أكد باحثون ومحللون فلسطينيون بأن حركة فتح بعد المؤتمر السابع تتجه نحو مزيد من الانشقاق بتوجيه عربي ودولي، وقد أظهر المؤتمر ضعف حركة فتح، وقوة الرئيس محمود عباس في الإقصاء، وضعف محمد دحلان في التدخل في الشأن الفتحاوي في ظل وجود رئيس السلطة محمود عباس، وعزز المؤتمر الفهم الخاطئ للإرهاب وعزز الانقسام الفلسطيني بعد إقرار ميثاق جديد لحركة فتح الذي أسقط الكفاح المسلح.
جاء ذلك خلال حلقة نقاشية نظمها معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية، بعنوان "حركة فتح بعد المؤتمر السابع"، بحضور لفيف من الباحثين والمحللين وأعضاء منتدى التفكير ومجلس إدارة معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية.
وناقش الباحثون خلال الحلقة النقاشية سيناريوهات المرحلة القادمة بعد عقد حركة فتح مؤتمرها السابع، حيث توقع المجتمعون بحدوث أكثر من سيناريو منها بقاء الوضع الراهن على ما هو عليه، بمعنى أن عباس سيبقى يناور في ملفات عدة دون أن يقدم أي تنازل لأي طرف داخلي على مستوى المصالحة مع حماس أو دحلان، أو خارجي على مستوى عملية السلام، وتوقع المجتمعون سيناريو ثاني وهو الذهاب للمصالحة الوطنية عبر تقديم بعض التنازلات في الملفات العالقة حيث سيشكل الرئيس حكومة وحدة وطنية بمشاركة حماس وهذا سيمنح عباس قوة سياسية ودبلوماسية وقانونية تبرزه كقائد لكل الشعب الفلسطيني، وهذا السيناريو سيكون بمثابة إغلاق ما تبقى من فرص للنائب محمد دحلان، بل سيصبح أنصار دحلان هدف للحكومة الجديدة.
ووضع المحللون سيناريو ثالث ورابع وهما قبول أبو مازن شروط الرباعية العربية المطالبة بعودة النائب محمد دحلان لحركة فتح، ولكن ستكون عودة دحلان حينها دون أي مسميات قيادية، وهذا سيعقد فرص تحقيق طموحات دحلان السياسية، أما السيناريو الرابع يتمثل في مصالحة دحلان وحماس وتوحيد النظام السياسي الفلسطيني والاعلان عن انطلاق مرحلة نضالية جديدة سلمية ومسلحة ضد الاحتلال.
وأشار المجتمعون إلى خطاب عباس وبرنامجه الذي أقره المؤتمر، حيث جاء الخطاب نقيضا لمشروع فصائل المقاومة الفلسطينية.
واعتبر المجتمعون المؤتمر خطوة من خطوات حسم الصراع مع العضو السابق محمد دحلان، فقد كان المؤتمر خطوة ضرورية لقطع الطريق على ضغوطات بعض الدول العربية التي أرادت فرض مصالحة دحلان على عباس، والمؤتمر هو الخطوة الأكبر في هذا الاتجاه، بما هو أعلى الهيئات التي تتشكل منها الهياكل القيادية، وتنبثق عنها البرامج السياسية.
وأوضح الحضور أنه من غير المستبعد أن يعود التيار المنتصر في هذا المؤتمر إلى فكرة توظيف المجلس الوطني، كما وظف من قبل المحكمة الدستورية التي أسست بمرسوم رئاسي لاصطناع الشرعيات، وفرض البرامج، وترتيب المشهد السلطوي على صعيد المنظمة والسلطة.
وتوقع الباحثون أنه من غير المتوقع أن يُسَلم دحلان بإقصائه نهائيا بهذه الخطوة الكبيرة التي قادها عباس، وإذا كانت فكرة تأسيس جسم مواز مستبعدة فيما مضى، اعتبارا بكل تجارب الانشقاق الفاشلة في فتح، فإنها لم تعد مستبعدة الآن، ولاسيما بعدما دعت إليها شخصيات كبيرة في مجموعة دحلان، ولكن الأمر برمته يظل مرهونا بموقف الإقليم من نتائج المؤتمر السابع.
وختم الحضور الحلقة النقاشية بالقول: "لقد تحولت فتح من حركة تحرر وطني إلى نظام سياسي عربي إضافي، كانت مع تأسيس السلطة، ومن لحظتها ارتبطت أدوار فتح وسياساتها، بأدوار السلطة وسياساتها، فلما تحولت السلطة من خطوة مؤقتة في سياق مشروع كفاحي إلى غاية قائمة في ذاتها"