مؤتمر فلسطينيي أوروبا العاشر ينعقد في كوبنهاجن بالدنمارك في 28/4/2012م ، في الذكرى الرابعة والستين للنكبة الفلسطينية في عام 1948، المؤتمر استضاف أعداداً كبيرة من الفلسطينيين في أوروبا وخارج أوروبا وبثت الفضائيات الجلسة الافتتاحية للمؤتمر التي افتتحت بكلمة الرئيس التونسي منصف المرزوقي ، وتحدث بعده شخصيات فلسطينية اعتبارية تشارك في النشاط العام من أجل فلسطين ومن أجل التحرير. استمعت لجل المتحدثين فوجدت في أحاديثهم رسائل مشتركة ذات مضامين واحدة ومحددة . ولعل أهم مضمون أرسله المؤتمر إلى الفضاء العالمي هو (حق العودة إلى فلسطين المحتلة). لم يتخل الفلسطينيون في أوروبا عن حقهم الشرعي والقانوني والتاريخي في العودة إلى فلسطين . هم لم يتحدثوا عن العودة إلى غزة أو رام الله ، بل تحدثوا عن حق العودة إلى يافا وعكا وحيفا واللد والرملة وسائر مدن وقرى فلسطين المحتلة، والمدهش في كلام المتحدثين تلكم الروح الإيجابية المتفائلة بتحقق العودة في المدى القريب الذي حدده بعضهم في بضع سنين . لست أدري كيف سيتعامل قائد السلطة الفلسطينية مع هذا المطلب الجمعي الفلسطيني الذي يؤكد على حق العودة إلى فلسطين المحتلة ، بينما هو يتفاوض على مطلب أدنى مغاير تماماً لمطلب الشعب وروح الشعب ، الشعب في كوبنهاجن وفي سائر الشتات الفلسطيني يتحدث عن التحرير ، ويتحدث عن عودة ، وهو يبحث في مفاوضاته عن صدقات الاحتلال، في ضوء هذه المفارقة الصادمة، نسأل من الذي يقود الشعب ويدير مصالحه؟! هل يتقبل الشعب قيادة السلطة له ، وهي تعمل من خارج الإرادة الشعبية؟! وكيف للشعب أن يستعيد حقه في القيادة حتى يتمكن من خدمة مطلبه في حق العودة والتحرير ؟! نريد من مؤتمر كوبنهاجن والشتات الفلسطيني أن يتقدم خطوة إلى الأمام لمطابقة القول بالعمل ، أنت تريد العودة إلى فلسطين المحتلة ، ومن يقود السلطة و م.ت.ف ، يعمل بمعزل عما يريده الشعب ، أو يريده مؤتمر فلسطينيي أوروبا العاشر . كيف يمكن تصحيح انحراف قيادة السلطة في هذه المسألة ، لا شك أن قيادة م.ت.ف والسلطة قد قدمت تنازلات خطيرة في مسألة التحرير وفي مسألة حق العودة ، فمن يتصدى لهذه التنازلات ؟! ومن الذي يصحح هذا الانحراف ؟! إذا كان كوبنهاجن يتحدث عن التحرير في بضع سنين ، ويرى في الربيع العربي الذي أزهر الثورات التونسية والمصرية والليبية واليمنية والسورية دليلاً على قرب موعد التحرير و العودة، إذا كان الأمر كذلك فهل يمكن أن يتحقق هذا الأمل على يد قيادة تنازلت عن حق الفلسطيني في أرضه عام 1948م، وتنازلت عن حق العودة بإيجاد مرجعية تفاوضية بينها وبين المحتل بدلاً من التمسك بالشرعية الدولية التي قررت حق الفلسطيني بالعودة إلى وطنه بيته ومسكنه ، وجعلته شرطاً للاعتراف بـ (إسرائيل). الحديث عن التحرير ، والعودة ، كحقوق فلسطينية ثابتة، غير قابلة للتصرف ، في المؤتمرات والمهرجانات التي تشحن العاطفة، وتحيي الأمل في النفوس هو حديث جيد ومفيد ، ولكن البقاء عند هذه الآفاق النفسية والعاطفية هو حديث ممل ومكرر ، ولا يؤثر في الاحتلال ، والأجدى هو البحث في الخطوة التالية للحديث العاطفي المكرر ، وأول إجراء هو تجديد القيادة الفلسطينية بحيث تأتي قيادة تتماهى مع الإرادة الشعبية ، ويجعلها مرجعيته في العمل.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.