25.24°القدس
24.95°رام الله
23.86°الخليل
28.66°غزة
25.24° القدس
رام الله24.95°
الخليل23.86°
غزة28.66°
الأحد 28 يوليو 2024
4.71جنيه إسترليني
5.17دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.98يورو
3.66دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.71
دينار أردني5.17
جنيه مصري0.08
يورو3.98
دولار أمريكي3.66

الوداع الأخير

5
5
وسام عفيفة

هكذا هو قدر الفلسطيني ... تلاحقه مأساة الشتات والغربة والمنع الأمني والسياسي حتى عند الموت، حيث يفصلنا عن أعزائنا وأحبائنا بينما تفصلنا المعابر والحدود عن النصف الآخر، فلا نظفر بإلقاء نظرة وداع أخيرة، ونحرم من أن نطبع قبلة على ذاك الجبين البارد، أو نتحسس ذلك الجسد المسجى قبل أن يغادر إلى رحلته الأخيرة، بينما نواصل نحن رحلة التغريبة الفلسطينية، نحمل في قلوبنا حسرتين ...

ولأن طقوس الموت تشعرنا بمعاني الحياة، ننتحب أحباءنا على بابه، ونذرف دموعًا تتساقط على نعش... تحمل معها دعوات السماح والتوبة والغفران... ثم نسلمه إلى مثواه الأخير، على أمل بلقاء في السماء.

آلاف الفلسطينيين يعيشون يوميًا لوعة الفراق دون طقوس الموت، بفعل حواجز الاحتلال وممنوعات العرب، التي قسمتهم بين الداخل والخارج، الضفة وغزة، "معاهم وعليهم"، أو غيبتهم مقابر الأرقام، ولم تشفع دعوات أم ثكلى أو أب محروق قلبه، أو زوجة مكلومة من السماح لهم بلقاء أخير قبل أن يهيلوا التراب على حبة العين ورأس القلب.

المحرومون من ممارسة طقوس الموت مع روح الروح .. حفروا قبور الماضين في قلوبهم، وأقاموا شواهدها في ذاكرتهم، وكفنوهم بجفون عيونهم... كلما أغمضوها يستعيدوا صورهم ويتأملوا ملامحهم كي يحفظوها خشية أن تخطفها جفوة البعد.

هكذا يقيم الفلسطيني بيت عزائه على شواطئ الغربة، ويصنع صيوانه من الأسلاك الشائكة والبوابات السوداء... ينظر إلى الأفق، ويعد من خلفه أن يزور قبورهم عندما يموت الاحتلال، وبعدما يقبض ملك الموت أرواح ملوك الردة، وعندما لا يكون جواز الفلسطيني شهادة وفاة.