لطالما كان جمال الطيراوي، النائب في المجلس التشريعي عن حركة "فتح"، شخصية جدلية، سواءً في الفترة التي سبقت دخوله المجلس التشريعي أو التي تلتها، إذ أثيرت كثير من التساؤلات حول حقيقة فوزه في منصبه بالبرلمان، خاصة أن رقمه في قائمة فتح التي خاضت الانتخابات عام 2006 كان 29، وفجأة أصبح 21.
ليس هذا فقط، بل قصة اعتقاله لدى الاحتلال الإسرائيلي وصدور حكم بحقه بـ30 عاما، لكنه لم يمض سوى بضع سنوات ليخرج بعد أن دفع كفالة قرابة مليون شيكل.
وحديثا، لعب الطيراوي دورا مركزيا في الصراع المسلح المحتدم في محافظة نابلس ومخيم بلاطة على وجه الخصوص، حيث يتهم بأنه الداعم الأول للمسلحين الذين يناهضون السلطة، بإشراف تام من القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان.
وفي وقت كان الرجل في مرحلة ما، المدافع الأول عن السلطة وفتح والأجهزة الأمنية في وجه حركة حماس، بات منبوذا من حركته، وفوق هذا فهو ملاحق ويمكن في أي لحظة أن تقوم السلطة باعتقاله، خاصة بعد رفع الحصانة البرلمانية عنه، أسوة بأربعة آخرين.
"فلسطين الآن" تحاورت مع جمال الطيراوي -الذي فقد بحكم قرار النائب العام لقب "نائب"-، الذي أكد أنه لم يسمع بهذا القرار سوى من خلال الإعلام، وأنه لم يُسلم أي شيء قانوني أو رسمي خلال الفترة السابقة، لكن تم تبليغه قبل عدة أيام بضرورة التوجه لمقابلة النائب العام، موضحا أن هذا القرار غير قانوني وغير دستوري، ويتنافى مع القانون والدستور الفلسطيني".
وأوضح أنه وزملاؤه الآخرين لن يتعاطوا مع هذا القرار، مُبينا أن الحصانة تمنح للنائب أو ترفع عنه من المجلس التشريعي وليس من الرئيس عباس أو السلطة التنفيذية، وأن هذا تجن على السلطة التشريعية، مشيرا إلى أن مجلس المنظمات والهيئات المستقلة في الضفة الغربية وغزة والمجلس التشريعي وكافة الكتل البرلمانية أكدوا على أن القرار غير قانوني وغير دستوري.
قضية سياسية
وفيما يخص أسباب رفع الحصانة، أوضح الطيراوي أن الأسباب سياسية بامتياز، وأن القضية هي قضية رأي وموقف سياسي بدليل أن القرار شمل نواب من حركة فتح فقط ولم يشمل آخرين نهائيا، مبينًا أن قرار رفع الحصانة صدر بعد أن نشر بيانا صحفيا يُؤكد فيه على أنه لن يُشارك في المؤتمر السابع لحركة فتح بالرغم من اجتماعه قبل عشرة أيام من المؤتمر مع رئيس السلطة محمود عباس، أن ما حصل لا يتوافق مع الحد الأدنى للفهم الحقيقي للقانون والدستور الفلسطيني – على حد تعبيره.
ورد الطيراوي على من يقول إن رفع الحصانة قد يكون بسبب ملفات كبيرة مثل تجارة الأموال والأسلحة، بأنه يترفع عن مثل هذه المسائل، وأوضح أنه هذا الرد لا يعبر عن شخصه فقط إنما يعبر أيضا عن زميل له هو النائب شامي الشامي الذي تم رفع الحصانة عنه لأنه قام بنشر مقالة على صفحته الخاصة على "الفيسبوك" ينتقد فيها الناطق الإعلامي لحركة فتح أحمد عساف.
"علاقتي بدحلان"
وأوضح أن علاقته بدحلان كعلاقته ببقية النواب، تقوم على الاحترام والعمل المشترك للصالح العام، إضافة إلى ما تربطه به من علاقة حركية كونهما من أبناء حركة فتح وانتمائهم لها انتماء وطني أصيل، وليس لمصالح خاصة.
وتطرق الطيراوي للوضع الداخلي لحركة، قائلا "إن الحركة تعاني من الانقسام"، ونحن كقادة نسعى لتوحيد الحركة وإنهاء الخلافات، ولكن هناك مرتزقة ومنتفعون داخل الحركة يحاولون تغذية هذا الانقسام الحاصل، لأن لها مصالح خاصة من استمرار الخلافات.
وأضاف "بكل وضوح أنا شخص أحترم ذاتي ولست عبدا في مملكة أحد، ولست من المأجورين و"السحيجة" الذين يطبلون ويزمرون لفلان وعلان.. أنا أحترم الجميع وأحترم علاقاتي الشخصية والأخوية وأحترم علاقة الزمالة، ولكن أنا لا أقبل لنفسي ولا لتاريخي ولا لمكانتي أن أكون طبالا وزمارا عند أحد، سواء كان الأخ محمد دحلان أو أبو مازن.. لي رأي سياسي وموقف سياسي وأحترم ذاتي واحترم قناعاتي السياسية وأحترم منظومة علاقاتي".
"شرذمات" فتح
ورأى الطيراوي أنه من العيب تقسيم الشارع الفلسطيني والبيت الفتحاوي بالقول "هذا جماعة محمد دحلان وهذا جماعة الرئيس محمود عباس.. هذا كلام يستفيد منه الكثير من الأقزام والشرذمات التي كبرت في هذه الحركة".
وتابع "نحن أبناء حركة لها تاريخ، عندما فقدنا احترامنا لذاتنا واصبحنا نقزم بعض هذا عباسي وهذا دحلاني وهذا عرفاتي.. والآن الحركة تلملم جراحها من هذه الطحالب التي تكتب وتحذر وتقدم تقارير كاذبة وتحيك المؤامرات في أقبية زنازين الاجرام في أريحا من أجل توصيف الناس بهذه الأوصاف المقيتة".
ووجه الطيراوي حديثه لمن وصفهم بـ"المنتفعين والمرتزقة"، قائلا "انتم تتمتعون بثقافة القسمة والفرقة، ونحن للأسف قسمنا بعضنا اجتماعيا وجغرافيا، والآن نقسم بعضنا تيار فلان وتيار علان.. علينا أن نحترم رجولتنا ونضالنا وتاريخنا.
تشويه السمعة
وفي سياق الرد، كشف بأنه رفع قضية على الناطق باسم الأجهزة الأمنية عدنان الضميري لأنه عمل على تشويه سمعته وبقية زملائه النواب عبر الإعلام، مجددا قوله إنه ما تم كان بطريقة خاطئة، وهو محض "افتراء".
كما أكد على أنه طعن في قرار تعيين النائب العام "لأنه يُمارس دوره بشكل غير قانوني، إذ أنه لم يؤد اليمين الدستوري أمام رئيس المجلس التشريعي فوجوده مطعون فيه قانونيا".
ونفى الطيراوي وجود أي علاقة له بقيام شبان بشكل مستمر بإغلاق شارع القدس الملاصق لمخيم بلاطة (المدخل الجنوبي لنابلس)، مُبينا أن إغلاق الشارع تقوم به عائلات احتجاجا على اعتقال أبنائها لدى لسلطة على قضايا مختلفة.
المجلس الوطني
واستغل الطيراوي الحديث معنا، ليدعو لعقد جلسة المجلس الوطني المقبلة في الخارج، مخالفاً بذلك رغبة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي يسعى لعقدها في مدينة رام الله.
وقال الطيراوي "إن المجلس الوطني يجب أن تشارك فيه كافة القوى والفصائل الفلسطينية من الداخل والخارج، وعقده داخل الأراضي الفلسطينية سيمنع مشاركة الكثير من الفلسطينيين".
وأضاف أن "قرار مكان عقد المجلس الوطني بيد الفصائل والقوى الفلسطينية، وليس بيد الرئيس عباس"، موضحاً أن المجلس لن يعقد دون موافقة الفصائل واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
وأشار إلى وجود ضرورة ملحة لعقد جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني خلال الفترة المقبلة، لا سيما في ظل الظروف الراهنة الصعبة وتعثر العملية السياسية.
ويتجه عباس إلى عقد المجلس الوطني في مدينة رام الله، لكن قادة غالبية الفصائل يعارضون عقده فيها بسبب عدم قدرتهم على دخول الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن أبرز المعارضين، قادة حركتي "حماس" و"الجهاد" والجبهتين "الشعبية" و"الديموقراطية".
ويسود الاعتقاد، أن مشاركة "حماس" و"الجهاد" في دورة المجلس الوطني المرتقبة ضئيلة بسبب الخلاف على حجم تمثيل كل منهما في المجلس، وبسبب الخلاف على البرنامج السياسي وعلى الاتفاقات الموقعة مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي.
ومن المقرر أن تعقد اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني اجتماعا لها في بيروت في العاشر من الشهر الجاري برئاسة رئيس المجلس سليم الزعنون.
من جهته، أكد القيادي في حركة حماس أسامة حمدان في تصريح لوكالة "فلسطين الآن"، أن حركته ما تزال تدرس قضية المشاركة في اللقاءات التحضيرية للمجلس الوطني المزمع عقدها ببيروت في 10 و11 يناير الجاري، مشيرا إلى أن موقف حركته النهائي من قضية المشاركة سيعلن قريباً.
