طالب المجتمعون في جلسة عقدها ائتلاف "أمان" لنقاش مذكرة التفاهم (الاتفاق) المُبرم ما بين الحكومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي بخصوص تنظيم قطاع الطاقة الكهربائية بتاريخ 13 أيلول 2016، طالبوا الجهات المسؤولة عن هذا الملف والممثلة بسلطة الطاقة والموارد الطبيعية والحكومة الفلسطينية بنشر تفاصيل الاتفاق وإتاحة الفرصة للمواطنين ومؤسسات المجتمع المدني بالاطلاع عليها، وما يحققه هذا النوع من الاتفاقات من استقلال وسيادة على الأرض الفلسطينية في إدارة موارد الطاقة، والمكاسب الاقتصادية المتحققة وانعكاسها على المواطن الفلسطيني.
السرية تقوّض الشفافية
وأعرب مستشار مجلس إدارة ائتلاف "أمان" د. عزمي الشعيبي عن أسفه لعدم حضور سلطة الطاقة الجلسة التي تعتبر بمثابة منبر مفتوح لمخاطبة المواطنين وشرح "الإنجاز التاريخي" بحسب تصريحات رسمية لمسؤولين أعقبت التوقيع على الاتفاقية، وهل هو فعلا إنجاز متكامل أم منقوص؟ ومن هي الجهة التي تم التوقيع معها، هل الشركة القطرية الإسرائيلية أم الحكومة الإسرائيلية أم الإدارة المدنية؟ وما الأثر المترتب عليه ماليا وفنيا وقانونيا؟ وهل يشمل الاتفاق نقل جميع نقاط الربط داخل مناطق 67 لشركة النقل الوطنية، وهل سيشمل ذلك نقاط الربط الخاصة بالمستوطنات؟ وما هي الترتيبات والانعكاسات المالية للاتفاق على تعرفة الكهرباء؟.
واعتبر الشعيبي أن عدم نشر الاتفاقية واطلاع المواطن والمؤسسات الأهلية والقطاع الخاص والمؤسسات المهتمة على تفاصيل تلك الاتفاقية واحاطتها بالسرية يتنافى مع مبادئ الشفافية وحق المواطن بالحصول على المعلومات الرسمية، لا سيما في قطاع حيوي وهام كالكهرباء.
قطع الشكوك
خليل رزق رئيس اتحاد الغرف التجارية والصناعية الفلسطينية أكد ضرورة إثارة الملف وتوضيحه رسميا من الحكومة الفلسطينية وتوفير معلومات موثوقة حوله بشكل لا يدع مجالا للشك، متعهدا بالطلب من رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله الاطلاع على الاتفاقية تحقيقا للنزاهة والشفافية، مضيفا "أهمية البعد الوطني والسيادي لفلسطين في مثل تلك الاتفاقات وعدم اتاحة الفرصة للحكومة الاسرائيلية بالسيطرة على قطاع هام وحيوي كالكهرباء".
واتفق معه كل من نزيه مرداوي من اتحاد الغرف التجارية وأنور هلال ومحمد الحلو اعضاء مجلس إدارة الجمعية الفلسطينية للطاقة الشمسية، الذي شدد على أن السرية تحيط بالاتفاقية وغيرها من الاتفاقيات غير المعلنة كتلك التي وقعها صندوق الاستثمار الفلسطيني مع شركة النقل الوطنية للكهرباء.
بدوره أوضح مدير المشاريع والبنية التحتية في الهيئة العامة للشؤون المدنية صلاح بدر بأن دور الهيئة في مثل هذه الاتفاقات تقتصر على الترتيبات اللوجستية والترتيب للقاءات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والتوقيع على الاتفاقية بناءً على تفويض وتكليف من مجلس الوزراء للهيئة لتقوم بذلك، وأن اية تفاصيل فنية ومالية تُترك لجهات الاختصاص، وفي هذا الاتفاق صاحبة الاختصاص هي سلطة الطاقة ووزارة المالية.
وبحسب معلوماته، أشار بدر إلى أنه سيتم تشغيل أول محطة تحويل كهرباء نهاية الشهر الجاري، وان هناك أكثر من 300 نقطة ربط مع الجانب الإسرائيلي.
الرقابة المجتمعية
مدير مركز بيسان للبحوث والإنماء اعتراف الريماوي اعتبر أن تلك العقود (الكهرباء والاتصالات) تمس حياة المواطن الفلسطيني وحقوقه الأساسية، بالتالي من الضرورة اعلاء الصوت والمطالبة بنشر تفاصيلها بما في ذلك تكلفتها وحقوق الانتفاع والتعرفة، مشددا على ضرورة اعداد دراسة تقييمية لديون الكهرباء المترتبة مع تحليل دقيق يقدم من باب تحقيق الرقابة المجتمعية والشعبية ليكون المواطن على دراية بما له وما عليه، وغير ذلك فللمواطن حق التفسير كما يشاء.
أيمن ضراغمة عضو المجلس التشريعي اعتبر أنه في ظل غياب المجلس التشريعي الفلسطيني وتعذر قيامه بدوره الرقابي على الحكومة المطلوب شفافية أكبر في مثل هذه الاتفاقيات المُبرمة وأن تعقد الأخيرة مشاورات مفتوحة مع المجتمع المدني ومع ممثلي الكتل البرلمانية.
حظي الاجتماع بحضور واسع لممثلين عن اتحاد الغرف التجارية والصناعية والزراعية الفلسطينية، ومؤسسات عامة غير وزارية كالمواصفات والمقاييس والهيئة العامة للشؤون المدنية، ونقابات: كنقابة الكهربائيين ونقابة أصحاب محطات المحروقات، وبلديات: كالبيرة وسلفيت وطولكرم، وشركات: كشركة كهرباء الجنوب وشركة الصابر لتسويق المشتقات البترولية، ومركز بيسان للبحوث والانماء والجمعية الفلسطينية للطاقة الشمسية إضافة إلى برلمانيين وإعلاميين.
تجدر الإشارة إلى أنه بحسب ما تسرب عن الاتفاق، وافقت الحكومة الفلسطينية على تسديد 500 مليون شيقل لشركة كهرباء "إسرائيل" من حساب المقاصة، وتقسيط مليار شيقل أخرى على 72 قسط شهري، في حين أنه سيتم شطب الغرامات والفوائد بمقدار500 مليون شيقل من تلك الديون البالغة 1800 مليون شيقل، على أن تلتزم بدفع قيمة كامل فاتورة الكهرباء في المستقبل للشركة الإسرائيلية.
كما يتضمن الاتفاق نقل إدارة جميع نقاط الربط المباشرة في الضفة الغربية وقطاع غزة من الجانب الإسرائيلي إلى الجانب الفلسطيني عن طريق الشركة الوطنية لنقل الكهرباء وتشغيل محطات التحويل الرئيسية التي تم بناؤها مؤخرا.
