20.18°القدس
19.86°رام الله
19.66°الخليل
25.32°غزة
20.18° القدس
رام الله19.86°
الخليل19.66°
غزة25.32°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

هل رسبت حركة “فتح” في الانتخابات البلدية قبل الاقتراع؟

أيمن دلول
أيمن دلول
أيمن دلول

منذ ستين يوماً وزيادة، بدأ سباقٌ محموم في الأراضي الفلسطينية على خطوات الصعود صوب سدة قيادة البلديات والهيئات المحلية، ومع كل خطوة كانت تُعلنها لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية بدأت حالة السخونة تزداد شيئاً فشيئاً حتى وصلت إلى الخطوة التي تسبق الإعلان عن مواعيد الدعاية الانتخابية- مرحلة الطعون- ومن ثم يوم الاقتراع المقرر في الثامن أكتوبر المقبل وإعلان النتائج التي ستكشف الفائزين في انتخابات ضغطت الفصائل الفلسطينية والجهات المختلفة لتكون إفرازاتها سياسية وليست خدماتية كما هو مفترض لهذه المؤسسات المحلية.1

بدا واضحاً بأن هذه الجولة من التنافس على مقاعد تلك البلديات تعتمد على الحنكة والذكاء، ولا يغيب عنها التربص والمناكفة في العديد من المراحل، وبخاصة بين الفصيلين الأكبر على الساحة الفلسطينية “فتح” و”حماس”، ومع وصول القوائم الانتخابية لمرحلة تقديم الطعون في القوائم الانتخابية تأكد بأن حركة “فتح” التي تقود السلطة الفلسطينية واتخذ رئيسها محمود عباس قراراً بإجراء الانتخابات البلدية بشكل منفرد دون تشاورٍ مع أحد من الكل الفلسطيني “رغم أن كل الهيئات السياسية الفلسطينية (تشريعي ومجلس وطني ورئاسة وبلديات) باتت فاقدة للشرعية منذ سنوات”، قد وقعت في العديد من الإخفاقات التي تُشيرُ لإمكانية رسوبها المبكر في تلك الانتخابات “حتى قبل الوصول لصندوق الاقتراع”، ويمكن حصر تلك الإخفاقات بالتالي:

1- الإعلان عن إجراء الانتخابات البلدية كان باعتماد رئيس السلطة الفلسطينية على تقارير تُفيد رفض حركة “حماس” لهذا القرار، فكانت المفاجأة التي لم يتوقعها غالبية المحللين والمتابعين بإعلان الحركة الإسلامية قبولها بإجراء تلك الانتخابات وتوفير الأجواء المناسبة من جانبها لنجاحها. وبذلك تكون حركة “فتح” فشلت في الخطوة الأولى.

2- موافقة حركة “حماس” دفع حركة “فتح” للخسارة في الخطوات المترتبة على تلك الانتخابات، فكل دعاوي عدم الاعتراف بالواضع القائم في قطاع غزة تحت حكم “حماس” على مدار عقد من الزمن ووصفه دوما بأنه “انقلاب” و “خروج على الشرعية”، كلها اتهامات باتت وراء الظهر، فمحاكم قطاع غزة هي التي ستنظر في قضايا تتعلق بالانتخابات، والأجهزة الأمنية الموجودة في قطاع غزة هي التي ستعمل على تأمين الانتخابات حسب قانون لجنة الانتخابات، ووزارة التربية والتعليم بطواقمها التي ستقوم بإجراء الانتخابات هي تلك التي رفضت الاعتراف بها حركة “فتح” على مدار تلك الأعوام. بل إن قرار “فتح” له ما بعده لأبعد من ذلك، فقرارات المجلس التشريعي المتعلقة بالبلديات والتي تم التعامل معها من قبل القضاء والوزارات المختلفة سيكون على الفائز بالانتخابات مضطراً للتعامل معها برغبته أو بغيرها، هذا عدا أن قرار حركة “فتح” سيدفعها للاعتراف بالمجالس البلدية السابقة التي شكلتها حركة “حماس” ومشاريعها المستمرة حتى هذه اللحظة في شوارع ومدن قطاع غزة.

3- فشل آخر لحركة “فتح” وقبل الوصول إلى يوم الاقتراع تمثل في الفشل بتشكيل قوائم انتخابية لا يتم الطعن بها أو اسقاطها “رغم خبرتها الكبيرة في القانون ومداخله وثغراته”، الأمر الذي جعل من السهولة بمكان الطعن فيها من قبل القوائم الانتخابية المناوئة للحركة في تلك الانتخابات، وتم اسقاط أربع قوائم في قطاع غزة “بيت حانون، القرية البدوية ببيت لاهيا، النصيرات، والزهراء”، وعدد آخر في الضفة الغربية من قبل لجنة الانتخابات المركزية، بينما أسقطت محاكم قطاع غزة العديد من القوائم الأخرى وبينها بلديات كبيرة على مستوى قطاع غزة مثل بلدية خانيونس.

4- بالمحصلة، فلو أن المحاكم أنصفت حركة “فتح” ولم تُسقط أياً من قوائمها فستكون قوائم الحركة أمام هزيمة من نوع آخر حتى وإن خاضت تلك الانتخابات، فأعداد الطعون بحقها التي وصلت لأكثر من 150 طعناً ستكون في متناول الرافضين لفوز تلك القوائم، وهو ما حدث بالفعل من خلال نشر مقاطع فيديو لبعض مرشحي قوائم الحركة في بيت حانون ودير البلح، وهي مقاطع يعتبرها المواطن الفلسطيني خارجة عن أخلاقه وقيمه وعاداته وتقاليده.

5- بات هناك قناعة لدى الكثير من المواطنين بعدم التصويت لحركة “فتح” من باب الاعتقاد “إذا لم تُفلح الحركة في اختيار شخصيات لا يتم الطعن بها وبنزاهتها في الانتخابات- لدرجة تقديم 18 طعنا بقائمة لا يتجاوز عدد أعضائها تسعة-، وإذا لم تتفق الحركة في الكثير من مناطق فلسطين على قوائمها نتيجة الخلافات الداخلية والانقسامات وبخاصة بين تياري عباس- دحلان”، فكيف سيمنحُ صوته لقائمة المفترض قيامها بأعباء البلديات في ظل واقع صعب تعيشه الأراضي الفلسطينية؟.

6- نجحت حركة “حماس” أمام هذا الواقع بالتعامل بكل اتزان في ملف الانتخابات- وهي مقارنة ستكون أمام ناظر الناخب شاهدة- فقد أعلنت موافقتها على المشاركة في تلك الانتخابات، لكنها لم تشكل قوائم للمنافسة وتركت الحرية لبعض أبنائها والمستقلين والمهنيين لتشكيل قوائم تتنافس من خلالها كلٌ في منطقته. أما الحركة فالراجح بأنها ستدعم قوائم من المهنين وإن كانت لم تحدد وجهتها أيها تختار حتى الآن.

7- الاعتماد على حرف هذه الانتخابات لتكون سياسية كما أرادت حركة “فتح” منذ البداية جعلها خاسرة، فالميدان حافل بالعديد من تصريحات قادتها المرفوضة من قبل المواطن الفلسطيني باستمرار من قبيل تجريم المقاومة الفلسطينية والتنسيق مع الاحتلال والاعتقالات السياسية للمقاومين والأبطال وغيرها.

الواضحُ من سباق الانتخابات أنه سيكون ساخناً للغاية على أبواب الشتاء الفلسطيني، وهي سخونة يتابعها بكل تأكيد العديد من الأطراف الفلسطينية والإقليمية، فالعرب يميلون لوقفها خشية من نتائجه التي يرون أنها تتجه لصالح حركة “حماس”، أما الآخرين فيرون بضرورة استمرارها لرسم خارطة جديدة للقضية الفلسطينية والتعامل معها بناء على إفرازات صناديق الاقتراع.

الترجيحات ذهبت للخيار الأول بعد قرار محكمة العدل العليا في رام الله بوقف الانتخابات البلدية الفلسطينية، وأمام القوائم الانتخابية فرصة للانتظار غالبا ما ستكون مغلفة بتوتر الانتظار وبخاصة من قبل قوائم حركة “فتح” حتى توقيت الجلسة المقبلة لتلك المحكمة والتي من المتوقع أن تكون في شهر ديسمبر المقبل.

مهما يكن من قرارات للمحاكم سواءً كانت محاكم البداية في غزة أو العليا في الضفة الغربية، فحركة “فتح” يبدو أنها رسبت في اختبار الشعبية لها مرة أخرى، وحتماً ستكون الأيام المقبلة حُبلى بالمفاجآت.