21.35°القدس
21.07°رام الله
19.97°الخليل
25.17°غزة
21.35° القدس
رام الله21.07°
الخليل19.97°
غزة25.17°
الأحد 06 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

عن أوضاع أبناء قطاع غزة هنا من جديد

ياسر الزعاترة
ياسر الزعاترة
ياسر الزعاترة

من يتابع كاتب هذه السطور يعلم أنه لم يكن يوما من دعاة تغيير المعادلة السياسية على نحو يتجاهل ظروف القضية الفلسطينية، أعني تجاهل حقيقة أن قضية اللاجئين ينبغي أن تبقى حاضرة في الصراع مع العدو الصهيوني، ولا يجري تغييبها بأي حال عبر مسارات ستفعل ذلك مهما قيل عنها، فضلا عن كونها مستحيلة التحقق إلا بسطوة الخارج، وهو ما يرفضه الشرفاء بكل تأكيد، مع قناعتنا بعجز ذلك الخارج عن فرضها أيضا.

هذا البعد لا يعفينا في المقابل من الحديث عن آليات التعامل مع أبناء قطاع غزة المقيمين هنا في الأردن، والذين نشعر بمعاناتهم، فيما لا تلبث شكواهم أن تفرض نفسها علينا، رغم الحريق المشتعل في المنطقة، وما يتركه من دمار ومعاناة، والذي لا يترك مجالا لغير التفكير في القضايا الكبرى.

والحال أنه ليس من العدل بحال مساواة أبناء هذه الفئة الذين ولد أكثرهم هنا في الأردن، ولا يعرفون بلدا سواه، ويغترب بعضهم ويعودون ليضعوا شقاء أعمارهم فيه.. ليس من العدل مساواتهم بالوافدين الذين يأتون فقط لأجل العمل، ويحوّلون ما يجنونه لذويهم في ديار أخرى.

في أوروبا، يتساوى حامل الإقامة الدائمة مع المواطن في كل الامتيازات بلا استثناء؛ ما عدا جواز السفر والمشاركة في الانتخابات (هذه تأتي لاحقا بعد 5 سنوات).

نتفهم الهواجس المتعلقة بالبعد السياسي، ولا نطالب بتجاهلها أبدا، لكن منطق مساواة هذه الفئة التي أشرنا إليها بالوافدين الآخرين ليس صائبا، فكيف حين يأخذ بعض الوافدين، بخاصة اللاجئين الجديد حقوقا أفضل في سياقات مختلفة، من بينها العمل في مهن يُحظر على أبناء قطاع غزة العمل فيها. هذا مع ضرورة القول إننا نؤيد أي تعامل إنساني مع أهلنا اللاجئين السوريين الذين اضطرتهم ظروف الحرب مع الطاغية وحلفائه لهجرة بلدهم، في ذات الوقت الذي ندين فيه أية إساءة لهم، أو لأي لاجئ، كما يحدث في لبنان على سبيل المثال، وحيث تطل العنصرية برأسها على نحو يستحق الإدانة.

إننا نتحدث عن فئة تشكل جزءا من النسيج الاجتماعي، وجزءا من منظومة العمل والتنمية، وكانت لها أدوارها المعتبرة على كل صعيد. وإذا كان البعد السياسي للقضية مفهوما نظرا للتعقيدات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، فإن القضايا الأخرى المتعلقة بالحقوق المدنية ليست كذلك، وهي تستحق نظرة أخرى، لا يفرضها البعد القومي والإنساني فقط، بل يدعمها البعد المصلحي أيضا؛ كون هذه الفئة بمجموعها جزءا لا يتجزأ من منظومة العمل والتنمية، وليست عبئا كما يصوّرها البعض.

الله أعلم كم من الزمن يفصلنا عن حل القضية الفلسطينية وإزالة الاحتلال، ولو زال لكان الوضع مختلفا تماما بعد اكتشافات الغاز في المتوسط التي تضع فلسطين في مصاف الدول الغنية في المنطقة، فضلا عن عوائد السياحة الضخمة، لكننا نتحدث عن شأن إنساني له صلة بهذا الوضع الراهن، ومن الضروري أن يجري التعامل بروحية الموقف الأخوي والقومي والإنساني قبل أي شيء.

ولا شك أن الشرائح الفقيرة من هذه الفئة تستحق نظرة أفضل في مجالات الصحة والتعليم وسواها من المجالات التي تمسُّ حياة أبنائها بشكل مباشر، مع ضرورة السماح لهم جميعا بالعمل في جميع المهن دون استثناء، بما فيها المهن الطبية والهندسية.

نعود إلى التأكيد، إننا في الجانب السياسي مع الإصرار على حق العودة، ومع عدم تجاهل أننا إزاء وضع مؤقت في المعادلات السياسية، وكل ذلك في سياق من الحيلولة دون فرض العدو لمخططاته علينا، لكن الجانب المدني والإنساني شيء آخر.