19.75°القدس
19.54°رام الله
18.86°الخليل
24.65°غزة
19.75° القدس
رام الله19.54°
الخليل18.86°
غزة24.65°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

وصايا الصديق إلى قادة الجيش الإسلامي العريق

خالد الخالدي
خالد الخالدي
خالد الخالدي

سجل التاريخ وصايا الصديق إلى قادة الجيش الإسلامي، المتوجه لفتح الشام وفلسطين، وهي وصايا تبين عقيدة الصحابة الكرام وإيمانهم وتقواهم وإخلاصهم وصدقهم وتجردهم، ووعيهم، وذكاءهم، وحكمتهم، وخبرتهم، وقدراتهم، وعقليتهم الذكية، وهمتهم العليَّة، واستعدادهم للتضحية بالروح والمال والجهد.

وتصلح هذه الوصايا منهجاً يتربى عليه القادة والعلماء والمجاهدون وكل العاملين على تحرير القدس من قبضة أهل الباطل اليهود.

فقد أوصى أبو بكر يزيدَ بن أبي سفيان قائد أول جيش توجه لفتح الشام، فقال:" عليك بتقوى الله، فإنه يرى من باطنك مثلَ الذي يرى من ظاهرك، وإن أولى الناسِ بالناس أشدُّهم تولياً له، وأقربُ الناس من الله؛ أشدهم تقرباً إليه بعمله...وإذا قدمت على جندك فأحسن صحبتهم، وابدأهم بالخير، وعِدْهم إياه، وإذا وعظتهم فأوجز، فإنّ كثيرَ الكلامِ يُنسي بعضُه بعضاً، فأصلح نفسك يصلح الناسُ لك، وصلِّ الصلوات الخمس لأوقاتها، بإتمامِ ركوعها وسجودها والتخشع فيها، وإذا قدم عليك رسلُ عدوك فأكرمهم، وأقلل لُبْثَهم حتى يخرجوا من عسكرك وهم جاهلون به، ولا تريثّْهُم فيروا خللك، ويعلموا علمك، وأنزلهم في ثروة عسكرك، وامنع مَنْ قِبَلَك من محادثتهم، وكن أنت المتولي لكلامهم، ولا تجعل سرك كعلانيتك، وإذا استشرتَ فاصدق الحديث تُصدَقْ المشورة، ولا تخزن عن المشيرِ خبرَك فتؤتى من قِبَلِ نفسِك، واسمر بالليل في أصحابك تأتك الأخبار، وتنكشفُ عنك الأستار، وأذْكِ حرسَك وبدِّدْهُم في عسكرك، وأكثر مفاجأتهم في محارسهم بغير علم منهم بك، فمن وجدْتَه غفِل عن محرسه فأحسن أدبه، وعاقبه في غير إفراط، ... ولا تجالس العيابين، وجالس أهل الصدق والوفاء، واصدق اللقاء، ولا تجبن فتجبن الناس، واجتنب الغلول، فإنه يقرب الفقر، ويدفع النصر، وستجدون أقواماً حبسوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما حبسوا أنفسهم .

وفي وصية أخرى إلى يزيد قال له:" يا يزيد إني أوصيك بتقوى الله، وطاعته، والإيثار له، والخوف منه، وإذا لقيت العدو فأظفركم الله بهم، فلا تغلل، ولا تُمَثِّلْ، ولا تغدر، ولا تجبن، ولا تقتلوا وليداً، ولا شيخاً كبيراً، ولا امرأة، ولا تحرقوا نخلاً ولا تقعره، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تعقروا بهيمة إلا لمأكلة، وستمرُّون بقوم في الصوامع يزعمون أنهم حبسوا أنفسهم لله، فدعوهم وما حبسوا أنفسهم له ... فإذا لقيتم العدو من المشركين فادعوهم إلى ثلاث خصال، فإذا أجابوكم فاقبلوا منهم، وكفوا عنهم،... ادعوهم إلى الإسلام... فإن هم أبوا أن يدخلوا الإسلام فادعوهم إلى الجزية، فإن هم فعلوا فاقبلوا منهم وكفوا عنهم، فإن هم أبوا أن يدخلوا الإسلام فادعوهم إلى الجزية، فإن هم فعلوا فاقبلوا منهم، وكُفُّوا عنهم، فإن هم أبوا فاستعينوا بالله عليهم، فقاتلوهم إن شاء الله، ولينصرنَّ الله من ينصُرُه ورسُلَه بالغيب".

وقال أبو بكر لأبي عبيدة قبيل خروجه إلى الشام :اسمع سماع من يريد أن يفهمَ ما قيل له ثم يعملُ بما أُمر به، إنك تخرج في أشراف العرب وبيوتات الناس وصلحاء المسلمين وفرسان الجاهلية كانوا إذ ذاك يقاتلون حَمِيّةً وهم اليوم يقاتلون على النية الحسنة والحسبة، أحسن صحبة من صحبك، ولْيكونوا عندك في الحق سواء، فاستعن بالله وكفى به معينا، وتوكل عليه وكفى بالله وكيلا، اخرج من غدٍ إن شاء الله" ... فلما كان من الغد خرج أبو بكر رضى الله عنه يمشي في رجال من المسلمين حتى أتى أبا عبيدة، فسار معه حتى بلغ ثنية الوداع، ثم قال حين أراد أن يفارقه:" يا أبا عبيدة اعمل صالحاً وعش مجاهداً وتوفَّ شهيداً يعطك الله كتابك بيمينك، ولتقرَّ عينُك في دنياك وآخرتك، فو الله إني لأرجو أن تكون من التوابين الأوابين المخبتين الزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة، إن الله قد صنع بك خيراً وساقه إليك إذ جعلك تسير في جيش من المسلمين إلى عدوه من المشركين، فقاتل من كفر بالله وأشرك به وعبد معه غيره" .

وفي وداعه لعمرو بن العاص، قال أبو بكر الصديق-رضي الله عنه- : " اتق الله في سرك وعلانيتك، واستحيه في خلواتك، فإنه يراك في عملك، وقد رأيتَ تقدمتي لك على من هو أقدم منك سابقة، وأقدم حرمة، فكن من عمال الآخرة، وأرِد بعملك وجه الله، وكن والداً لمن معك، وارفق بهم في السير، فإن فيهم أهل ضعف، والله ناصر دينه ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، واذا سرت بجيشك فلا تسر في الطريق التي سار فيها يزيد وربيعة وشرحبيل، بل اسلك طريق أيليا، حتى تنتهيَ إلى أرض فلسطين" ... وإياك والوهن، أن تقولَ جعلني ابن أبي قحافة في نحر العدو، ولا قوة لي به، وقد رأيتَ يا عمرو ونحن في مواطن كثيرة، ونحن نلاقي ما نلاقي من جموع المشركين، ونحن في قلة من عدونا، ثم رأيت يوم حنين ما نصر الله عليهم، واعلم يا عمرو أنّ معك المهاجرين والأنصار من أهل بدر فأكرمهم، واعرف حقهم، ولا تتطاول عليهم بسلطانك، ولا تداخلك نجدةُ الشيطان، فتقولَ إنما ولاني أبو بكر لأني خيرُهم، وإياك وخداعُ النفس، وكن كأحدهم، وشاورهم فيما تريد من أمرك، والصلاةَ ثم الصلاة، أذِّن بها إذا دخل وقتُها، ولا تُصلِّ صلاةً إلا بأذان يسمعُه أهلُ العسكر، ثم ابرز وصل بمن رغب في الصلاة معك، فذلك أفضل له، ومن صلاها وحده أجزأته صلاته، واحذر من عدوك" ، وأصلح نفسك تصلح لك رعيتك، وكن عليهم كالوالد الشفيق الرفيق...وألزم أصحابك قراءة القرآن، وانههم عن ذكر الجاهلية، وما كان منها فإن ذلك يورث العداوة بينهم، وأعرض عن زهرة الدنيا حتى تلتقي بمن مضى من سلفك، وكن من الأئمة الممدوحين في القرآن، اذ يقول الله تعالى وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا اليهم فعل الخيرات وإقامَ الصلاةِ وإيتاءَ الزكاةِ وكانوا لنا عابدين .

والمتأمل في تفاصيل أحداث الفتوح الإسلامية للشام وغيرها يلاحظ أن قادة الجيوش وجنودهم التزموا بهذه الوصايا، فاستحقوا النصر العظيم والفتح المبين.