20°القدس
19.8°رام الله
18.86°الخليل
25.3°غزة
20° القدس
رام الله19.8°
الخليل18.86°
غزة25.3°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

نتنياهو في الكرملين.. هل استبدلت تل أبيب تحالفها مع واشنطن؟!

هشام منور
هشام منور
هشام منور

لم تكن زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية الرابعة، بنيامين نتنياهو، إلى موسكو منذ التدخل العسكري الروسي في سوريا إلى جانب نظام الأسد، مجرد زيارة عادية لتوطيد العلاقات بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين، لاستئناف العلاقات بين كيان الاحتلال وروسيا، في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي البائد.

زيارة رئيس نتنياهو لموسكو تختلف عن زياراته السابقة. صحيح أن سوريا على رأس جدول الأعمال، والملفات المطروحة لم تتغير كثيراً خلال الشهور الماضية، لكن هذه الرحلة لها «طابع خاص» فهي تأتي في "شهر عسل" يعتبر سابقة للجانبين.

وقد تكون الأجواء الآن هي الأنسب لتبادل الهدايا التي لها مدلولات لا يمكن تجاهلها. فالرئيس فلاديمير بوتين استبق زيارة رئيس الوزراء «الصديق» بتقديم دبابة! لكنها ليست مثل أي دبابة، فهي من طراز «باتون 48»، ظلت محفوظة في متحف حربي منذ أوائل ثمانينيات القرن العشرين، عندما غنمها الجيش السوري من كيان الاحتلال في معركة السلطان يعقوب في البقاع اللبناني عام 1982.

بوتين قرر إعادة الدبابة الإسرائيلية «معزّزة مكرّمة» إلى أصحابها، استجابة لطلب صديقه نتنياهو، عندما زار موسكو في أبريل الماضي. ومغزى إعادة الغنيمة السورية، يتجاوز فكرة التنسيق الفاعل في سوريا، فهو يعكس تحولاً مهماً في بنية العلاقات الروسية - الإسرائيلية كما يحلو لخبراء موالين للدولة العبرية أن يردّدوا.

وهو أمر أشار إليه بوضوح رئيس الوزراء الإسرائيلي، عندما مهّد لزيارته قائلاً إن "تعزيز العلاقات مع روسيا هو عامل الأمن القومي الحاسم الذي أنقذ الدولة اليهودية من مواجهة على الحدود الشمالية للبلاد".

عدد من الخبراء الإسرائيليين بات يروّج لمقولة أن الوجود الروسي في سوريا ضمانة مهمة لأمن (إسرائيل)، في مرحلة الفوضى والاضطرابات في المنطقة، وهو على الأقل يريح تل أبيب من احتمالات خوض حروب ليست ضرورية. أكثر من ذلك، يروّج موالون لـ(إسرائيل) لفكرة انتقال مركز الثقل اليهودي إلى روسيا التي ستكون أكثر أمناً وضمانة ليس لـ(إسرائيل) فقط، بل كذلك لليهود في كل مكان.

ولم تصدر عن فراغ دعوات تكرّرت مثل: «تعالوا إلى روسيا، هنا لا عداء للسامية مثل أوروبا البغيضة»! واللافت أكثر أن مثل تلك الدعوات صدر من الإدارة الروسية في القرم التي حضّت اليهود على المجيء للعيش والاستثمار في شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا.

الغزل الروسي لـ(إسرائيل) لا يقتصر مغزاه على سوريا، فهناك في موسكو حاجة إلى تل أبيب، وروسيا في حاجة أكثر إلى نشاط مراكز الضغط اليهودية في أوروبا والولايات المتحدة، من أجل تخفيف الضغوط الممارَسَةِ عليها ورفع العقوبات وطي ملف القرم.

نتنياهو الذي التقى بوتين في إطار زيارته الرسمية إلى روسيا بمناسبة ذكرى مرور 25 عاماً على استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، يدرك تماماً أن حليفه الأمريكي مشغول بانتخابات الرئاسة، وهو يفضل الآن الحليف الروسي لنيل ما يريده في سوريا من دون الاقتراب من طبخة العملية السياسية أو العسكرية وبالمقابل، تدرك موسكو أن وجود (إسرائيل) إلى جانبها وموافقتها على كل تحركاتها العسكرية والسياسية في سوريا يشكل أكبر ضامن سياسي لها في المنطقة وأمام المجتمع الدولي لما لها من وزن لدى الدول الغربية واللوبيات الموجودة فيها.

واقع الحال أن كلاً من نتنياهو وبوتين يمران في أزمة سياسية ودبلوماسية خانقة تفضي إلى انسداد مفاعيل الحراك السياسي، ما يبرر حاجة كلا الرجلين إلى بعضهما في هذا التوقيت الحساس، فنتنياهو بحاجة إلى عصا بوتين لضبط الأوضاع في سوريا ودعم نظام الأسد جوياً منعاً لسقوطه، حتى وإن كان ذلك عن طريق قوات إيرانية ميليشيات متعددة الطوائف والجنسيات، وبوتين يأمل أن يسدي نتنياهو إليه خدمة لدى التجمعات الدولية تخفف من حجم المقاطعة والضغوط الدولية عليه، مقابل ما يسديه لكيان الاحتلال من خدمات بالنيابة عن بقية حلفاء الكيان المخفيين منهم والمعلنين! لكن القول إن تل أبيب قد خرجت من العباءة الأمريكية قد لا يكون متقبلاً في الوقت الراهن إلا بالمقدار الذي تنتهي فيه واشنطن من انتخابات احزابها والسباق إلى البيت الأبيض العام المقبل، وبعدها لكل حادث حديث!