ما السبب الذي جعل بيوتنا عرضة للهدم والخراب ؟ وهل الأسر في مجتمعنا مؤهلة للبناء ما دامت تهدم من الداخل ؟!! الرجل إلى أين ؟؟ والمرأة والأولاد إلى أين ؟؟ دروب كثيرة متشابكة ، و مسائل عالقة ، عقول معلقة على أحمال ثقيلة ، قلوب منهكة بالضنك و الضعف البشري ، جسم الأسرة ينهشه التفكك و الخيوط الواهنة التي لا تربط عرى العلاقات كما يجب .
ارتفعت نسبة الطلاق في مجتمعنا بشكل مهول ، أصبحت بيوتنا بين فكي التفكك والمشاكل الكثيرة ، والمتهم في ذلك اثنان لهما مساعدون كثر .
المتهم الأول هو الفقر و الضيق المادي الذي عم وطم ، الاقتصاد المتدهور ، الحصار و محاربة الناس في أرزاقهم ، في قفص كبير يعيش الكل في غزة ، لا يخرج منها إلا من سمح له صاحب السوط بالخروج وبشق الأنفس ، الحال تضيق والوضع يسير نحو الانفجار ، وأول ما انفجر هو العرى الوثيقة التي تربط الأسر وتحافظ على تماسكها ، أصبح الرجل المسؤول عن الأسرة يشعر بالعجز أمام مسؤولياته مما انعكس على علاقته بزوجته وأولاده وأقربائه ، دخل الشيطان من أوسع الأبواب ، باب الفقر الواسع جعله يصول ويجول بين الأزواج ليخرب الأسر وينقضها على أصحابها .
ربما نلتمس العذر للرجل ولكن في ديننا ذلك ليس مبررا لاهانة المرأة وجعلها كبش الفداء الذي يفرغ فيه شحناته السالبة لتتحمل بذلك الفقر و سوء الخلق .
المفترض أن يستعين الجميع بالله مقسم الأرزاق ، وفي النهاية هذا ابتلاء من الله لنعود إلى الله ونجأر إليه أن يرفع عنا بلاءه ويفتح علينا أبواب الرحمة والرزق .
أما المتهم الثاني في هدم البيوت فهو التكنولوجيا ، ذلك المجرم الخفي الذي يتصدر كل جريمة ، كل قضية ، مجرم بوجهين ، نرى منه وجه البراءة وفي الجنب الآخر يكمن الاجرام ، كم من بيت هدمت عراه بسبب علاقة على الفيس ، يعيش فيها الرجل بطلا في فيلم غرام ، ويحسب نفسه فارسا سيحمل حبيبته على حصان أبيض ويدخل عالم افتراضي كاذب ويبتعد كثيرا عن واقعه الذي يمتليء بمشاكله ، ويرمي نفسه سحيقا في بئر الهروب الذي يحاصره بالخراب ، يكسب دورا تمثيليا في فيلم من صناعته مقابل أن يخسر واقعه ، وحينها تولول الزوجة ثكلى على استقرار مات في حياتها و ينطلق الأولاد في عالم التشرذم الذي فرض عليهم ، وهكذا تنتشر هذه الحالة في معظم بيوتنا للأسف .
والكلام ينطبق على بعض الزوجات اللاتي تحاول ان تهرب من جمود مشاعر زوجها وجبروته لتبحث عن الحب بين طيات التكنولوجيا ، في العالم الأزرق كل شيء يحدث ، والشباب غير القادرين على الزواج يبحثون عن مبتغاهم فيما تتيحه التكنولوجيا لهم ، أصبحت لهم ك بار ينسون فيه همومهم ويدفنون أحزانهم ويغرقون في أحضانها ، والأطفال لم يسلموا من شرها أيضا ، تحصيل العلم والنجاح في الدراسة أصبح آخر همهم ، لم تترك لهم التكنولوجيا مجالا كي يغرموا بغيرها ويتعلموا من الحياة ، الكل يقضي وقته على تلك الأجهزة اللعينة لدرجة أن باتت العلاقات باهتة ، والمشاعر علتها صفرة الموتى .
كل ذلك أثر كثيرا على العلاقات الأسرية ؛فكادت أن تكون كخيوط عنكبوت أو بالأحرى آلت إلى الضعف والتفكك ونسب الطلاق في المحاكم تؤكد على ذلك .
حال مؤسف يحتاج منا وقفة كبيرة ، يحتاج لهبة العلماء والمثقفين ، يجب أن تلاقي استغاثة الأسر نخوة المعتصم كي نحافظ على تماسك المجتمع لأن الأسرة هي لبنة بنائه ؛ لذا يجب أن تكون قوية خلاقة .
الوطن بحاجة لنا فلا نخذله بضعفنا وتفككنا ...