23.81°القدس
23.24°رام الله
22.19°الخليل
23.46°غزة
23.81° القدس
رام الله23.24°
الخليل22.19°
غزة23.46°
السبت 18 مايو 2024
4.71جنيه إسترليني
5.23دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.03يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.71
دينار أردني5.23
جنيه مصري0.08
يورو4.03
دولار أمريكي3.7

خبر: تسونامي في فلسطين

نسمع بين الفينة والأخرى عن زلازل مدمرة تحدث حولنا في هذا العالم ، فينتج عنها هجوم كاسح لأمواج بحرية عاتية على اليابسة تؤدي إلى خسائر بشرية فادحة، ودمار مادي كبير، ومآسٍ مؤلمة. ويسمي العلماء هذه الظاهرة الطبيعية بالتسونامي، ويفسرونها بأن انشقاقاً ضخماً يحدث في الأرض تحت سطح البحر، فيؤدي إلى ابتلاع الأرض لكميات كبيرة جداً من مياه البحر، وبعد مدة قد تصل إلى ساعات تعود الأرض إلى وضعها الطبيعي، فتقذف بالمياه التي ابتلعتها دفعة واحدة، فتندفع تلك المياه بقوة كبيرة، فتحدِثُ أمواجاً عاتية تندفع نحو الشاطئ، وتصل إلى عدة كيلومترات، وتتسبب في غرق المناطق الساحلية، وتدميرها وقتل كثير من سكانها. وقد قدمت مصادرنا التاريخية معلومات قيمة عن زلازل مدمرة أصابت فلسطين والشام ونتج عنها تسونامي، ومن المفيد أن نسجل هذه المعلومات، ونقدمها للمهتمين والمعنيين ليدركوا أن بلادنا -حفظها الله- ليست بمنأى عن هذه الظواهر الطبيعية، وليأخذوا بالأسباب الممكنة لتجنب الخسائر البشرية والمادية إن تكررت، وليبتعد الناس في بلادنا عن المعاصي والذنوب، وتظل قلوبهم متعلقة بخالقهم المتصرف في هذا الكون، والحافظ لعباده الصالحين. فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عندما حدثت هزة أرضية خفيفة في المدينة المنورة في ذي الحجة- سنة 5هـ= إبريل-627م): " إن ربكم يستعتبكم؛ فأعتبوه". وأن عمر بن الخطاب قال عندما حدثت زلزلة في خلافته سنة(20هـ=640م):" أيها الناس ما أسرع ما أحدثتم! لئن عادت؛ لا أساكنكم فيها"، وأنه قام في الناس خطيباً، "فحمد الله وأثنى عليه، والأرض ترجف، ثم ضربها بالدرة وقال:" أقري ألم أعدل عليكِ؟! ؛ فاستقرت من وقتها". التسونامي الأول الذي عرفته سواحل فلسطين والشام حدث يوم الثلاثاء (11 جمادى الأولى سنة 460هـ=18 مارس 1068م)، حيث يحدثنا عنه ابن الأثير فيقول: ووقعت "زلزلة شديدة، خرَّبت الرملة، وطلع الماء من رؤوس الآبار، وهلك من أهلها خمسة وعشرون ألف نسمة، وانشقت الصخرة بالبيت المقدس، وعادت بإذن الله تعالى، وعاد البحر من الساحل مسيرة يوم فنزل الناس إلى أرضه يلتقطون منه فرجع الماء عليهم فأهلك منهم خلقاً كثيراً". ويقول عنه ابن الجوزي:" "وجاء كتاب بعض التجار في هذه الزلزلة، ويقول إنها خسفت الرملة جميعها، حتى لم يسلم منها إلا دربان فقط، وهلك منها خمسة عشر ألف نسمة". ووضح ما حصل للبحر المتوسط في هذه المنطقة فقال: "وغار البحر مسيرة يوم وساح في البر وخرّب الدنيا، ودخل الناس إلى أرضه يلتقطون فرجع إليهم فأهلك خلقاً عظيماً منهم". ويقول ابن تغري بردي: "وفيها زلزلت الرَّملة زلزلة هدمت ثلث مدينة الرملة، ونزل البحر مقدار ثلاثة فراسخ، فنزل الناس يصيدون السمك فرجع عليهم فغرق من لم يحسن السباحة"، ويقول ابن العماد الحنبلي،: "وزلزلت الرملة فهدم نحو من نصفها وخسف بقرى وسقط بعض حائط بيت المقدس، وسقطت منارة وجامع عسقلان وجزر البحر نحو ثلاثة فراسخ، فخرج الناس يتتبعون السمك والصدف، فعاد الماء فأخذ قوماً منهم". أما التسونامي الثاني فقد وقع بعد زلزلة مدمرة وقعت في شعبان من سنة 597 هـ=مايو1201م، وتسببت في قتل أكثر من مليون ومائة ألف نسمة، وقد تراجعت مياه البحر المتوسط إلى جزيرة قبرص، ثم اندفعت على شكل أمواج عاتية، أغرقت السواحل، وقد تحدث عنها عدد من المؤرخين منهم ابن كثير الذي يقول: "وفيها كانت زلزلة عظيمة ابتدأت من بلاد الشام إلى الجزيرة وبلاد الروم والعراق وكان جمهورها وعظمها بالشام تهدمت منها دور كثيرة، وتخربت محال كثيرة، وخسف بقرية من أرض بصرى، وأما سواحل الشام وغيرها فهلك فيها شيء كثير، وأخربت محال كثيرة من طرابلس وصور وعكا ونابلس، ولم يبق بنابلس سوى حارة السامرة، ومات بها وبقراها ثلاثون ألفاً تحت الردم، وسقط طائفة كثيرة من المنارة الشرقية بدمشق بجامعها وأربع عشرة شرافة منه، وغالب الكلاسة والمارستان النوري، وخرج الناس إلى الميادين يستغيثون، وسقط غالب قلعة بعلبك، مع وثاقة بنيانها، وانفرق البحر إلى قبرص، وقد حذف بالمراكب منه إلى ساحله، وتعدى إلى ناحية الشرق، فسقط بسبب ذلك دور كثيرة، ومات أمم لا يحصون ولا يعدون، حتى قال صاحب مرآة الزمان إنه مات في هذه السنة بسبب الزلزلة نحو ألف ألف ومائة ألف إنسان قتلاً تحتها، وقيل إن أحداً لم يحص من مات منها والله سبحانه أعلم". حفظ الله فلسطين وسائر بلاد المسلمين من الزلازل والشرور، وجعل أهلها أهلاً لحفظه ورعايته.