لقيت الخطوة التي قامت بها صحيفة القدس بإجراء مقابلة مطولة مع وزير الحرب الإسرائيلي "أفيغدور ليبرمان" نشرتها في عددها الصادر اليوم الاثنين، استنكارا وسخطا كبيرين، من المؤسسات الصحفية والإعلامية الرسمية والأهلية والشعبية، وكذلك تفاعلا غاضبا جدا من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.
ودعا النشطاء إلى مقاطعة الصحيفة، وأطلقوا "هاتشاغ"، خاص بذلك، تحت وسم #اعلام_التطبيع، مؤكدين أنه لا يمكن ان تمر هذه الخطوة دون عقاب، وليس أقل من مقاطعة الصحيفة وعدم التعامل معها.
منبرا للقاتل
وذكرت وزارة الاعلام في بيان لها "كنا نتمنى أن لا تمنح صحيفة القدس العريقة منبراً لقاتل، وأن لا تمرر الكثير من المصطلحات والمفردات المرفوضة، التي وظفها ليبرمان بعدائية مريعة".
وقالت إن "الوزير المولود في مولدوفيا بعد عشر سنوات من النكبة، يخلط الأوراق وهو يجيد هذه (اللعبة)، فيستميت في الدفاع عن الاحتلال والاستيطان، ويتفاخر بأنه يقيم في مستوطنة "نكوديم"، ويكرر مرات ومرات مصطلح "يهودا والسامرة"، ويتمسك بـ"جبل الهيكل"، ويطلق التهديد والوعيد بتدمير غزة بالكامل.
وأضافت: "بالفم الملآن يضع مقياس "حل الدولتنين"، فهو ليس من أنصار "الأرض مقابل السلام"، ويرسم أحلامه بـ"تبادل الأرض والسكان".
وتابعت: "ويقول إن الفصل بين الشعبين هو الأفضل"، ويدعي أن المستوطنين يتعرضون لاعتداءات يومية، ولا يأتي على ذكر القتل الإسرائيلي بدم بارد لأبناء شعبنا، ويُقدم فكرة الاحتلال باعتباره "سوء فهم"، ويؤكد أن لا مشكلة في إعادة احتلال غزة".
وأكملت الوزارة: "يبرع ليبرمان في المغالطات التاريخية، ويدعي أن إسرائيل أعطت سيناء لمصر وكأن الأرض العربية المحتلة منحة لليبرمان ومن يحملون أفكاره المتطرفة، وأن تاريخها بدأ بعد قيام دولة الاحتلال عام 1948، التي صارت اليوم الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط كما يتفاخر".
ونوهت إلى أن ليبرمان تجاهل فصول النكبة الفلسطينية المريرة، وتدمير مئات المدن والقرى الفلسطينية، وتهجير الآلاف من أبناء شعبنا إلى دول الجوار، متباكياً على وجود مليون قتيل و8 ملايين مهجر في سوريا، من بينهم "6000 ألاف قتيل فلسطيني.
وبيّنت أنه تناسى أن اللاجئين في مخيمات سوريا؛ أجبروا على ترك أرضهم بفعل عمليات التطهير العرقي التي ارتكبتها عصابات "الهاغاناة" و"الشتيرن" و"الأرجون"، قبل أن يصل ليبرمان المهاجر الجديد من البلاد الباردة عام 1978!.
وأردفت قائلةً: "ويدعم الوزير الذي يتعلم العربية منذ سنوات كما يقول حل الدولتين، غير أنها بمواصفاته العنصرية المتطرفة: الاحتفاظ بالمستوطنات، و"الفصل بين الشعبين"، ويتباهى بأنه "مستوطن يعيش في جنوب صحراء يهودا، ولديه الكثير من الجيران الفلسطينيين؟!".
ولفتت الوزارة إلى أن ليبرمان يعيد التلويح بتدمير غزة بالكامل، ولا يترك فرصة للتحريض على الرئيس محمود عباس إلا وأطلق لها العنان: "أبو مازن يفكر كثائر، ويستعد للقتال، وليس لتوقيع اتفاق نهائي"، و"أبو مازن أكبر عائق للاقتصاد الفلسطيني"، و"أبو مازن لا يزور نابلس وطولكرم ويزور باريس ولندن ونيويورك".
"تطبيع خبيث"
بدورها، أدانت كتلة الصحفي الفلسطيني بشدة ما أقدمت عليه صحيفة القدس اليومية من نشر حوار مطول مع وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، واعتبرته "تطبيع خبيث".
واعتبرت الكتلة في بيان وصل "فلسطين الآن" الاثنين، "أن هذا الحوار محاولة تطبيعية خبيثة وتعد صارخ على مشاعر الشعب الفلسطيني وأهالي الشهداء، والأسرى".
وقالت إن إجراء الحوار مع "ليبرمان" ضربة لجهود المتضامنين في كل أنحاء العالم مع حقوق الشعب الفلسطيني.
وأضافت "هذه الجريمة الأخلاقية والوطنية تستوجب وقفة من كل أحرار الشعب الفلسطيني ومقاطعة الصحيفة ورفع دعوى قضائية ضد القائمين عليها".
مقاطعة الصحيفة
من جهتها، طالبت اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة، صحيفة القدس بالاعتذار إلى الشعب الفلسطيني عن نشرها لمقابلة صحفية مع وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان.
وقالت اللجنة خلال بيان لها، وصل "فلسطين الآن" نسخة منه، إن على صحيفة القدس وقف نشر كل بيانات وإعلانات حكومة الاحتلال وجيشها ومخابراتها وأجهزتها، وعدم التعامل مع شخصيات تمثل مؤسسات وحكومة الاحتلال، أو التي تدافع عن الصهيونية وجرائم الاحتلال بحقنا.
وأضافت اللجنة، "أنه في حال لم تستجب إدارة “صحيفة القدس” لهذا الطلب المنطقي، فعليها أن تتوقع من الكثيرين في أوساط شعبنا ومؤسساته أن يقاطعوا نشر إعالناتهم في صحيفة تروج للاحتلال، والامتناع عن شرائها والاشتراك فيها".
وبينت اللجنة، أن قيام أي من وسائل الاعلام الفلسطيني بخدمة "البروباغاندا الصهيونية المتطرفة" لنظام الاحتلال، لا يمكن أن يندرج تحت حرية الصحافة وحرية التعبير، بل هو تطبيع إعلامي يرقى إلى درجة التواطؤ.
وقد سبق أن دعت نقابة الصحفيين الفلسطينيين واللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة "إسرائيل" وسائل الاعلام العربية، بما فيها الفلسطينية، في بيان مشترك "إلى وقف استضافة الشخصيات الإسرائيلية التي تمثل حكومة أو مؤسسات الاحتلال أو التي تدافع عن الصهيونية والجرائم الإسرائيلية التي تقترف بحق شعبنا وأمتنا".
