25°القدس
24.61°رام الله
23.86°الخليل
28.09°غزة
25° القدس
رام الله24.61°
الخليل23.86°
غزة28.09°
الأحد 29 سبتمبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.22دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.22
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.7

خبر: في شرق غزة.. يحصدون "القَمح"..و"المُرًّ" أيضًا

لموسم حصاد القمح، طقوسه في كافة أرجاء العالم، فما أن تبدأ السنابل باكتساء اللون الذهبي، حتى يتجهز الفلاحون لشهر من العمل لحصاد خيراته.. أما في قطاع غزة فإن استعدادات المزارعين لموسم الحصاد لها طقوس خاصة أرغمهم عليها جيش الاحتلال. فمع مراحل الحصاد في المناطق الشرقية من قطاع غزة التي تتمثل في قطف سنابل القمح الخضراء بغرض صنع "الفريكة"، ومرورًا بـ"التذرية، والتتبين، والتسليق، وقشر القمح، وطحنه"، ينشغل المزارعون بالتفكير بكيفية تأمين طرق انتقالهم إلى الحقول ثم مغادرتها في أمان. فجيش الاحتلال المتواجد على حدود الشريط الساحلي يفرض منطقة أمنية بعمق يتراوح ما بين 300-500 متر يمنع الدخول إليها من قبل السكان على طول الحدود الشمالية والشرقية التي تفصل قطاع غزة عن إسرائيل، ويطلق النار على من يقترب منها. كما يطلق الجيش النار باتجاه المزارعين خارج تلك المنطقة التي تقع فيها أغلبية الأراضي الزراعية الخصبة في قطاع غزة، وتتوغل آلياته بشكل مستمر في المناطق الزراعية الممتدة، وتجرّف الحقول، بهدف جعل المنطقة مكشوفة أمامه. وفي منطقة "عبسان الكبيرة"، الواقعة جنوب شرق القطاع بالقرب من السياج الأمني الفاصل بينه وبين (إسرائيل)، بالإمكان مشاهدة الآليات العسكرية الإسرائيلية تتجول في المنطقة على بعد مئات الأمتار. ويروي المزارعون لوكالة الأناضول للأنباء الكثير من القصص حول الاعتداءات والأخطار التي يتعرضون لها من قبل جيش الاحتلال . يقول أحمد أبو طعيمة (22عاما) إن الجيش أطلق قبل نحو ساعة من قدوم طاقم وكالة الأناضول الرصاص باتجاه المنطقة. ويضيف الشاب الذي يساعد جده في حصاد القمح: "بالأمس أطلقوا النار باتجاهنا مرتين، مرة صباحًا فهربنا، ثم عدنا عصرا، فأطلقوا النار مرة أخرى؛ فاضطررنا إلى العودة زحفًا على الأرض". ويستذكر أحمد الذي يمتلك وجها حولته أشعة الشمس إلى لون"الحنطة" التي يحصدها، مقتل أحد أقاربه عام 2008، ويدعى خالد أبو طعيمة برصاص الجيش، حينما كان يعمل في أرضه بهذه المنطقة. كما أصيب الشاب سفيان أبو طعيمة في العام 2010 برصاص الجيش في بطنه، خلال عمله في أرضه الزراعية كذلك، كما يقول أحمد. ويتدخل رياض أبو طعيمة (40 عاما) مضيفًا:"هناك الكثيرون غيرهم..فضل أبو طعيمة أصيب قبل 4 سنوات، وصلاح أبو طعيمة أصيب قبل عامين". جد أحمد، ويدعى عبد الرحمن أبو طعيمة (65 عاما) قاطع رياض قائلًا:" لماذا تذهب بعيدًا، ألم يصاب محمود جاد الله قبل 3 أيام، ويحرقوا 5 دونمات من أرضه (الدونم يساوي 1000 متر مربع)، بسبب القذائف التي سقطت عليها؟". ويسهب الكهل الفلسطيني في الحديث عن "طقوس"حصاد القمح التي أرغمهم عليها الجيش الإسرائيلي، والتي يطلق عليها "موسم الحصيدة"، فيقول باللهجة المحكية:" أول شئ لازم نتأكد قبل مغادرة منازلنا أن الأمور هادئة، وأنه مفيش تصعيد". ويكمل:" نصل البيدر بهدوء، ونعمل ونحن نراقب ونسمع الأخبار؛ خشية حدوث تصعيد، وإذا صار أي شئ ننسحب فورا". ويقول أبو طعيمة، إن العمل يبدأ فجرًا، وينتهي قرب الظهر؛ حيث أن الجيش الإسرائيلي يمنع تواجد أي شخص عند بدء حلول المساء، ويطلق النار على كل شيء يتحرك. وتبدو المنطقة بالكامل وعلى امتداد البصر، أشبه بالصحراء، رغم كونها أراضٍ زراعية خصبة، حيث تفتقد تماما للأشجار المعمرة، وللدفيئات الزراعية. ويقول عبد الرحمن أبو طعيمة مفسرًا: "الجيش الإسرائيلي جرف المنطقة بالكامل بزعم خشيته من استخدام المقاومة للأشجار كسواتر للتغطية". ويوضح أن المنطقة كانت مشهورة ببساتين اللوز، وأشجار الصبر "التين الشوكي"، والتي أصبحت اليوم "شيء من الماضي". وغير بعيد من الكهل عبد الرحمن أبو طعيمة، كانت مجموعة من النسوة يحصدن بأيديهن العارية سنابل القمح التي نضجت، وباتت غير قادرة على حمل رؤوسها المثقلة بالحنطة. ورغم كونها لم تبلغ الـ 42 من العمر، إلا أن رسمية أبوطعيمة التي كانت تقود الفريق بدت أكبر من عمرها بكثير. وتستذكر رسمية قبل عدة شهور حادثة تعرضت فيها حياتها للخطر من قبل الجيش الإسرائيلي. وقالت وهي تشير باتجاه الشرق نحو شجرة جميز كبيرة:"هناك خلف هذه الشجرة، كنت أعمل مع سلفتي (زوجة شقيق زوجها)، فداهمتنا دبابة..وأخذت تطلق النار علينا بكثافة..انبطحنا على الأرض، وسط حقل الشعير.. وظللنا نقرأ القرآن حتى انسحبت الدبابة". وبنبرة صوت مخنوقة بالحنين للماضي قالت السيدة إن الاحتلال صادر أراضي عائلتها الواقعة قرب الحدود: "انظر إلى كل هذه الأراضي الحدودية..هي لأجدادي، صادرها الاحتلال..ونحن نضطر للعمل في أراضي الناس بالأجرة، ونتحسر على أرضنا المنهوبة". ثم عادت واستدركت:" ولكننا هنا رغم كل شيء نتحدى الاحتلال..لوغادرنا المكان فسيأخذه كما أخذ غيره..نحن صامدون في أرضنا".