في مسجد الخالدي على شاطئ بحر شمال قطاع غزة، يتعاهد عشرات الشبان من طلبة العلم الشرعي على قضاء أكثر من 48 ساعة، في داخل حلقات قرآنية، لاستثمار أوقاتهم بقصد نية الاعتكاف ونية الخروج هجرة في سبيل الله لطلب العلم.
"مهاجرون في رحاب القرآن"، شعارٌ اتخذه هؤلاء الشباب في مخيمهم القرآني، والذي يعقد لأول مرة كعمل منظم، عقده مركز مسجد "السيد علي المغربي" لتحفيظ وتعليم القرآن الكريم، والذي تشرف عليه جمعية دار القرآن الكريم والسنة بمنطقة شرق غزة.
أمير المخيم القرآني، الشيخ محمد فروانة، تحدث لمراسل "فلسطين الآن"، أن المخيم يضم سلسلة دورات قرآنية في أحكام التلاوة التجويد، والعديد من دورات الفقه والتحفيظ، بمشاركة أكثر من 25 شاب هم من العاملين والمحفظين بمركز التحفيظ.
العلم يُؤتى ولا يأتي
ونفى فروانة، أن يكون الهدف من عقد المخيم في مسجد الخالدي واستمراره لثلاثة أيام، هو موقعه الجمالي ووقوعه على شاطئ البحر، مؤكدًا أن اختيار مسجد الخالدي هو اختيار للعلم الموجود فيه وهو اختيار لإمام المسجد الشيخ "هاني العلي" والذي يعتبر إمام قراء فلسطين وهو صاحب العلم الوافر في القرآن والحديث والفقه.
ولفت فروانة، إلى أن الهدف من اختيارهم لمسجد الخالدي هو لفت أنظار طلبة العلم لاحترام العلماء وأهل القرآن، والعمل بما كان يعملون به السلف "العلم يُؤتَى ولا يأتي".
وبيّن أن الهدف من إقامة المخيم بشكل مغلق، وتكثيف محاضراته وفقراته، هوللارتقاء ولتأهيل الكادر الموجود في مراكز تحفيظ وتعليم القرآن الكريم، قائلًا: "إن المحفظ في مركز التحفيظ بدون ما يطور نفسه ويرتقي بإمكانياته يكون فاقد للشيء وكما يقولون (فاقد الشيء لا يعطيه)".
أما مدير قسم التحفيظ في دار القرآن الكريم والسنة بمنطقة شرق غزة، عامر عجور، فيقول: "إن فكرة المخيم متميزة وأسلوبه جديد ونتائجه مثمرة، كان له أهداف حددها القائمون من واقع الحاجة الماسة التي يحتاجها كوادر التحفيظ في حلقاتهم القرآنية".
مخيمٌ نوعي
ويضيف عجور: "إن هذا المخيم بأهدافه ونتائجه يجب أن يعمم لكي تعم فائدته على جميع مراكز تحفيظ وتعليم القرآن الكريم في منطقة شرق غزة".
وأوضح، إن الهدف الأساس من هذا المخيم هو إتقان الفاتحة، وتعلم أساليب تدريسها وكذلك دورات القاعدة الذهبية، وأساليب تدريسها وتدريس كتاب "السهل المختصر في فقه الصلاة والوضوء".
ويهدف المخيم لتعليم المشاركين فيه، العديد من الأساليب التربوية والتدريبية والتي تساعد في تأهيل وتطوير المحفظين بالمركز.
من جهته، أثنى محاضر الفقه في كلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية، محمد السوسي، على فقرات المخيم والتي اعتبرها من ضروريات ما يحتاجه المحفظ الناجح والمتميز، مؤكدًا أن هذا المخيم سيعكس بنتائجه بالإيجاب على مركز التحفيظ وحلقاته بالمستقبل القريب.
ونبه السوسي، إلى أن هذه المخيمات لا بد وأن تكون حاضرة أمام طلبة العلم في كل وقت وحين، وأنها لا بد وأن تكون سنة حاضرة من أيام السلف وحتى زماننا هذا.
وشبه السوسي، حال كل من شارك بالمخيم بحال طلبة العلم مع علماء السلف، واللذين كانوا يقطعون المسافات ويهجرون أهليهم وذويهم في سبيل طلب العلم.
مرت مسرعة
الطالب أحمد سمارة، وهو أحد المشاركين بالمخيم القرآني، يصف مرور ساعات المخيم بسرعة، قائلًا: "لم أكن أتوقع أن تمر ساعات المخيم بسرعة البرق فسرعان ما انقضت، وأتمنى أن يرزقني الله بالسعادة التي شعرت بها في هذا المخيم في كل وقت".
من جانبه، اعتبر الشيخ هاني العلي، أمام مسجد الخالدي، وهو الشيخ المسند من شيخ قرّاء الشام الشيخ محمد كريم راجح، ويعد صاحب أعلى سند في قراءات القرآن الكريم في قطاع غزة، استضافة المخيم في مسجده كانت بعد دعوته من قبل القائمين على المخيم بأن يكون محاضرًا في بعض العناوين ولكن جدول محاضراته الذي لا يسمح في تحديد موعد لهم، أجبره بأن يكون بينهم ولو لساعة واحدة ضمن أيام المخيم.
ويتابع الشيخ العلي، "رغم انشغال جدولي في الأيام التي استضفناهم بها إلا أنني عزمت على الجلوس معهم وبينهم، وخاصة بعد أن شعرت بهممهم وبالنَّهم الذي كانوا يتمتعون به في طلبهم للعلم".
ويقضي الشيخ العلي مع طلبة المخيم، أكثر من خمس ساعات يلخص فيها تجربته مع القرآن الكريم خلال مسيرة تعلم فيها وعلّم، وليستمع خلال هذه الساعات من جميع المشاركين سورة الفاتحة، ليقومهم بهذه السورة حتى يصلوا أعلى مراتب الاتقان فيها.
ويحصل المشاركون في المخيم، على العديد من الشهادات المعتمدة من جمعية دار القرآن الكريم والسنة، ومنها شهادات أحكام التلاوة والتجويد، وشهادة اتقان سورة الفاتحة، شهادة دورة أساليب تدريس أحكام القاعدة الذهية، وشهادة فقه الصلاة والوضوء.
