19.44°القدس
19.28°رام الله
18.3°الخليل
24.47°غزة
19.44° القدس
رام الله19.28°
الخليل18.3°
غزة24.47°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

الدستوكتاتورية

محمد رمضان الأغا
محمد رمضان الأغا
محمد رمضان الأغا

يعرف فقهاء القانون "الدستور" بأنه مرجعية كل القوانين التي تحكم الدولة أو أنه القانون الأعلى أو الاسمى أو أنه أب أو أم كل القوانين؛ وإذا تعارض أي قانون أو نظام أو قرار مع الدستور فإن هذا يلغيه فورا وبدون كثير نقاش، وفي حال أي خلاف حول هذه القضايا تكون المحكمة الدستورية هي الحكم في معظم الدول.

وكلمة الدستور فارسية الأصل وتعني باختصار القاعدة وتتكون من المقطعين (دست) و (اور). ويطلق البعض على الدستور (القانون الأساسي) في الدولة وهو الذي يبين أهداف الدولة ويضع الإطار السياسي والاجتماعي والاقتصادي لها، والدستور هو الوثيقة الوحيدة التي تنشئ السلطات المختلفة وتقنن اختصاصاتها، وعليه فإن هذه السلطات الناشئة تحترم الدستور لأنه سند وجودها بل جذر وجودها وأصله، وكل اختصاصات وصلاحيات السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مفوضة لهم بواسطة الدستور ومنصوص على ذلك فيه صراحة وتركيزا ، وينشئ الدستور المحكمة الدستورية وهي التي تعتبر أعلى سلطة قضائية في البلد؛ ويحدد الدستور طريقة اختيار قضاتها وصلاحياتها، وهي صاحبة القول الفصل حول توافق أي قرار أو مرسوم أو قانون أو حكم قضائي مع الدستور أو تعارضه.

والمعروف أن الدستور ينشأ بسلطة عليا مستمدة من الشعب وجميع قواه الحية والفاعلة؛ ونشأته بلا شك تختلف عن نشأة القوانين الأخرى وأي تعديلات فيه تحتاج على الأقل إجراءات مختلفة عن إجراءات تعديل القوانين المشتقة منه.

ولقد فوجئ الفلسطينيون بقيام المحكمة الدستورية بمنح السلطة التنفيذية صلاحيات لم ترد في الدستور إطلاقا ولا يوجد في الدستور أو القانون الأساسي كما يسمى في بلادنا أي ثغرات قانونية أو دستورية تسمح بمثل ذلك، ويشمل ذلك منح السلطة التنفيذية حق فصل أعضاء المجلس التشريعي أو البرلمان الفلسطيني، حيث إن أعضاء البرلمان يمتلكون حصانة برلمانية بمجرد انتخابهم حسب الدستور والقوانين المعمول بها وقتها، والمعروف أيضا أن المجلس التشريعي هو الذي يملك حق حل نفسه ولا تملك أي سلطة أخرى حق حله. ومعروف أيضا أن المجلس التشريعي يستمر في أداء عمله حتى لو انتهت فترته القانونية حتى يسلم سلطته التشريعية إلى مجلس آخر منتخب.

إن من ألف باء المبادئ الدستورية مبدأ الفصل بين السلطات وعدم تدخل سلطة في عمل أو صلاحيات السلطة الأخرى، وإن إجراء الانتخابات والمصالحة وعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبيل الانقسام لهو الحل الأمثل لكل مشاكلنا ولرفع المعاناة عن شعبنا ومن أجل تلاحم وتماسك قواه الحية والفاعلة في سبيل توحيد الصفوف وعمل الجميع من أجل مشروعنا الوطني التحرري الذي يعتبر حلم كل أبناء شعبنا العظيم أطفالا وشبابا و نساء وشيوخا.

إن تسييس القضاء بلا شك يؤخر كثيرًا من تحقيق طموحات شعبنا وآماله ولا شك يشغل قواه في قضايا غير تلك التي يحاول تركيز جهوده فيها ويفتح بابًا نحن في غنى عنه. القضاء النزيه لا يمكن أن ينحاز في الصراعات السياسية والخلافات في الرأي بل يحاول دائما بذل كل جهوده المخلصة وبنوايا صادقة العمل على جسر الفجوة وتقريب وجهات النظر من خلال التطبيق الأمين للقوانين وتحري العدالة التي تحمي مجتمعنا المقاوم والطامح نحو تحقيق آماله السياسية كما كل شعوب الكون.

القضاء لا يمكن أن يتلوث بالسياسة وليس مسموحا للسياسة أن تلوث القضاء أو تنتهك استقلاليته ونزاهته وثقة الناس به، وبغض النظر عن أي خلافات أو اصطفافات سياسية أو ثقافية أو فكرية فإن على المخلصين من أبناء هذا الشعب أن يضعوا حدا لهكذا تدخلات وأن يوقفوا كل من يحاول المساس بالسلطة القضائية أو التشريعية. إن ما نشهده هو تراجع خطير في هيبة السلطة القضائية وآخر في هيبة السلطة التشريعية وهما السلطتان الوازنتان اللتان تتوخيان دائما نشر العدالة وتشريع القوانين التي تعمل من أجل ترسيخ الحق والعدل لشعب يتوق لهما وبذل دمه وما زال من أجل حريته التي يحميها القانون بعدالته والدستور بسموه.