19.44°القدس
19.28°رام الله
18.3°الخليل
24.47°غزة
19.44° القدس
رام الله19.28°
الخليل18.3°
غزة24.47°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

الأنفاق تنتصر في حربين

محمد رمضان الأغا
محمد رمضان الأغا
محمد رمضان الأغا

خلال عدوان 2014 وبعده اعترف استراتيجيين صهاينة وأمريكان في دراسات تقييمية للحرب ونتائجها؛ فكانت أهم النتائج أن استخدام المقاومة للأنفاق قد أربك الهجوم الصهيوني وحوله إلى دفاع بل قد أوقف الهجوم الأرضي تماما. فلم يعد يومها الهجوم الأرضي لديه القدرة على تحقيق النصر أو حتى جزء يسير منه. إضافة إلى تقرير أمريكي نشره أحد مراكز التفكير الاستراتيجي بأمريكا يقول إن أهم النجاحات التي حققتها المقاومة الفلسطينية هي فتح جبهتين جديدتين خلال هذه الحرب: الجبهة الأولى هي جبهة الأنفاق تحت الأرض ومثلت سلاحا استراتيجيا للمقاومة فاجأ الجيش الصهيوني وعمل على شل مخططاته.

أما الجبهة الثانية فهي الاختراق الذي حدث على جبهة البحر وقدرة مجموعة من الضفادع البشرية الفلسطينية المدربة جيدا على النفاذ خلف الخطوط البحرية والبرية الصهيونية وخوض معركة طويلة لعدة ساعات. هذه المعركة لم تكن اختراقا للحدود البحرية والبرية فقط بل كان الأخطر فيها هو الاختراق الاستخباراتي والأمني حيث لم تستطع استخبارات العدو وقوات أمنه بكل أفرعها أن تحصل على معلومات خاصة بالعملية البحرية.

إذًا نستخلص من ذلك أن العدو الصهيوني قد أربكته مفاجأة الأنفاق ومفاجأة البحرية خلال المعركة العسكرية مما عمل على تشتيت قواه ونقل إمدادات جديدة إلى أماكن أخرى متوقعة لم تكن في الحسبان قبل المعركة أو أثناء التخطيط لها.

أما المعركة الثانية فهي آثار المعركة العسكرية السياسية والقانونية والتي لا تزال تتفاعل منذ ذلك الوقت وحتى اليوم. من خلال الهجوم الصحفي العنيف على المستوى السياسي على مدار عامين ونيف باتهامات مختلفة للحكومة المصغرة واتهامات أخرى لنتنياهو ومن حوله.

لكن الأخطر هو ما كشف عنه مراقب الدولة في تقريره الذي انتهى منه منذ فترة قريبة وفيه يوجه الاتهام إلى جهات ثلاث رسمية في الدولة.

الأولى: رئيس الوزراء لعدم إحاطته أعضاء حكومته المصغرة أو الكابينت بتفاصيل معركة الأنفاق وتعقيداتها والصعوبات التي واجهت الجيش في الميدان والاختراقات العديدة للمقاومة الفلسطينية لما وراء الحدود الأمر الذي جعل الحرب تراوح مكانها وأفقد القوات البرية وظيفتها الأساسية التي كان معوّلا عليها. مع أن الصحافة العبرية قامت بتسريب معلومات حول محاولات مستميتة من نتنياهو لإبعاد التهمة عنه حول مسؤوليته عن الفشل في إدارة هذه الحرب والخروج بما يحفظ ماء وجه الدولة والجيش باعتباره مصنفا الجيش الأول في المنطقة.

أما الجهة الثانية فهي الفشل الاستخباري الصهيوني في الحصول على معلومات تعمل على إحباط الخطط الفلسطينية الهجومية وعدم بذل جهد استخباري كافٍ لمعرفة الأنفاق الهجومية وخرائطها وتلك التي تخترق خطوط التماس.

أما الجهة الثالثة فهي الجيش الصهيوني نفسه الذي يحمله التقرير عدم القيام بتدريبات خاصة باقتحام الأنفاق والحرب بداخلها إضافة إلى عدم قدرته على التوغل البري وخوض معارك فاصلة مع المقاومة. ويحاول الجيش منذ بزوغ الحروف الأولى من التقرير أن يتهرب أيضا من تحمل المسؤولية ليلقي بها على المستويات الأخرى سياسية واستخباراتية.

وعليه فمن مستخلصات هذه الحرب دور الأنفاق كسلاح استراتيجي ونفسي ومعنوي فهو قد فتح العديد من الجبهات مع كافة المستويات الصهيونية المسؤولة سياسيا وعسكريا واستخباراتيا إضافة إلى المعركة المجتمعية التي أجبرت أربعة ملايين صهيوني على الرحيل إلى الملاجئ. بل أكثر من ذلك أن أميركا قد دخلت حرب الأدمغة إلى جانب العدو الصهيوني من أجل تفكيك لغز الأنفاق.