20°القدس
19.83°رام الله
18.86°الخليل
24.98°غزة
20° القدس
رام الله19.83°
الخليل18.86°
غزة24.98°
الأحد 06 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

فوز ترامب استجابة للعقلية الأمريكية وجيشها السري

محمد رمضان الأغا
محمد رمضان الأغا
محمد رمضان الأغا

تتميز العقلية الأمريكية بالتسرع في الحكم على الأشياء والتسرع في اتخاذ القرار. وأميركا هي رائدة صناعة الوجبات السريعة والقفزات المفاجئة وتلفيق الإشاعات وتحويل الحقائق إلى أوهام والأوهام إلى حقائق. هي العقلية التي تخيلت ببنات أفكارها أنها ستهزم فيتنام فلقنها الفيتناميون درسا قاسيا لا زالت حتى اللحظة تتجرع آلامه ومواجعه. وظنت يوما ان أفغانستان مجرد مجموعة قبائل بدائية فأسرعت نحوها تحرق وتدمر وتهدم وتقتل حتى لقنها شعب الأفغان درسا قاسيا آخر ما زالت تعد بعده قبور جنودها الطائرة من فيتنام وأفغانستان مسببة أرقا شديدا لصانع القرار وكذلك المواطن العادي الذي فقد قريبا له من الدرجة الأولى أو الثانية أو حتى الثالثة فالشعب الأميركي ما زال متحسسا من هذه الدروس.

ولم يتعلم الأميركي من الدرسين الفيتنامي والافغاني بل ذهب نحو العراق ليغرق في مستنقعها ويعترف بأنه قد لفق أسبابا كاذبة لغزو العراق، ثم يعترف تارة أخرى أن مشكلة أميركا في العراق أنها لم تقدر جيدا الموقف هناك وأنها قد ذهبت لخوض حرب مع شعب موغل في الحضارة والتاريخ والثقافة ولا يمكن أن يستسلم بسهولة فغادرت العراق واعترفت مرة ثالثة أنها نجحت في احتلال العراق لتسليمه لإيران.

مرة أخرى تأتي هيلاري كلنتون كمرشحة ديمقراطية لرئاسة أميركا وتحاول خطاب العقل الأميركي الذي تفيد معظم تجاربه أن خطاب العقل فيه قد أصبح صعبا. فهي تخاطب العقل في حقوق الإنسان الأميركي والأقليات ومشكلة الشرق الأوسط وغير ذلك ويدرك الأمريكان لحظتها أنها نفس خطابات أوباما الديمقراطي والذي صنفته مراكز الفكر الاستراتيجي الأميركي بأنه أفشل رئيس مر على تاريخ أميركا وأنه لا يملك أي رؤية استراتيجية وأنه لم يضف جديدا إلى أميركا المعاصرة أو إلى ما سوف يسجله تاريخها. وعليه فهل سيقع الأميركي مرة أخرى في فخ الديمقراطيين ليعيدوا تكرار ثماني سنوات أوبامية ديمقراطية وثماني أخرى كلينتونية لتعيد هيلاري نسخا متكررة من أوباما ومن زوجها الرئيس الأسبق.

لقد استطاع ترامب رغم الحرب الشعواء التي أطلقها عليه الجمهوريون من حزبه والديمقراطيون من خصومه أن يسحق هؤلاء وهؤلاء بسهولة فهو لم يستسلم لحرب الإشاعات ولا حرب الإعلام ولا الداعيات السوداء أو حتى الكوميديا السوداء واستمر يكتسح كل ذلك بشراسة بل و ببلادة وربما استغباء أيضا.

استطاع ترامب أن يقفز فوق خطاب العقل ليخاطب القشرة ويخاطب السطح ويخاطب طبقة الجلد الخارجية في العقل الأميركي الذي تمت صناعته على مدار عقود ليكون منطويا داخل نواة الولايات المتحدة ليلعب حكامها في السياسة الخارجية كما يشاؤون ووفق حشوة عقلية محكمة تؤتي ثمارها حسب إرادة اللوبيات الساحرة الساخرة للعقلية ومنها.

جاء ترامب ليخاطب الأميركي البسيط انه لن يدفع سنتا واحدا لحرب هنا أو هناك وان على دول الخليج التي تدين له برخصة وجودها أن تدفع ثمن الحرب وتمول المشاريع الأميركية في المنطقة فأميركا عليها ديون تجاوزت 19 تريليون دولار وأولوياتها سداد هذه الديون لتوليد فرص عمل جديدة وزيادة رفاهية المواطن الأميركي. برغم أن مثل هذا الخطاب سهل في كلماته عسير في تنفيذه أو قابليته للتحقق.

خاطب ترامب أيضا العقل الأميركي بدعاية رعاة البقر والكاوبوي وهو يستخدم لغة جسده بطريقة حيرت علماء لغة الجسد؛ بل مكثوا شهورا يتهمونه بالغرابة واللاموضوعية؛ إضافة إلى حركاته الإرادية واللاإرادية التي بلا شك لاقت قبولا عند الملايين من الناخبين خصوصا الشباب الذين سئموا الخطابات الروتينية المكرورة للديمقراطيين ممثلين في أوباما وكلنتون من قبله. وهم الذين أطلق عليهم ترامب بالجيش الانتخابي السري الذي سيفاجئ العالم بخروجه في يوم الانتخابات ليسحق هيلاري والعقلية التقليدية لاميركا؛ التي أصبح خطابها دون التقليدي وبدون إضافات حقيقية إلى رصيد أميركا الكوني.

عادة الأميركي اذا دخل مطعما لأول مرة بحث عن الغريب من الطعام؛ فتجده مباشرة يطلب الغريب والجديد ويقول دعني اجرب هذا؛ ولا شك أن الأميركي وجد خطابا جديدا بعيدا عن التقليدية التي يتحدث بها الديمقراطيون والجمهوريون؛ فلا شك أنه قال لنفسه: دعني اجرب رئيسا جديدا وغريبا ومختلفا عن كل السابقين.