26.66°القدس
25.9°رام الله
26.54°الخليل
27.21°غزة
26.66° القدس
رام الله25.9°
الخليل26.54°
غزة27.21°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

قانون إقصاء النواب العرب من (الكنيست).. ديمقراطية أم عنصرية؟!

أيمن أبو ناهية
أيمن أبو ناهية
أيمن أبو ناهية

لم تتوقف الكنيست الإسرائيلي عن إصدار قوانين ذات نزعات عنصرية ضد فلسطينيي أراضي الـ48 تهدف منها إلى ترسيخ يهودية الدولة النقية من العرب، وقد صادقت لجنة القانون والدستور والقضاء في الكنيست الاثنين الماضي على مشروع قانون يسمح لنواب الكنيست بطرد نواب من الكنيست الذي يستهدف في المقام الأول النواب العرب الذين توجه لبعضهم تهم التحريض وتأييد الكفاح المسلح ضد الاحتلال.

مشروع القانون هذا ومن قبله قوانين ومشاريع قوانين عنصرية أخرى ضد أعضاء كنيست عرب وضد أبناء شعبنا في الداخل وفي الأراضي المحتلة، لأن من بادر إلى هذا القانون العنصري هو رئيس الحكومة الأكثر يمينية وتطرفا بنيامين نتنياهو، وهذه المرة بحجة اجتماع ثلاثة نواب من القائمة العربية المشتركة مع عائلات مقدسية تطالب بتحرير جثامين أبنائها الشهداء الذين تحتجزهم سلطات الاحتلال في الثلاجات دون مراعاة لا للأخلاق ولا للدين الذي يحث على إكرام الميت بدفنه وليس وضعه في ثلاجات مضى على بعضهم فيها حوالي تسعة أشهر.

مشروع القانون العنصري هذا الذي يُقونِن عملية طرد أعضاء كنيست عرب، إلى السياسة العنصرية التي تنتهجها دولة الاحتلال الرامية إلى إخراج الجماهير العربية من دائرة العمل السياسي، عبر نزع شرعيتها وشرعية منتخبيها في البرلمان، بل إنه قانون ضد الديمقراطية بعينها التي تدعيها دولة الاحتلال ويعبر عن التوجه الرعوي لليمين، الذي يعتبر المواطنين العرب هم مجرد "رعايا" يجردهم من حق المواطنة، بهدف تطبيق قوانين الاحتلال عليهم لتقييد نشاطهم السياسي وتمنعهم من مناصرة قضية الشعب الفلسطيني العادلة ونضاله المشروع ضد الاحتلال وسياساته القمعية، والانتقام منهم كلـما مارسوا هذا الحق، الذي يقع في صلب برنامجهم السياسي، وكلما أدوا هذا الواجب، الذي يقع في صلب واجبهم البرلماني.

مشروع القانون الخطير وغير المسبوق هذا، ينذر بدخول مرحلة سياسية جديدة تسعى من خلالها حكومة الاحتلال العنصرية، عمليًا، إلى سحب الشرعية من الخطاب السياسي لممثلي وقيادات الجماهير العربية الفلسطينية، ويندرج ضمن سياسات ملاحقة القيادات السياسية الفلسطينية، وقبل المصادقة على القانون ارتكبت الكنيست مخالفة لدستورها الأساسي حين أبعدت الأعضاء الثلاثة في 8 فبراير الماضي عن الكنيست وهم: حنين زعبي، وباسل غطاس (لأربعة أشهر)، وجمال زحالقة (لشهرين) وبالسؤال عن الديمقراطية، هل الديمقراطية محللة لليهود ومحرمة على العرب؟ الجمهور العربي يختار ممثليه للكنيست بكل ثقة. وبالإمكان رؤية ذلك من خلال نسب وأنماط تصويت المواطنين العرب في الانتخابات الأخيرة بعد أن حصلت القائمة المشتركة على السواد الأعظم من أصوات المجتمع العربي.

إن هذا القانون موجه ضد التمثيل العربي في الكنيست وضد العمل السياسي العربي، وهو خرق لأسس الديمقراطية التمثيلية، والتي يقف في صلبها حق المواطن بالانتخاب واختيار ممثليه في البرلمان، لأنه سيجعل من أعضاء الكنيست سلطة قضائية تقاضي وتعاقب عضوًا منتخبًا من الجمهور، لمجرد أن سلوكه غير مناسب بلسان اقتراح القانون.

هذا القانون يأتي ليقيد حرية المواطنين العرب باختيار ممثليهم. وهو ما ينطوي على مس خطير بمبدأ الديمقراطية التمثيلية الذي من المفروض أن يضمنه كل نظام ديمقراطي. كما تحاول الحكومة الاسرائيلية من خلال هذا القانون فرز تباينات بين النواب العرب وفقًا للمعجم الاستخباراتي بين نواب "متطرفين ومتشددين" وآخرين "معتدلين".

هذا القانون العنصري لم يكن القانون رقم واحد فقد سبقه تشريعات قانونية هدفت إلى تقييد تمثيل المواطنين العرب في البرلمان. ففي عام 1985 تم تشريع البند الذي يسمح للجنة الانتخابات المركزية بشطب قوائم تعارض تعريف دولة (إسرائيل) بأنها "دولة الشعب اليهودي"، وبعدها أضيف بند يسمح بشطب القوائم التي تدعم الكفاح المسلح المعادي (لإسرائيل)، كما أضيفت إمكانية شطب مرشحين في القوائم. ثم أضيف تعديل قانوني ينص على أن كل زيارة الى "دولة عدو" تعتبر دعمًا للكفاح المسلح حتى إثبات العكس.

لقد بات الهدف من وراء مشروع القانون الراهن واضحًا، وهو كم أفواه القوى السياسية التي تدعم نضالات الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال والقمع الإسرائيلي. ولا ننسى أن الرأي العام الإسرائيلي، يستصعب تقبل بعض الأنشطة التي يقوم بها النواب العرب. وتقوم الحكومة باستغلال هذه الأرضية اليمينية الخصبة في المجتمع الإسرائيلي من أجل التحضير لمشاريع قوانين تخدم أجندات سياسية هدفها التخلص من التمثيل العربي في (الكنيست)، هذه الوضعية تعبر عن حالة الذعر وعدم الأمان وأزمة الهوية التي تعيشها مجموعة الأغلبية في مجتمع يكثر فيه كره الآخر، لترى بالأقلية القومية "كبش الفداء" من خلال إقصائها وتعميق التمييز ضدها.

هذا القانون يسعى لتحويل مكانة النواب العرب الذين تم انتخابهم بصورة ديمقراطية وحصلوا على شرعية جمهورهم إلى نواب "مع وقف التنفيذ" وتحويل عضويتهم في البرلمان إلى عضوية مشروطة من خلال المعادلة التالية: إذا لم تتصرفوا على أهواء الحكومة ووفقًا لرؤيتها سيتم طردكم وإبعادكم من الكنيست، وبهذا يتم الاستعاضة عن الشرعية الجماهيرية التي حصل عليها النواب في الانتخابات بشرعية أيديولوجية مستمدة من عقيدة الحكومة اليمينية الاسرائيلية ومركباتها المتطرفة، مما يشكل مسًّا خطيرًا بحقوق الإنسان وحق المواطنة.

(إسرائيل) لا ترغب بأن يكون من بين أعضاء الكنيست أي فلسطيني، لأن وجودهم يعني كشف عورات هذا البرلمان أمام العالم وهي على كل حال عورات كثيرة أخذت العديد من الدول بكشفها رغم التأييد الذي تلاقيه هذه الدولة من حليفتها الولايات المتحدة الاميركية، وان هذه التعديلات القانونية تدلل على الوضعية المتدنية للقيم الديمقراطية في (إسرائيل)، وقد يكون مشروع القانون الحالي هو المسمار الأخير في نعش الهامش الديمقراطي المتآكل في (اسرائيل).. إن الديمقراطية من وجهة نظر (إسرائيل) لها مفهومها المختلف لا يصح أن نسميها بالدولة الديمقراطية لأنها لا تطبقها ولا تعمل بها وفي الحقيقة أنها تعمل على دمقرطة العنصرية.