19.19°القدس
19.02°رام الله
18.3°الخليل
24.73°غزة
19.19° القدس
رام الله19.02°
الخليل18.3°
غزة24.73°
الأحد 06 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

أشقاؤنا المنسيون

فهمي هويدي
فهمي هويدي
فهمي هويدي

ابتداء من السبت (الأول من إبريل) محظور على الملتحين والمحجبات والمنتقبات من مسلمى الصين ركوب المواصلات العامة، ويتعين إبلاغ الشرطة بأسمائهم. كما يحظر عليهم الزواج بإجراءات دينية، أو إطلاق أسماء على أولادهم من شأنها «إذكاء الحماس الدينى». وسوف يتعرضون للعقاب إذا ما رفضوا متابعة التليفزيون الحكومى أو الاستماع إلى الإذاعة.

القيود والإجراءات المذكورة أعلاه نص عليها قانون جديد أصدره برلمان إقليم سينكيانج الخاضع للحكم الذاتى الذي هو معقل المسلمين المنتمين لقومية «الويجور»، (في الصين أكثر من ٥٠ قومية). وهي المقاطعة التي تعرف تاريخيا باسم تركستان الشرقية وقد ضمتها الصين رسميا في عام ١٩٤٩، بعد مناوشات واحتكاكات استمرت طوال القرن الثامن عشر.

القانون الذي بدأ سريانه في أول الشهر الحالي يعد أحدث حلقات مسلسل القمع الذي يتعرض له مسلمو الصين الذين لا يزالون يرفضون المظالم التي يتعرضون لها من جانب حكومة بكين، فهي لاتزال تعاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية. إذ لا تسعى إلى قمعهم سياسيا ووظيفيا فقط، وإنما تمنعهم من الصيام في شهر رمضان وتضع العراقيل أمام ذهابهم لأداء فريضة الحج. وفي الأسبوع الماضي أصدرت الحكومة تعميما طالبت فيه كل من حمل جواز سفر أن يسلمه إلى الشرطة، على أن يسترده إذا ما قدم طلبا للسفر إلى خارج البلاد.

قمع مسلمي الويغور مستمر منذ استولت الصين رسميا على المقاطعة الغنية بالمعادن التي يتراوح عدد سكانها المسلمين بين ١٥ و٢٠ مليون شخص وتبلغ مساحتها مليونا ونحو ٦٦٠ ألف كيلومتر مربع (ثلاثة أضعاف فرنسا). لذلك فإنهم لم يتوقفوا عن الثورة والتمرد والانتفاض طول الوقت مطالبين باستعادة حريتهم وهويتهم. وظل تمردهم يواجه بإجراءات عديدة استهدفت سحق إرادتهم وطمس هوياتهم واقتلاعهم من بلادهم بتهجيرهم وإحلال آخرين من قومية «الهان» الصينية مكانهم، لتغيير التركيبة السكانية لمقاطعتهم.

حين بدأ الاتحاد السوفيتي في التفكك، واستعادت جمهوريات آسيا الوسطى استقلالها النسبي في تسعينيات القرن الماضي، جدد ذلك أمل الويغوريين في أن يحذوا حذوهم، على الأقل في استعادة الهوية والشوق إلى الحرية والمساواة. وهو ما قوبل بإجراءات قمع وسحق شديدة من جانب السلطات الصينية، التي باتت تعتبر سينكيانج كنزا لا تستطيع التفريط فيه. خصوصا بعدما تحولت قاعدة للعديد من الصناعات التصديرية المهمة ومنطلقا لكل ما تصدره الصين إلى أوروبا عبر البر.

طوال الوقت كانت السلطات الصينية كانت تعتبر النشطاء الصينيين متمردين وانفصاليين وتقمعهم جراء ذلك. وحين ظهرت لافتة الإرهاب في الأفق، تلقفتها حكومة بكين وأصبحت تعتبر الجميع إرهابيين، الأمر الذي يسوغ سحقهم واستباحتهم ويسكت الأصوات الناقدة لإجراءاتها.

كما حدث في عالمنا العربي، حين اعتبر كل من عارض المظالم إرهابيا، فإن حكومة بكين شددت من إجراءات القمع والتنكيل بالمسلمين كافة، بدعوى مقاومة الإرهاب واستئصال شأفته. وهي الأجواء التي أحدثت صدى معاكسا في محيط النشطاء الويغوريين، ذلك أن عنف السلطة دفع بعضهم إلى اللجوء إلى العنف في الرد والدفاع عن أنفسهم، ومِن هؤلاء مَن وجد في تنظيم الدولة الإسلامية عنصر جذب يوفر لهم بصيصا من الأمل للخلاص مما يعانون منه.

يثير الانتباه والدهشة في هذا الصدد أن العالم العربى والإسلامى يقف متفرجا إزاء ما يجري للمسلمين هناك، رغم أن العالم العربي وحده أصبح ضمن أهم الشركاء التجاريين للصين (في عام ٢٠١٦ وصل حجم تجارة العرب مع الصين ٢٥١ مليار دولار). ولست أشك في أن كلمة عتاب لحكومة الصين على اضطهادها لمسلميها يمكن أن يكون لها صداها في بكين، كما أنها سوف ترفع معنويات مسلمى الويغور الذين يشعرون باليتم جراء تجاهل العالم العربي والإسلامي لهم.

لست أنسى أنني حين زرت سينكيانج قبل ربع قرن قادما من باكستان، سألتهم عن فرق التوقيت لكى أضبط ساعتي، فإذا بواحد منهم استنكر سؤالي ورد على قائلا: نحن هنا نضبط ساعتنا على أشقائنا بباكستان، ولن تجد أحدا يرشدك إلى ما تريد. إنهم يعتبرون أنفسهم جزءا من العالم الإسلامى الذي نسيهم وأصبح يعتبرهم متطرفين وإرهابيين.