19.19°القدس
19.02°رام الله
18.3°الخليل
24.65°غزة
19.19° القدس
رام الله19.02°
الخليل18.3°
غزة24.65°
الأحد 06 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

قمة عربية على مرمى حجر من الأقصى

حلمي الأسمر
حلمي الأسمر
حلمي الأسمر

على بعد أقل من ثلاثين كيلو مترا من القدس الشريف تنطلق أعمال قمة العرب الثامنة والعشرون، اليوم الأربعاء، في منطقة البحر الميت، وهي المرة الأولى في تاريخ القمم العربية التي تعقد على مثل هذا القرب من فلسطين المحتلة.

قمة ستمكن للرؤساء والملوك العرب مشاهدة المسجد الأقصى من شرفات أجنحتهم الفندقية، وينتظر أن تشهد مثل كل القمم السابقة تأكيدا على كون فلسطين، هي قضية العرب الأولى.

ويستذكر كثيرون تلك المفارقة بين قمة الخرطوم التي عقدت يومي 29 أغسطس/آب و1 سبتمبر/أيلول 1967 بُعيد نكسة يونيو/حزيران 1967، وقمة البحر الميت الذي يعتبر "قاع" العالم حيث ينخفض حوالي 395 مترا عن سطح البحر المتوسط.

ففي حين اشتهرت قمة الخرطوم بلاءاتها الثلاثة: لا صلح ولا مفاوضات ولا اعتراف بإسرائيل، تأتي قمة البحر الميت، لتعيد التذكير بالمبادرة العربية للسلام التي أطلقت منذ خمسة عشر عاما، ولم يلق لها بالا، وربما لتستبدلها اللاءات بأربع "نعمات".

ففي حين كان الموقف العربي الرسمي يردد مقولة: نقبل ما يقبل به الفلسطينيون، بات على الفلسطينيين اليوم أن يقبلوا بما يخطط له العرب، في ظل التغيرات الإقليمية والدولية الكبيرة، التي قلبت الموازين كلها تقريبا، ووضعت الوطن العربي في زاوية ضيقة من الخيارات.

ولعل أخطر ما دار في كواليس العرب في الفترة الأخيرة، أن ثمة تحركات جرت بعيدا عن عيون الإعلام، سربتها بعض المصادر العبرية، دون التحقق من مصداقيتها، يفهم من سياقها أن هناك تفاهمات إقليمية ودولية على غير صعيد، ستعلن وكأنها مبادرات عربية.

ومثل هذا البيان يعبر عن حالة غير مسبوقة من التأزيم يمر بها النظام العربي، جراء التدخلات الدولية في الإقليم، الذي شهد استباحة غير مسبوقة، للوطن العربي، حتى بات التئام القمة في هذه الظروف إنجازا كبيرا يسجل للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الذي بذل مجهودا جبارا، أولا لإنجاز عقد القمة، وثانيا للخروج بتوافقات الحد الأدنى الممكن، خاصة في الملفات الأكثر سخونة، وهي قضية فلسطين، والحرائق المشتعلة في الجسد العربي في كل من سوريا وليبيا واليمن والعراق.

ويأمل الأردن كما يبدو أن يتم إنصافه في معالجة مشكلاته الاقتصادية الخطيرة، خاصة وأنه يتحمل العبء الأكبر في ملف اللجوء السوري، فضلا عن كونه مصدا لرياح كثير من المخاطر التي يمكن أن تهب على منطقة الخليج العربي.

وفيما يخص الملف الفلسطيني نستذكر في هذا المقام ما نشرته وسائل إعلام عربية عن مقترحات تم بلورتها أخيرا من قبل الإدارة الأمريكية، وستُحمل إلى تلك الإدارة بوصفها –كما يبدو- مقترحات عربية.

وتتكون المقترحات من عدة "مبادئ" من أهمها، أن على الفلسطينيين العودة إلى المفاوضات دون شروط مسبقة، وبمشاركة عدد من الدول العربية الحليفة، ولن يكون هناك تجميد كامل للبناء الاستيطاني ولكن لن تقام مستوطنات جديدة، وعلى السلطة تعميق محاربة المقاومة ضد إسرائيل.

كما تطالب بإجراء تغيرات حقيقية في النظام التعليمي الفلسطيني وتغيير أسماء شوارع سميت بأسماء شهداء، مع وقف ما يسمى «التحريض» عبر وسائل الإعلام الفلسطينية، وتوقف السلطة عن دفع رواتب لأسر الشهداء والأسرى في السجون الإسرائيلية.

إضافة إلى ذلك، التوقف عن تحويل أموال إلى موظفي قطاع غزة لأن ذلك يساهم في تمويل مصروفات حركة حماس، ومقابل هذا، تتفهم أمريكا حاجة الفلسطينيين إلى مساعدات مالية، وتحسين الظروف المعيشية للسكان، ومقابلها تتعهد الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب مواصلة دعمها لفكرة حل الدولتين.

ويبدو أن الساحة بدأت في إسرائيل التمهيد للنظر في هذه "المبادرة" بالحديث المبكر عن الذهاب لانتخابات مبكرة، وحل الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي لن تقبل بتشكيلتها القائمة بمثل هذه المبادئ بسهولة.

أما فيما يخص بقية الملفات وخاصة ملف سوريا، فربما ينحصر الفعل العربي هنا في محاولات التخفيف من آثار الأزمة، خاصة في جانب اللجوء السوري، وكلفته الباهظة على الأردن، البلد المضيف للقمة، والمضيف أيضا لأكبر عدد من اللاجئين السوريين، على مستوى العالم العربي.

إضافة إلى محاولة التأثير ولو بالقدر الممكن في ماراثون المفاوضات الجارية بين المعارضة وقوات النظام السوري، برعاية وتدخل مباشر من القوى الدولية، التي بدا وكأنها هي صاحبة القرار فيما يجري على الأرض.

وفيما يخص بقية الملفات الساخنة كالملف اليمني والعراقي والليبي، فيبدو أن هناك دورا أكبر يمكن لمؤسسة القمة أن تقوم به، في ظل توافقات الحد الأدنى بين الدول العربية.

ويبقى الأمل معقودا على تسجيل بعض الإنجازات، فيما يخص إعادة تنشيط التعاون العربي في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والتجارة البينية.

إضافة لقضية محاربة الإرهاب، التي يبدو أنها تحظى بتوافق عربي كبير كبند مشتبك مع كل ما يجري في بلاد العرب، حيث سيكون له حيز كبير فيما سيتفق عليه القادة، وإن كان سبب الإرهاب الحقيقي، سيبقى في منأى عن أي بحث جدي، ما يعني أن كل "العلاجات" العربية لهذا المرض لن تعدو كونها مسكنات لإزالة الحمى، لا معالجة أسبابها.