24.07°القدس
23.74°رام الله
22.19°الخليل
28.09°غزة
24.07° القدس
رام الله23.74°
الخليل22.19°
غزة28.09°
الأحد 28 يوليو 2024
4.71جنيه إسترليني
5.17دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.98يورو
3.66دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.71
دينار أردني5.17
جنيه مصري0.08
يورو3.98
دولار أمريكي3.66

اللص والمحقق

222
222
محسن العبيدي الصفار

في مكتبه في النيابة العامة فتح المحقق سعيد الملف الذي احيل اليه من الشرطة وبدأ في القراءة حسبه بداية ملفا عاديا ولكن القضية استوقفته لان اسم المتهم بدا مالوفا لديه .

طلب من الشرطي احضار المتهم الى مكتبه وعندما دخل وجده رجلا كهلا تبدو عليه علايم الوقار ولا يوحي بانه لص ورغم ان الزمن قد عاث خرابا في وجهه الا ان سعيد تعرف عليه فهو العم محمود فراش المدرسة الابتدائية التي درس فيها .

قال سعيد

هل عرفتني يا عم محمود ؟

رد الرجل بصوت واهن

لا ياسيدي من اين لي ان اعرف شخصا محترما مثلك انت من علية القوم وانا كما ترى لص من اسفلهم .

قال سعيد

انا سعيد الذي ساعدته ذات مرة عندما وقعت ارضا في المدرسة واتسخت ثيابي فاسرعت واحضرت لي قميصا جديدا كنت قد اشتريته لابنك كي لا احرج امام بقية الطلاب بالمناسبة كيف حال ابنك ؟

رد الرجل

ابني توفي في حادث قبل عدة سنوات وترك طفلا وحيدا مصابا بمرض عضال

ابدى سعيد اسفه وقال

رحمه الله ولكن كما تعلم ان من واجبي ان احقق معك في تهمة السرقة

رد الرجل

قم بواجبك يا سيدي دون حرج

نظر سعيد الى الملف

ذكر تقرير الشرطة انه تم اعتقالك اثناء محاولتك اقتحام صيدلية هل هذا صحيح ؟

رد الرجل

نعم سيدي

سال سعيد

الا تعلم ان الصيدليات فيها كاميرات مراقبة واجهزة انذار ؟

رد الرجل

اعلم ذلك سيدي

قال سعيد

فلم اذا اقتحمت الصيدلية ولم اصبحت لصا وانت شخص محترم ؟

قال الرجل وهو يتنهد بحسرة

كما قلت لك حفيدي مريض بمرض عضال والدواء الذي يبقيه حيا مرتفع الثمن بشكل غير طبيعي وانا كما تعلم راتبي التقاعدي بالكاد يسد جوعي وجوع زوجة المرحوم ابني وحفيدي .

ولكي اؤمن له الدواء بعت كل شيى وقمت بكل الاعمال حمال زبال اي شي احصل منه على نقود ومع ذلك لم تكفي لشراء الدواء ذهبت الى الاثرياء كي اطلب العون فلم يعطوني شيئا فهم يفضلون شراء سجادة ثمينة للمسجد الذي يحمل اسمهم على انقاذ حياة طفل بريء.

ولما لم استطع تحمل منظر حفيدي وهو يتلوى من الالم لم ادرك نفسي الا وقد حملت حجرا كسرت به نافذة الصيدلية كي احصل على الدواء .

تنهد سعيد بحسرة وقال

لا حول ولا قوة الا بالله مع ان قلبي معك وادرك مصابك الا ان واجبي يقتضي ان احبسك واحيلك للمحكمة غدا كي تقرر ما تفعله بك ولكني ساجعلهم يضعونك في مكتبي بدلا من الزنزانة .

ابتسم الرجل وقال

بارك الله بك يا سيدي

في الصباح ذهب سعيد الى المحكمة منتفخ العينين بعد ان جافاه النوم وهو يفكر بالعم محمود وعندما نادى القاضي على المتهم نهض سعيد وقال للقاضي

سيادة القاضي واجبي كوكيل نيابة ان اطلب منكم معاقبة السيد محمود لمحاولته اقتحام الصيدلية وما سببه من اضرار في النافذة المكسورة وازعاج السلطات

قال القاضي

وماذا ايضا ؟

قال سعيد

ولكن واجبي كانسان يدرك ظروف هذا الرجل المسكين يقتضي ان اعرض على عدالة المحكمة وصاحب الصيدلية ان اسدد له ثمن خسائره والتعويض الذي يراه مناسبا كي يتنازل عن الدعوى .والامر لعدالة المحكمة اولا واخيرا .

التفت القاضي الى الشاكي وقال

هل تقبل ان يعطيك وكيل النيابة مالك وتتنازل ؟

نهض الرجل وقال

لا والله لا اقبل

استغرب سعيد وقال

اقبل يا اخي و خذ مالك والتعويض الذي يناسبك واترك الرجل

قال الصيدلي

لا والله بل اني تنازلت عن حقي لوجه الله ولا اريد من مالك شيئا وله عندي ان ياتيني كل شهر كي اعطيه الدواء مجانا فمحكمة الارض لن تكون اعدل من محكمة السماء ورجل القانون لن يكون ارحم من رجل الطب .

ابتسم سعيد فرحا والتفت الى العم محمود كي يبارك له فوجده قد فارق الحياة وعلى وجهه ابتسامة