وزن جدي يزيد عن مئة كيلوغرام، ولطالما نصحه الطبيب أن يخفضه... يحاول جاهداً في كل مرة أن يقنع الطبيب أنه لا يأكل كثيراً، بل يستغرب كثيراً من أين له هذا الوزن الزائد؟!!. وفي زيارته الأخيرة لعيادة السكري قبل رمضان، أكد له الطبيب أن عليه استثمار الصيام لخفض وزنه وتنظيم السكري ووضع له خطة غذائية مفصلة للشهر على أن يعود لإجراء فحوصات بعد عيد الفطر، أبدى للطبيب اقتناعه وتصميمه على تنفيذ الخطة بحذافيرها.

وعند جلوس جدي أمام مائدة الإفطار ينتقي طعامه بعناية، فمثلاً يرفض تناول الأرز والخبز والبطاطا واللحم والأطعمة المقلية، وعندما نشجعه أن يأكل يقول: هذا الطعام يرفع السكر والدهنيات في الدم، فيلجأ إلى تناول السلطات والخضراوات المطبوخة بكثرة، إلا أنه في الوقت ذاته يشرب كميات كبيرة من الكولا ليعوض عطش يوم طويل حار، فلا يطفئ عطشه إلا المشروبات الغازية، رغم أن الطبيب حذره من تناولها لاحتوائها على نسبة عالية من السكر، وخلوها من أي قيمة غذائية، وأكد له أنها تسبب عسر هضم وهو عكس ما يعتقده أكثر الناس.

وبعد عودة جدي من صلاة التراويح لا بد أن يتناول الحلويات التي تحتوي على نسبة كبيرة من السكر، مثل: القطايف أو العوامة أو الكنافة، فإن لم يكن هناك حلويات في البيت يرسل الصغير محمد لشراء بوظة من السوبرماركت. وعندما يتدخل أحدنا لتذكيره بالسكر الذي سترتفع نسبته في دمه، يغضب جداً، ويقول: من يطعمني من ماله الخاص فلا يفعل، أنا أعرف مصلحتي فأنا لست طفلاً صغيراً، أصوم طوال النهار، ويجب أن أعوض قليلاً من احتياجات جسدي، أما سحوره فهو قطعة خبز مع قطعة حلاوة وكأس من الشاي.

في اليوم الرابع من رمضان، أجرى له والدي فحص سكري الساعة الحادية عشرة صباحاً، فكانت النتيجة 200.. صرخ أبي، وقال له: انظر يا أبي، نسبة السكر في دمك 200 وأنت صائم، فكم ستصل يا ترى لو أجريت لك الفحص بعد الإفطار؟؟ أجاب باستهتار: هذا الجهاز غير دقيق، وأنت تعرف ذلك سأعيد الفحص في العيادة بعد عدة أيام، أنت ترى، لا آكل على الإفطار خبزًا ولا أرزًا، يا لهذا السكر اللعين، كيف يرتفع هكذا؟؟

- أبي... يجب أن تكون صريحاً مع نفسك... أنت تأكل الحلويات يومياً وبكمية كبيرة وتشرب الكولا أيضاً... رغم أنك تحرم نفسك من كثير من الأطعمة المفيدة لأنها تحتوي على الدهون والسكر... أنت تعلم أن الكلى لديك لا تقوم بوظيفتها كما يجب، وتعانى من خدران دائم في القدمين، وعينك اليمنى فيها نزف في الشبكية... كل ذلك بسبب السكر المرتفع في الدم... كفى يا أبي!!

- ماذا أفعل؟ فأنا أحب الحلويات، ولا أستطيع الاستغناء عنها، ربما أتخلى عن معظم الأطعمة ولكن ليس عن الحلويات.

- نحن نحبك يا والدي، ولا نريد أن تتدهور صحتك، فتفقد نظرك أو تغدو قعيد الفراش... أنا مستعد لعمل أي شيء من أجل مساعدتك.

- حسناً، سأحاول من الغد أن أغير من عاداتي الغذائية.