشط في العمل الدعوي يطوف مساجد المحافظة ويلقي الدروس والمواعظ، وكان أحد النشطاء المميزين في عمل الكتلة الإسلامية في المرحلة الجامعية.
تميز الحمايدة بجرأته خلال أحداث انتفاضة الحجارة وكان عمره حينها اثني عشر عامًا، ويروي أحد زملائه "أن دوريات الاحتلال كانت تعرف سامي جيدًا، وكانوا يغتاظون منه أشد الغيظ بسبب نشاطه، وكان ضابط المخابرات يسميه "العفريت" لما يسبب الأذى لهم".
ويضيف:"كان يجلب المرايا الكبيرة ويسلطها على أعين الجنود في الجيبات وقت الظهيرة، ولم يكن يستقر أبدًا بسبب مطاردة الاحتلال له في المواجهات، ما أن تنتهي حتى يهرب من أعلى أسطح منازل المخيم ويقضي باقي وقته في بساتين البرتقال".
أدى القائد الحمايدة مهامه الجهادية بعد انضمامه للكتائب بكل سرية كتمان، وشارك في دك مستوطنات الاحتلال العسكرية المحيطة بالمدينة بالصواريخ والقذائف، وشارك في عمليات قنص لجنود الاحتلال في الأبراج العسكرية، وكان أحد أبطال وحدة مكافحة الإرهاب القسامية المتخصصة في حفر الأنفاق تحت مواقع العدو، في سجل حافل من العطاء يتوجه بعضويته في وحدة "الظل".
ولم تثرتحركاته الكثيرة في حي الشابورة بمحافظة رفح جنوبي قطاع غزة الشك للحظة واحدة أنه يحتفظ بـ"سر كبير" من شأنه أن يقود إلى تحرير الأسرى، وترجل فجر يوم الجمعة 25/1/2008م، بعد أن أطلقت عليه طائرات الاحتلال الإسرائيلي صواريخها الغادرة، وارتقى شهيدًا برفقة القائد محمد أبو حرب؛ وبقي سره محفوظا إلى أن كشفت عنه كتائب القسام.
