10.57°القدس
10.33°رام الله
9.42°الخليل
14.99°غزة
10.57° القدس
رام الله10.33°
الخليل9.42°
غزة14.99°
الأربعاء 17 ديسمبر 2025
4.33جنيه إسترليني
4.55دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.8يورو
3.23دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.33
دينار أردني4.55
جنيه مصري0.07
يورو3.8
دولار أمريكي3.23

تقرير "فلسطين الآن"..

المدارس المهمّشة.. أيقونة تصارع مستوطنات الاحتلال

المدارس المهمّشة.. أيقونة تصارع مستوطنات الاحتلال
المدارس المهمّشة.. أيقونة تصارع مستوطنات الاحتلال
رام الله - فلسطين الآن

تحاول صفاء قاسم مديرة مدرسة بادية القدس المبنية من صفائح "الزينكو" أن تنظم سير التدريس في مدرستها بما يتواءم مع طبيعة البناء المنشأة منه المدرسة على طوال العام.

الداخل إلى منطقة تجمع بادية القدس يبحث عن هذه المدرسة بين الخيام وبين براكسات المواشي، فبناؤها لا يختلف كثيرا عن تلك البركسات، باستثناء أنها مجموعة من هذه الغرف الحديدة المجمعة داخل شبك مكتوب عليها اسم "مدرسة تجمّع بادية القدس".

المدرسة أنشأت في عام 2014م بتبرع من مؤسسات حقوقية ارتأت أن هنالك ضرورة ملحة لإنشاء مدرسة لهذا التجمع البدوي، لكن المشكلة في بنائها كانت بسبب قربها من مستوطنة "ادم" الإسرائيلية والتي تمنع بناء المنازل بدلًا عن الخيام، وتمنع أي بناء جديد وإن كان من أجل إنشاء مدرسة.

مراسل "فلسطين الآن" توجّه إلى المدرسة والتقى بمديرتها ومعلّماتها لينقل صورة المعاناة اليومية التي يعانيها طلبة العلم في هذه المنطقة المهمّشة.

مديرة المدرسة صفاء قاسم أوضحت في حديثها لمراسلنا، أن هذا التجمع البدوي موجود على رأس هذا الجبل منذ العام 1974، أي قبل إقامة هذه المستوطنة، منذ ذلك الحين حتى العام 2014، تعرض أبناء هذا التجمع إلى التجهيل القصري لعدم وجود مدارس قريبة، فمن أراد ذووه أن يعلموه يذهب إلى مدارس في منطقة الرام، فيتعرض الذاهبون الى هذه المدارس لمشكلة المواصلات فالتجمع يقع على الشارع الرئيس الذي يربط بين رام الله وحزما، وهو نفس الشارع المؤدي للمستوطنة، فيمنع السير على الأقدام إلا في مناطق محددة ولا يوجد مواصلات ميسرة في المنطقة.

وتضيف قاسم:" لا تقتصر تضييقات الاحتلال على هذا الحد فعند قدوم الصحفيين أو المؤسسات الحقوقبة يباغتوننا بزيارة مباشرة، ويقومون بالتصوير أثناء زيارتهم، كما أنهم يمنعوننا من التوسّع، فمجرد وضعنا لأي جديد كباب حديدي أو حتى حوض زراعة يأتي إلينا الحراس ويصورون ما قمنا به. نحن مراقبون باستمرار".

اعتداءات وإهانات

أما المُعلّمات اللواتي يحاولن تعليم أطفال هذه المدارس ما استطاعوا الى ذلك سبيلا، فمركبات الأجرة تصل بهن إلى اقرب مسافة والتي تبعد  500 م عن بوابة التجمع، ما يضطّرهنّ إلى أن يسلكن طريق المستوطنة على أقدامهن.

"نتعرض لمخاطر كثيرة من الاحتلال، قنابل الغاز والصراخ أمورٌ اعتدنا عليها أثناء الذهاب والإياب إلى المدرسىة بالاضافة إلى الاستهتار اليومي من الجنود بنا أثناء سيرنا، وما يزيد الطين بلّة أن معظم الفلسطينيين يظنون أنّنا عاملات في المستوطنة؛ فنتعرض أيضا للسخرية والإهانة منهم"، تقول المعلمة مرفت أبو الرب.

معاناة مريرة

داخل الساحة التي تُوحد الصفوف الحديدية يمنع أي تغيير عليها، هي ساحة صماء قاحلة بلا مقاعد ولا ألعاب لـ63 طالبًا من طلاب المرحلة الابتدائية، أمّا الخروج لقضاء الحاجة في الشتاء فهو مرض حتمي، وصوت المطر المنهمر فوق السقف الحديدي للصفوف مزعج جدًا، والكهرباء التي تصلهم ضعيفة ولا يمكن تشغيل احتياجات المدرسة الأساسية باستخدامها لضعفها.

أمّا داخل الصف كخارجه من حيث درجة الحرارة، ولا يتمكن التلاميذ من خلع معاطفهم لشدة البرد، وتتنقل المعلمات عبر الساحة الخارجية جريًا تحت الأمطار، ولا يُمكن إغلاق أبواب الكرافان لصغر المساحة الصفيّة وكثرة عدد الطلاب في الصف الواحد.

"الصف صغير، ومعظم الطلبة يأتون مشيًا على الأقدام صيفا وشتاءً. حالة الطلبة يُرثى لها بعد سيرهم مسافات تحت المطر، كما أن سقف الصفوف الحديدية تسرب المياه على الطلبة باستمرار، والصف غير مؤهل صحيًا على الاطلاق"، تقول المعلمة صباح غربية لمراسلنا.

وأضافت زميلتها المعلمة نعيمة زهران "بسبب البرد يتغيب الطلبة عن الصفوف، ولا نستطيع أخذ الدروس باستمرار، ومعظم الطلبة يصلون إلى المدرسة بأقدام ملوثة بوحل الأرض فالطرق إلى المدرسة غير معبّدة ولا توجد مواصلات".

وبالمقابل تحاول المعلمات نشر الفرح وإدخال البهجة إلى قلوب الطلبة بنشاطات لا منهجية من باب الإيمان بمهنة التعليم، وإدراكهن التام أن إبقاء أبواب هذه المدرسة مفتوحة هو دعمٌ لأهالي سكان هذا التجمع البدوي المهدّد بالهدم ومصادرة الأرض المقام عليها لصالح المستوطنة الإسرائيلية.

اهتمام رسمي محدود

وعلى الرغم من سوء حال البنية التحتية لهذه المدارس، وعدم قدرة المسؤولين على إنشاء مرافق جديدة فيها أو حتى إصلاح ما يتعرض للتلف فيها مع الزمن، إلا أنهم يقولون إنهم يولونها "اهتمامًا على قدر المستطاع"، ليبقى الطلبة مع معلميهم يصارعون الاحتلال ومستوطنيه بالتعليم والتعلّم رغم صعوبة الظروف.

ويوجد في ضواحي القدس المحتلّة سبعة مدارس للتجمعات البدوية، كلّها تعاني من تضييق الاحتلال باستمرار.

مدير تربية وضواحي القدس أيوب عليان قال في حديثه لـ"فلسطين الآن"، "هذه المدارس أقيمت من صفائح الزينكو والإطارات، ويتعرض العاملون فيها  للاستفزاز اليومي وذلك للاستيلاء على هذه المدارس لصالح المستوطنات، وعزل المواطن عن القدس وأريحا".

ويضيف عليان " دورنا كوزارة التربية والتعليم هو دعم وصمود المواطن الفلسطيني أينما كان، ونأمل أن يكون هنالك في القريب العاجل عدّة مدارس أخرى لخدمة هذه التجمعات".

وعدا عن صعوبة هذه الأحوال، يتعرض المستوطنون بشكل دائم لكل من حاول الاقتراب من التجمع، كما أن الطلبة لا يسلمون من عنجهيتهم عند عودتهم إلى منازلهم؛ فأكثر من 27 منزلًا هي مهددة بالهدم، كما أن هذه المنازل -التي يفترض أن تكون مصدر الراحة للطلبة- ممنوعةُ أيضًا من الترميم، ولا تتعدا كونها خيام أو براكسات حديدية أيضًا.