23.52°القدس
23.23°رام الله
21.64°الخليل
27.73°غزة
23.52° القدس
رام الله23.23°
الخليل21.64°
غزة27.73°
الإثنين 29 يوليو 2024
4.74جنيه إسترليني
5.2دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.01يورو
3.69دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.74
دينار أردني5.2
جنيه مصري0.08
يورو4.01
دولار أمريكي3.69

توجيهي

30
30
رشا فرحات

امتحانات الثانوية العامة تبدأ يوم السبت، البعبع يبدأ يوم السبت، حالة الرعب التي تصيب أبناءنا في الفترة القادمة لا يمكن لاحد تصورها، مع أننا كنا في الثانوية العامة ولم نكن نرى هذه الضوضاء التي تطلق مع كلمة توجيهي، توجيهي يعني لازم تحبس نفسك، توجيهي، لا تترك الكتب، ما هو الداعي لكل هذا، ولماذا نأخذ عاما واحدا من أعوام التلميذ بحكمنا الابدي على مستقبله ؟!

هذا غير الألسن التي تلوكه لو كانت علاماته منخفضة، لان النتيجة ستعلن في كل وسائل الإعلام، وبضغطة زر يعرف الراسب من الناجح، على عينك يا تاجر وأنا ضد هذه الطريقة بالمطلق.

وقد سألتني أحد طالبات التوجيهي، هل يمكنني أن أرفع قضية على الحكومة بتهمة اختراق الخصوصية، وإعلان علاماتي على الملأ ؟!!

ويبدأ كل من له علاقة وليس له علاقة بنشر نتائج الأوائل والمتفوقين على صفحات الفيس بوك وتويتر، فيهيأ للطلاب المساكين أصحاب المعدلات المتوسطة أن كل الدفعة حاصلة على نسبة 99،9 % .

ثم تبدأ تظهر في وسائل الإعلام أخبار الانتحار، والصدمات، والمنقولين للمستشفيات، ياللرعب!

ما معنى أن يختصر العمر كله في ورقة، في لحظة، في علامة! الأيام التي ستأتي بعدها أهم منها كثيراً، فلماذا هذا الرعب الذي فرضته الثانوية العامة على أبنائنا، ومن أوصل الأمر إلى هذه الدرجة؟!!

وأنا بصراحة قلبي والله مع أبنائي الذين سيصلون بعد سنوات قليله إلى الثانوية العامة، ماذا سأفعل وقتها، ذلك الرعب الذي انتقل إليّ من الأمهات اللواتي خضن التجربة، سكنني قبل الأوان، وأنا أرى طلاب العام القادم وقد بدأوا في دراسة مقرراتهم في الإجازة الصيفية، تلك التي لم يأخذوها بعد، تجنباً لكابوس الفشل!

فعلا لقد قابلت أمهات منعن أبناءهن وبناتهن من الخروج من باب المنزل، ولم يكن لهن هم في الدنيا سوى المجموع، " مجموعك هو مستقبلك، مجموعك هو سمعتك، بكرة الكل بيشوف نتيجيتك على النت، والكل بيفرح والكل بياخد عنك فكرة انك فاشل، والكل، الكل، يعني صارت الشهادة للكل، وليست لي وحدي!"

وإني رأيت طلابا يحلمون بدراسة أقسام لا تتطلب المجموع الكبير، ككلية الأداب مثلاً ولكن عائلاتهم وأباءهم مصرون رغم ذلك على أن يدخلوا قسم العلمي، ومصرون أكثر على ألا يقل المجموع عن 95 % لماذا، ما الفائدة، لماذا هذا الوقت الضائع المهدر، وهو لا يساعدنا مطلقا بالوصول إلى الغاية المنشودة، ولا يفيدنا بشيء.

ولقد قرأت  معلومة مهمة  عن الطالبين الذين أسسا موقع فيس بوك، بأنهما تركا الجامعه فيما بعد، هل تدري لماذا، لأنها لم تعد تنفعهم في شيء، بعد أن أصبحا في قائمة أغنى عشرة رجال العالم.

أجل، وجب علينا أن نعلم أبناءنا أن الدراسة وسيلة، وليست غاية، وسيلة للوصول إلى هدف، وليست هي الغاية. والعلامات الكاملة ليست هي كل شيء في هذه الدنيا، ومعدل 99.9% لا يحصل عليه إلا عشرة من 20000.

هذا المقال ليس رسالة استهتار- حتى لا تفهم الموضوع خطأ- ولكن هو احترام للقدرات، ولما يستطيع كل منا أن يقدمه لنفسه وللمجتمع، وهي رسالة للمسؤولين عن قانون الثانوية العامة المرعب، بأن يتعاملوا مع الأمر باعتيادية، لأنه عام دراسي عادي كأي عام آخر.

وقبل كل شيء، يجب أن نعلم أبناءنا، ان لكل مجتهد نصيب، وبأن هناك إخفاقات، وسقطات، وبأنها ليست آخر الدنيا، وبأننا نحبهم، نحبهم من كل قلوبنا حتى لو لم يحصدوا أعلى الدرجات.