19.75°القدس
19.54°رام الله
18.86°الخليل
24.65°غزة
19.75° القدس
رام الله19.54°
الخليل18.86°
غزة24.65°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

خذلان الليبراليين والعلمانيين للربيع العربي

حازم عياد
حازم عياد
حازم عياد

في الندوة التي عقدها مركز الشرق في اسطنبول مؤخرا وعرضتها الجزيرة مباشر على الهواء، اتهم المفكر العربي الدكتور بشير نافع الليبراليين والعلمانيين بخيانة الربيع العربي بتحالفهم مع الثورات المضادة ضد الديمقراطيات الصاعدة في عدد من الدول العربية.

لم يكتف نافع بذلك؛ فالاسلاميون شاركوا في العملية الديمقراطية، وقبلوا بالتشاركية والتعددية ومارسوها عمليا في حين انقلب عليها الليبراليون والعلمانيون، واطلقوا شعار ان الديمقراطية ليست مجرد صندوق اقتراع! داعيا الليبراليين والعلمانيين الى إثبات التزامهم بالتعددية والديمقراطية وخيارات الشعوب.

لم يعد السؤال هل يقبل الاسلاميون بالديمقراطية والتعددية، ولكن السؤال الان: هل يقبل أدعياء الليبرالية والعلمانيون بنتائج صناديق الاقتراع وبالحوار الفكري دون اقصاء للمرجعية الحضارية الاسلامية، والاكتفاء بالمرجعية الغربية، ام انهم سينقلبون عليها بدعوى الدفاع عن التعددية والدولة المدنية التي يتخيلون في اذهانهم، معتبرين اي خسارة في الصناديق اقصاء لهم ولمرجعيتهم الفكرية؟

هل سيتوقف بعض ادعياء الليبرالية عن الاستعانة والاستقواء بالقوى الغربية للانقلاب على ارادة الشعوب العربية والاسلامية المعبر عنها في صناديق الاقتراع؟ هل سيتوقفون عن التحريض والتهديد بالانقلابات والثورات المضادة وحملات التشويه وسيقبلون بنتائج الصناديق؟

أسئلة برسم الاجابة؛ فالموضوع لا يتعلق بمفهوم الدولة المدنية الذي بات محلا للنقاش، وله تأصيل حقيقي في الاسلام، والتجارب الاصلاحية منذ عهد الحسن والحسين الى الغزالي فابن تيمية، وليس انتهاء براشد الغنوشي تأصيل بدأ بالعقد الاجتماعي في المدينة المنورة.

فالدولة المدنية ليس بالضرورة علمانية كدولة قسطنطين بعد مؤتمر نيقية عام 325م، التي انتهت بالقول «دع ما لقيصر لقيصر وما لله.. لله»، فجل ما اراده قسطنطين الاحتفاظ بالسلطة.

الحضارة الاسلامية قدمت نموذجا مغايرا للعقد الاجتماعي مختلف في المنطلقات والفرضيات الاساسية لما حدث في مؤتمر نيقية بين اتباع الدين الجديد في الدول البيزنيطية والاباطرة؛ فهل يقبل الليبراليون العرب ان تكون المنطلقات الحضارية مشتقة من الحضارة الاسلامية ام ان المرجعية ستكون غربية بحته وامتداد لرؤية قسطنطين واحفاده.

الدولة المدنية تبدأ بالاعتراف الواضح بسلطة الصناديق وخيارات الشعوب الثقافية والفلسفية دون مساومات انتهازية ومرحلية لا تصمد طويلا امام الواقع المتغير؛ فهي ليست مجرد قوانين تخدم فئة بعينها ومرحلة بذاتها، وإنما قرار وعقد اجتماعي قبل كل شيء يعكس الاوزان الحقيقية في المجتمعات العربية والاسلامية وتطلعاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بعيدا عن التوازنات الدولية المتغيرة والمتقلبة التي تهدد بعودة النازية والفاشية وحكم الاباطرة في روسيا؛ متحولا الى مجرد استلاب حضاري مبتعدا عن التطور الفكري والاجتماعي المحلي الصحي الذي ناضل مفكرون عرب ومسلمون على مدى الـ1400 عام في الدفاع عنه في مواجهة الدولة العميقة لكسرى وقيصر.

هي دعوة لتحديد المنطلقات الفكرية والهُوياتية والثقافية لأسس الحوار، بعيدا عن الاستلاب الفكري والتبعية نحو بناء النموذج والتجربة الحضارية والعربية الذاتية؛ وبعيدا عن الانقلابات والفوقية الاوروبية والمشاريع والاجندات الفوضوية او النقاشات السطحية.