10.57°القدس
10.33°رام الله
9.42°الخليل
16.4°غزة
10.57° القدس
رام الله10.33°
الخليل9.42°
غزة16.4°
الأحد 14 ديسمبر 2025
4.31جنيه إسترليني
4.55دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.79يورو
3.22دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.31
دينار أردني4.55
جنيه مصري0.07
يورو3.79
دولار أمريكي3.22

"صوافطة".. الشهيد المُنتظر منذ 50 عامًا

3bd371f62eccbe744ecdeb0bd293ce0c
3bd371f62eccbe744ecdeb0bd293ce0c
طوباس - فلسطين الآن

انتظرت نهيدة يوسف طويلاً لاستعادة رفات زوجها عطا الله توفيق صوافطة، الذي حجز لقب "أول شهيد في طوباس" بعد ساعات من احتلال الضفة الغربية، لكن أمنيات الزوجة لم تتحقق بعد، إذ اختطف الاحتلال الشرطي الوسيم جريحًا من المستشفى الوطني، وانقطعت أخباره منذ قرابة 50 عامًا، فيما بقيت الذكريات والحسرة.

قصة الشهيد صوافطة، أثيرت في اليوم نفسه الذي يحيي الفلسطينيون فيه ذكرى يوم الشهيد، تخليدًا لأحمد موسى أول بطل يكحل عين فلسطين في عملية فدائية عام 1965.

تروي صوافطة وهي تحمل صورة بالأبيض والأسود لزوجها قائلة: "تنقلت مع عطا الله بين أربد ومعان ونابلس، وقرر أن نستقر في طوباس، ويبقى وحيدًا في عمله بنابلس، وقبل ساعات من حرب الأيام الستة نُقل ليكون مسؤولاً عن مخفر "تل الحامض" في عين البيضاء بالأغوار، ويوم سقطت البلاد قرر العودة لطوباس للاطمئنان على ابننا الوحيد الرضيع أيمن (شهران)، الذي كان مريضًا".

دم وحلوى!

ووفق شريكة الدرب، فقد نقل رفاقه في الأمن العام إصراره على العودة إلى عائلته بزي وبمركبة عسكريين، لدرجة أن أصحابه أخفوا عنه مفاتيح السيارة ومنعوه منها، وبينوا له صعوبة التنقل، فلم يستجب لهم. بعدها جاء زميله من مخفر الفارعة فمنحه سيارته، وأوصاه أن يحضر له وثائق من المخفر.

تكمل نهيدة: "قبل أن يصل إلينا، التقى بجنود الاحتلال قبالة سهل عسكر، وعند منعطف في طريق الباذان، حاول عطا الله الاستدارة نحو نابلس، إلا أن الجنود أطلقوا النار على سيارته، ثم أصابوه في رجله، ونقل إلى المستشفى، إلى أن اختطف الاحتلال كل الجرحى بطائرة عسكرية منتصف الليل إلى جهة مجهولة".

فيما يسرد ابن أخته بسام يونس جبر، الذي شاهد سيارة الجيب العسكرية، خلال عودته مع والدته من طوباس إلى نابلس، فيقول: "كنت يومها في العاشرة من العمر، ولا أنسى المشهد حين رأينا مركبة كحلية وبيضاء معطوبة إطاراتها قبالة موقع (محطة الصيرفي)، ولما اقتربنا منها شاهدنا بقع الدماء على أرضيتها، وفي الكرسي الجانبي علبة حلوى. فواصلنا الطريق، دون أن نعرف أن المركبة لخالي، الذي لم نره إلى اليوم".

تتابع الزوجة: "كان عطا الله طويلاً وجهمًا وأبيض البشرة وحنونًا على الصغار، وفرح كثيرًا بولدنا أيمن وأطلق النار ابتهاجًا بمولده، وحمد الله أن رزقنا بأخ لابنتينا أمل وإيمان، حتى لا يعشن دون سند".

يتم ووجع

يقول أيمن: "ولدت قبل شهرين من استشهاد والدي، وبقيت حتى سن التاسعة أعيش برواية أن أبي مسافر وسيعود، إلى أن بدأت أسمع من الناس أن والدي استشهد بعد ساعات من النكسة، حين كان يحاول الوصول إلينا والاطمئنان علينا".

يتابع: "لم أعرف أبي إلا من صورتين، واحدة بلباسه العسكري، والثانية بربطة عنق وابتسامته، وحين كبرت، تمنيت أن لو أنه حقق أمنيته، وشاهدني شابًا يعين والدته ويسأل عن أختيه دائمًا".

ولا تسقط من ذاكرة أيمن ما نقل إليه من روايات تؤكد إصراره على العودة، بالرغم من محاولات مسؤوله المباشر عصر بيك المجالي توضيح صعوبة الموقف، وثنيه عن التوجه إلى طوباس بكل الطرق.

يكمل: "حمل أبي الرقم العسكري 5902، ودرس في طوباس حتى الأول الإعدادي (السابع اليوم)، واحتفظت أمي بمقتنياته وملابسه طويلاً. وأتوقف كثيرًا مع وثيقة من الأمن العام الأردني، تفيد أن والدي انتسب إليهم في 24 آذار 1958، وحول إلى شرطي سائق في 1 شباط 1964، واستمر بالخدمة العامة حتى استشهاده في 8 حزيران 1967".

أعادت العائلة إطلاق اسم الأب الشهيد على الحفيد عطا الله، الذي أبصر النور في 26 حزيران 2007، فيما يقول حامل الاسم ببراءة: "جدي شهيد، وأتمنى أن أشاهده وهو يلاعبني، أو أن  أزور قبره، الذي لا نعرف مكانه".