17.86°القدس
17.56°رام الله
17.21°الخليل
24.84°غزة
17.86° القدس
رام الله17.56°
الخليل17.21°
غزة24.84°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

خطاب مشعل والخطوة التالية

الكاتب جمال حاج علي
الكاتب جمال حاج علي
جمال حاج علي

مرّ الحراك الفلسطيني الداخلي منذ مجيء السلطة الفلسطينية بمحطات عديدة، اتسمت بالحرجة والأقل حرجًا، إذ لم يكن من بينها الأشد صعوبة، هو مواجهة الاحتلال، إذ تمكن الفلسطينيون من عبور محطات المواجهة موحدين متفقين _وإن شعبيًّا_ على وجهتهم، فمرت انتفاضة النفق وانتفاضة الأقصى، وتبعها ثلاث حروب، استطاع فيها الشعب الفلسطيني أن يسطر بصموده وثباته ووحدته ما يمكن أن يذكره التاريخ.

إنّ المحطة الصعبة التي عجز الشعب الفلسطيني عن تخطيها حتى هذه اللحظة هي مرحلة الانقسام الفلسطيني، الذي جاء تعبيرًا عن التدخل الخارجي في القضية الفلسطينية والشأن الفلسطيني الداخلي على الأخص، لقد رفض النظام الرسمي العربي بتحريض غربي نتائج الانتخابات الفلسطينية عام 2006م، التي حققت فيها حركة حماس فوزًا وتقدمًا واضحًا، وكلف الرئيس أبو مازن كتلتها البرلمانية بتشكيل الحكومة الفلسطينية العاشرة، التي رفضت الكتل كافة المشاركة فيها، ما حدا بها إلى مواصلة الطريق عامًا كاملًا مليئًا بالعقبات والأشواك، إلى أن تُوّجت هذه التجربة بالصدام المباشر بين حركتي فتح وحماس في قطاع غزة، وترجم هذا الصدام بانقسام فلسطيني انعكست آثاره على مجريات الأحداث في الضفة الغربية والقطاع.

في خطابه قبل أيام بـ"مركز الجزيرة للدراسات" صرّح السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بمجموعة من التصريحات، عدّها بعض توجهًا وفكرًا جديدين لحركته، وقد ورد في بعض هذه التصريحات: "إنّ ما حدث في عام 2006م من أعمال احتجاجية وفلتان يشبه الثورة المضادة"، وهو يعني بذلك أن سلوكًا سياسيًّا كان هدفه إفشال حكومة حماس المنتخبة التي أُجبرت على العمل بمفردها عندما رفضت الكتل السياسية مشاركتها، وهو يعترف أن هذه الخطوة من الفصائل أشبه بالتضليل والزج بحماس للعمل بمفردها ليسهل مقاطعتها دوليًّا، وكأن بعضًا فهم من تصريحه أنّه ما كان ينبغي أن تنطلي فكرة الحكم المنفرد لقطاع غزة المحاصر، وإنما كان يجب البحث حينها عن سبل أكثر نجاعة في ذلك.

وأضاف قائلًا: "إنّ صناديق الاقتراع ليست كافية لينفرد طرف ما بإدارة الحكم بمعزل عن شركاء الوطن، وهو ما فعلته حركة النهضة التونسية الإسلامية التوجه التي تخلت عن الحكومة لمصلحة العمل والشراكة"، ومما قاله أيضًا: "التحدي أمام الإسلاميين يتمثل في القدرة على الحفاظ على الشراكة مع الآخرين".

إنّ ما قاله مشعل فيما يخص الشأن الفلسطيني وتعامل حركة حماس معه ليس جديدًا في أغلبه قولًا، فالمراقب للأحداث يرى أنّها توجت عملًا قبل هذه التصريحات من وجهة نظر بعض، ففي قضية الشراكة تبيّن منذ اللحظة الأولى أنّ المقاطعة كانت من الفصائل التي عُرض عليها المشاركة في حكومة وحدة وطنية، ورفضت ذلك، بحجج ومبررات متعددة، وفيما يخص الحكومة إنّ حماس تخلت عنها لمصلحة حكومة توافق وطني عام 2014م، وسلمت مهام إدارة القطاع إلى هذه الحكومة، مع مرونة كبيرة في اختيار الأسماء حتى تغيير بعض الحقائب دون مشورتها، وهذه خطوة باتجاه الوفاق والاتفاق، في حين أنها بينت عدم وقوفها حائلًا أمام أي انتخابات بلدية أو تشريعية أو رئاسية، وأنها ستشارك في أي منها، إن أجريت.

لقد صرّح مشعل أنّ حركته ضد الإقصاء ومع العمل التوافقي، وصرح غيره من قادة العمل الوطني أنّ الإقصاء بأشكاله المختلفة أقرب طريق إلى تمزيق وحدة الصف وشرذمة القضية، ما يؤدي إلى التيه وضياع الهدف.

من هنا إن كانت النتيجة التي وصلت إليها حماس وباقي الفصائل هي العمل الوحدوي، والشراكة العامة في قيادة العمل الوطني؛ فما الخطوة التالية بعد هذه الرؤى والتصريحات والأجواء الإيجابية الحمساوية، خاصّة بعد تأجيل الانتخابات البلدية التي كانت بارقة أمل في دخول منعطف إيجابي في الملف الداخلي الفلسطيني؟، وبعد منعها في قطاع غزة واقتصارها على الضفة الغربية فهل يعني ذلك مزيدًا من الانقسام، ومزيدًا من عزل قطاع غزة عن باقي أراضي السلطة؟، وهل تأجيل الانتخابات هو الرد على تصريحات مشعل، التي كان من بينها استنكاره لفرض قيادة فلسطينية جديدة مرتبطة بمؤامرات تحاك لإيقاع الشعب الفلسطيني في متاهات وصراعات أكثر إيلامًا؟

إذًا ممن ستأتي الخطوة التالية؟، هل ستأتي من السلطة في رام الله بتشكيل حكومة جديدة عمودها الأساس الكادر الفتحاوي، لتتمكن من صدّ المؤامرات أو الوقوف أمام التحديات السياسية (ممارسات الاحتلال من استيطان واجتياحات للأراضي الفلسطينية المحتلة ليل نهار)؟، وما النهج السياسي الذي ستتبعه قيادة السلطة في ضوء فشل طريق التسوية السياسية من جهة وفشل طريق المصالحة الفلسطينية، وتمتين الصف الفلسطيني الداخلي من الجهة الأخرى؟

أم ستأتي هذه الخطوة من حركة حماس، وتستجيب لمطالب حركة فتح والسلطة في رام الله، وعلى رأسها جمع سلاح كتائب القسام، وحلّ كلّ التشكيلات العسكرية خارج إطار السلطة الرسمية، والاعتراف بشروط الرباعية الدولية، التي أصلًا لم تسعف منْ وافق عليها بالوصول إلى حلّ سياسي يعيد الأراضي الفلسطينية المحتلة للشعب الفلسطيني، ولم تسهم في إقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967م؟، أم أنّ حركة حماس ستشكل إدارة سياسية جديدة لقطاع غزة ممّن يرغب من مكونات الشعب الفلسطيني، وتبحث لها ولفلسطينيي القطاع عن مخرج سياسيّ يخفف عنهم أعباء الحصار المفروض، دون أن تتنازل عن نهجها السياسي؟