19.44°القدس
19.21°رام الله
18.3°الخليل
24.81°غزة
19.44° القدس
رام الله19.21°
الخليل18.3°
غزة24.81°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

ماذا قال الزهار عن (فزبة) أبي عمار؟

فايز ابو شمالة
فايز ابو شمالة
فايز أبو شمالة

كان الدكتور محمود الزهار أول المتحدثين في الندوة التي شاركت فيها معظم الكتل البرلمانية، بما فيها كتلة فتح، والعديد من الشخصيات الوطنية والاعتبارية؛ التي خلصت إلى التأكيد على الرفض الوطني لقرار تشكيل المحكمة الدستورية. فماذا قال القيادي في حركة حماس، ليتعرض لكل هذا النقد والتجريح؟ قال: كنت ضمن وفد نقابة الأطباء الفلسطينيين الذي زار الأردن سنة 1980، وهنالك اصطحبنا الزملاء الأردنيون إلى المكان الذي جرت فيه معركة الكرامة، وحين لاحظنا أن معظم أسماء الشهداء المسجلة على لوحة الشرف هم أردنيون، استفسرنا عن ذلك، فقالوا لنا: الذي تصدى للعدو الإسرائيلي هو الجيش الأردني ومعه الفدائيون، ومع بداية المعركة، ركب أبو عمار (الفزبة)، وتوجه إلى عمان، ولما انتهت المعركة، كان أول العائدين على ظهر (الفزبة) هو أبو عمار، الذي عقد مؤتمرًا صحفيًا تحدث فيه عن الصمود والانتصار في معركة الكرامة.

لقد استشف الحضور أن الدكتور الزهار ينتقد سياسة ركوب (الفزبة)، وسرعة الحضور على رأس المشهد السياسي، بل وتحديد معالمه وفق رؤية طرف واحد، ولم يستشف الحضور من حديث الزهار اتهامًا لأبي عمار بأنه خان الوطن، ولم يقلل الدكتور الزهار من قيمة الشهداء الذين تصدوا للعدوان الإسرائيلي، أكانوا أردنيين أو فلسطينيين، ولم يفرغ الزهار معركة الكرامة من مضمونها الوطني، ولم يعترض أي من الحضور الانتقاد لسياسة (الفزبة) كما سماها الزهار. ومع اعتزازنا وتقديرنا واحترامنا لمسيرة القائد الشهيد الرمز أبي عمار، إلا أن تلك المسيرة لا تعفي صاحبها من النقد، فأبو عمار ليس قديسًا، إنه قائد سياسي له أخطاؤه، واعترف هو بنفسه أنه أخطأ، وأنه بشر، يجتهد في الرأي، وقد اعترض عليه رفاق دربه في حياته، وهاجموا بعض قراراته، وكل ذلك لا يقلل من مكانة الشهيد أبي عمار في نفوس وعقول شعبه الذي أحب فيه روح التضحية، والذي تحدى شارون، وسعى للشهادة حتى نالها بإذن الله.

وإذا كان من حق الزهار أن ينقل الرواية كما سمعها، وإذا كان من حقه أن ينتقد أي مسؤول فلسطيني، فإن من حق الشعب الفلسطيني أن ينتقد الزهار نفسه، وأن ينتقد غيره من الساسة الفلسطينيين، فجميعهم بشر بلا قداسة، ويعملون في السياسة، والتي هي تنافس وسباق، واغتنام فرص، وإذا كان أبو عمار قد ركب (الفزبة) أثناء معركة الكرامة، وذهب إلى عمان حرصًا على حياته المستهدفة من الإسرائيليين، فإن الزهار نفسه قد ركب (فزبة) السلامة، واختفى عن الأنظار في كل الحروب التي شنها الإسرائيليون على غزة، وهذا حقه، وحق الشعب عليه أن يظل سالمًا، وليس هذا هو موضع الخلاف في الرأي، وإنما المأساة الفلسطينية كانت من أولئك الذين هاجموا الدكتور الزهار لمجرد أنه نقل رواية، حتى طالب بعض قادة الفصائل بمحاكمة الزهار، واتهم بعض قادة فتح الدكتور الزهار بأنه عميل لـ(إسرائيل)، ويقف على رأس التعاون الأمني مع الصهاينة، فكيف يصدق المواطن الفلسطيني أن الدكتور محمود الزهار، وهو والد اثنين من الشهداء اللذين نزفا الدم، وارتقيا شهداء في المواجهة مع العدو الإسرائيلي، كيف يصدق أنه عميل لـ(إسرائيل)؟

بل كيف يصدق الفلسطيني بعد ذلك أن كل أولئك الذين تمت تصفيتهم على مدار ثلاثين عامًا من عمر الثورة الفلسطينية هم عملاء حقًا؟ ولم تتم تصفيتهم على خلفية الخلافات السياسية والنزاعات الشخصية وأهواء البعض؟ لقد لاحظ المتابعون أن الهجوم على الدكتور الزهار قد وحد طرفي معادلة النزاع داخل حركة فتح نفسها، في الوقت الذي عجز فيه طرفا الانقسام الفلسطيني عن التوحد لمواجهة الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة التي ستعمل على فرض القوانين الإسرائيلية على سكان الضفة الغربية قبل أن تفكر بكيفية الانفصال التام عن قطاع غزة. لقد قدم لنا العدو الإسرائيلي درسًا سياسيًا في الأيام الماضية، حيث هاجم ليبرمان خصمه السياسي نتنياهو بقسوة، وقال: إن هذا الرجل لا يصلح للقيادة، وكثير الكلام قليل الفعل، غير كفء، إن نتنياهو جبان، يهرب من مواجهة المقاومة في غزة.

ولكن ليبرمان لم يقل: إن خصمه نتنياهو خائن وعميل للفلسطينيين. وقد هاجم أنصار نتنياهو في حزب الليكود خصمهم السياسي ليبرمان، وقالوا: هذا غبي، عنيد، متطرف لا يفقه في السياسة شيئًا، ولا يفهم في وزارة الدفاع، ولم يقد في حياته جنديًا، ولم يخض معركة، وكل ما سمعه في حياته هو صفير طابة التنس. ولكن لم يقل أيهم: إن ليبرمان خائن، ويعمل جاسوسًا للفلسطينيين، لذلك التقى الخصمان اللدودان، ليبرمان ونتنياهو، واتفقا على تشكيل حكومة واحدة، تلتزم بالقانون، وتؤمن بالشراكة. فلماذا لا نتعلم من عدونا الإسرائيلي أصول الخلاف والتنافس، وكيفية الشراكة الهادفة، حيث لا قداسة لمسؤول، وكل الأسماء والقيادات عرضة للنقد، والتشهير في مواقفهم، والتقزز العلني من بعض قرارتهم؟

لماذا لا نتعلم من الإسرائيليين الذين يتشاورون فيما بينهم، ويتشاركون في القرارات المصيرية، ولا تتفرد جهة بالقرار السياسي لوحدها مهما حظيت بالأغلبية البرلمانية، ولا تتفرد جهة بالقرار العسكري وحدها مهما كانت قوية؟ ومن اللافت للنظر في (إسرائيل)، أن المعارضة تحتفظ بممثل لها في اللجنة التي تشرف على تشكيل المحكمة العليا للدولة، وله حق النقض، ولا يسمح بأي حال من الأحوال للسلطة التنفيذية بأن تشكل المحكمة العليا لوحدها، وهذا هو مصدر الخلاف الأساسي في الساحة الفلسطينية؛ حيث تفرد محمود عباس بتشكيل المحكمة الدستورية العليا، دون احترام رأي المؤيدين ودون الاستماع لرأي المعترضين، وهذا هو الأصل في الخلاف والانقسام، وليس الاستدلال بسياسة (الفزبة) المذمومة من كل أطياف الشعب الفلسطيني.