تتزايد بشكل ملحوظ أعداد العمالة الأفريقية والآسيوية في مختلف الأنشطة بمصر، رغم بطالة متفاقمة بالبلاد، وتتنوع الأنشطة التي يعمل بها الأجانب بين مهنيين وعمال خدمات وحرفيين بلا حقوق عمل.
بشير، شاب سوداني قدم إلى مصر قبل عامين، ليعمل في مغسلة السيارات الملحقة بمحطة وقود بشارع الهرم (غرب القاهرة)، بلا راتب ككل العاملين في كل محطات الوقود، حيث يحصل شهريا في المتوسط على 1500 جنيه (نحو ثمانين دولارا) مما يدفعه قائدو المركبات فوق التكلفة الفعلية (البقشيش).
يقول بشير للجزيرة نت إنه يعيش بجزء من عوائد عمله ويرسل الباقي لأهله في أم درمان، مبينا أن "المصريين أشقاء النيل، ولا يضيره غير تذبذب الدخل من شهر لآخر".
أما عيسى فيرى أنه أفضل حالا من ابن بلده بشير، حيث يعمل بمحل لبيع الحلوى بمدينة 6 أكتوبر بألف جنيه كدخل ثابت، والعمولة قليلة، ويخشى من طرده لأقل غلطة، فهو بلا عقد عمل.
توليد الفرص
وبحسب مراقبين، فإن أوضاع العمالة السورية تختلف عن الأفارقة، حيث إنهم يولّدون فرص العمل لهم ولغيرهم من بني وطنهم، "فالسوريون يعملون لدى السوريين أصحاب المشاريع الصغيرة"، كما يقول منهل العبدو، وهو سوري يعمل بمطعم بمدينة 6 أكتوبر، لذلك "تكون المشاكل والمعاناة أقل، وهم غالبا يعملون حرفيين في ورش وطهاة في مطاعم، وإن لم تكن هناك عقود عمل، فهناك على الأقل أعراف ومرجعيات بين أبناء الوطن الواحد".
بدوره، يفضل "ع" -وهو مصري وصاحب مصنع للرخام بالجيزة- العمالة الأجنبية الأقل كلفة، على حد قوله، "فالأجنبي لا يطالب بحقوق، ولا ينظم احتجاجات".
"ع" -الذي يتحفظ على ذكر اسمه لأنه يشغّل عمالا بلا تصاريح- يقول للجزيرة نت إن "العمالة الأجنبية مكلفة في حال اتخاذ إجراءات رسمية لتشغيلهم، ليدفع صاحب العمل مقابل التصاريح"، مشيرا إلى أن "الوسطاء يلعبون دورا في توريد العمالة الأفريقية له، حيث يجلبون ما يحتاجه من عمالة مقابل استقطاعات من مرتباتهم تذهب للوسطاء مقابل ذلك".
وكشف تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن "مجمل عدد الأجانب العاملين بالقطاع الخاص والاستثماري المسجلين رسميا بلغ 14699 أجنبيا من مختلف الجنسيات، بزيادة 3% عن السنوات السابقة".
بلا حقوق
ويرى الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي محمد الحويطي أن "هذا الرقم أقل كثيرا من الحقيقة، لأن معظم العمالة الأجنبية غير مقدرة عدديا بدقة، حيث تعد عمالة غير مسجلة رسميا".
ويؤكد أن "العمالة الأجنبية الوافدة لمصر تتميز بأنها غير مكلفة بمفهوم الرواتب والحوافز عن العمالة المصرية"، ملمحا إلى اعتقاد سائد لدى شريحة كبيرة من رجال الأعمال بأنها "الأقدر على التحمل والالتزام، رغم ما تتميز به العمالة المصرية من مهارات خارج مصر".
وتابع الحويطي في حديثه للجزيرة نت "لا يقبل المصريون على بعض المهن نظرا لأن الرواتب في مصر لا تتناسب مع احتياجات أفراد المجتمع في ظل التضخم وارتفاع الأسعار؛ الأمر الذي دفع بعضهم مؤخرا للاستعانة بعدد كبير من العمالة الأجنبية مثل السودانيين والبنغاليين والهنود".
ويقول الحقوقي عزت غنيم إن قانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003 حدد عددا من الشروط لعمل الأجانب في مصر، وحقوق العمل هي ما تم الاتفاق عليه بين العامل وصاحب العمل، لكن لا يمكن إثبات أي حقوق إلا بعقود، كما يمكن للعامل الاستعانة ببنود اتفاقية العمل الدولية.
أما في حالة إثبات علاقة العمل بشهادة الشهود -يضيف غنيم للجزيرة نت- فيمكن للعامل الأجنبي عمل بلاغ في مركز الشرطة ويتوجه به لمكتب العمل، ثم للمحكمة العمالية، شرط أن يكون قد دخل البلاد بطريقة شرعية وإلا سيتم ترحيله بمجرد التوجه للشرطة.