21.89°القدس
21.29°رام الله
20.53°الخليل
22.81°غزة
21.89° القدس
رام الله21.29°
الخليل20.53°
غزة22.81°
الأحد 19 مايو 2024
4.69جنيه إسترليني
5.23دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.04يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.69
دينار أردني5.23
جنيه مصري0.08
يورو4.04
دولار أمريكي3.7

خبر: الأسير الصفدي: 105 شهور في الاعتقال الاداري

قد يفخر المرء أنه يمتلك خبرة في مجال ما، يؤهله لأن يحوز مقابل ذلك على سمعة طيبة ودخل مالي وفير، لكن الأسير حسن الصفدي يختلف عن أولئك، فهو يمتلك خبرة في مجال بعيد كل البعد عن المال والأعمال، بل في مجال مقارعة الأعداء وهزم السجان والصمود والثبات أمام زنازين القيد وأقبية التحقيق. قصة أسيرنا لم تبدأ باعتقاله الأخير في حزيران من العام الماضي 2011، بل تعود إلى أكثر من 18 عاما وتحديدا في العام 94 من القرن الماضي، حينها كان بطلنا في بداية تفتحه على الدنيا التي خبرها جيدا، فهو احد صناديد الانتفاضة الأولى –انتفاضة الحجارة- ساعده على ذلك كونه يسكن في بؤرة المواجهات العنيفة مع جنود الاحتلال، في البلدة القديمة لنابلس جبل النار. مسلسل الاعتقالات الذي بدأ في ذلك العام، لم يكن ليتوقف إلا لأشهر معدودة كان فيه حسن يتنفس هواء الحرية، لكنه لا يلبث أن يعود إلى السجن دون أي تهمة تذكر. في تلك الفترة ارتقى شقيقه الأكبر فريد شهيدا عام 1996 خلال هبة الدفاع عن المسجد الأقصى، فلم يزده ذلك إلا إصرارا وثباتا. ومن سجن إلى آخر، ومن اعتقال إداري إلى تمديد جديد، ومن عام إلى عام، كانت السنون تأكل من عمره وتقضمها بلا رحمة.. حتى كان عام 2004 حينها ربض كالأسد الهصور خلف القضبان لـ33 شهرا متواصلة، لم يكن وحدها بل انضم إليه أشقاؤه فؤاد ومأمون، ليتركوا والدته العجوز وحيدة مع ابنتها نيلي زوجة الأسير في ذلك الوقت القسامي عبادة بلال. بداية عام 2007 عانق حسن سماء الحرية، وودع السجون، لكن الجنود الصهاينة كانوا له بالمرصاد بعد أقل من 100 يوم فقط على الإفراج عنه، ليقضي بعدها في غياهب الجب 43 شهرا مستمرة تحت نير الاعتقال الإداري الظالم. هذه المرة انضمت إليه أخته الوحيدة "نيلي" ويتركوا والدتهم تكابد شظف العيش ومرارة الحرمان. شباط 2011، حسن حر طليق،، هنا تصر عليه والدته أن يبحث عن "بنت الحلال"، وعن بيت الزوجية حتى لا يغيب عنها من جديد. وتحت إلحاحها وافق، وكان الموعد عصر التاسع والعشرين من حزيران 2011، ليلتها اجتمعت العائلة وكان هذا الحدث نادرا، فقد مرت سنوات طويلة ومريرة على اجتماعهم سوية في كنف البيت القديم. لكن القدر كان يخبئ لحسن شيئا أخر. عشرات الجنود المدججين بالسلاح يقتحمون البيت وينتزعونه من فراشه ويجرونه بكل قوتهم إلى الخارج،، لم تشفق صيحات الأم المكلومة التي تبعتهم إلى وسط نابلس علها تظفر برؤيته لأخر مرة قبل أن تغيبه السجون من جديد. مرت الأشهر سريعا، حتى جاء الخامس من آذار 2012، يومها خرج القرار الذي لا رجعة عنه.. إما أن نحيا بكرامة أو أن نموت شهداء.. والآن تجاوز حسن يومه الثاني والأربعين وهو ممسك عن الطعام والشراب بعزيمة لا تلين.. حاول إرهابه وتخويفه وفرضوا عليه الغرامات وحرموه من البقاء مع إخوانه في ذات السجن، ونقلوه إلى العزل ومنه إلى المستشفى بعد تدهور صحته.. كل ذلك لم يفلح في رده عن مراده. وعندما زرنا بيته، كانت مدخله يتزين بعشرات الصور واليافطات التضامنية معه، والوفود تجيء وتروح.. أمه صابرة صامتة لا تتحدث إلا نادرا ولسانها لا يتوقف عن الدعاء له بالصبر والصمود وتحقيق الأمنيات.. أشقاؤه طالبوا بالمزيد من التفاعل مع ملف أخيهم إلى المستوى المطلوب، خاصة على الصعيد الإعلامي.. وأبرقوا له ولإخوانه كل التحية ممزوجة بالفخر والاعتزاز.