على فراش المرض، ترقد والدة الأسير عبد الرؤوف سميح قعدان من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، تغالبها الكلمات والحروف، لا تملك أن تردد فيها إلا الدعوات والأمنيات، تخالطها دموع الحزن والأسى على ابنها الذي مضى عامان ولم تره أو يرها، ويقعدها مرضها عن زيارته برفقة والده كباقي أهالي الأسرى.
لم تتمالك والدة الأسير قعدان 71 عامًا نفسها خلال حديثها لـ"فلسطين الآن"، وهي توجه كلماتها لابنها الأسير منذ أكثر من 12 عامًا، ورددت وهي تبكي: " كيف حالك يا ابني، إن شاء الله تكون بخير، بدي إياك تكون بخير ومبسوط، الله يرضى عليك ويفرجها عليك عن قريب، وعن كل الأسرى".
عامان لم تتمكن والدة الأسير من زيارة ابنها بسبب آلام في أقدامها حددت حركتها وقدرتها على السير، تتمنى هي أن تزوره وتراه بكل لهفة وشوق، وهو كذلك يتمنى أن يراها بكل لهفة وشوق ولا يكاد يسأل عن أحد خلال زيارة والده له إلا سؤاله عن والدته وأخبارها.
وقالت: "لي سنتان لم أزره، ونفسي أشوفه وأزوره ولكن لا أقدر أمشي أو أذهب"، مضيفة: "عندما كنت أذهب لزيارته نجد المعاناة الكبيرة في الوقت والحواجز والتفتيش"، متمنية الفرج القريب لابنها ولكافة الأسرى بالعودة إلى أهلهم سالمين.
والأسير عبد الرؤوف سميح عبد الرؤوف قعدان من سكان مدينة رفح جنوب قطاع غزة، محكوم بالسجن 16 عامًا، بعد اعتقاله في السادس من نوفمبر عام 2004 على الحاجز الإسرائيلي الذي كان يفصل قطاع غزة إلى قسمين ما يعرف بحاجز "أبو هولي"، وأمضى في سجون الاحتلال 12 عامًا ونصف.
عذاب وأمنيات
ومن جانبه يروي والد الأسير سميح قعدان يوم اعتقال ابنه عبد الرؤوف : "يوم 6/11/2004م، كنا في رمضان نجهز للإفطار ولم يكن تبقى للعيد تقريبا 5 أيام، وقبل الإفطار بقليل دق باب البيت وقالوا لنا ابنكم اعتقل على حاجز أبو هولي، انتقلت الفرحة والاستعداد للأذان إلى حزن وهم وغم كبير جدًا، أسأل الله ألا يراه أحد".
وأوضح أنهم تأكدوا من خبر الاعتقال، مبينًا أنه تم الحكم عليه 16 عامًا و8 آلاف شيكل غرامة، أمضى منها 12 عامًا ونصف وتبقى ثلاث سنوات ونصف.
وتابع بقوله: "لم أفوت زيارة على عبد منذ اعتقاله وإلى اليوم، ولكن أمه بسب المرض لها عامين لم تراه لأنه صعب عليها، فهو لم يراها ولم تراه، وما نتمناه أن تشفى وتشارك في الزيارة، وهو ملهوف جدا عليها، وعندما أزوره كل أسألته عن أمه، ولا يسأل إلا عنها، لأنه آخر الأبناء وكانت علاقاته مع أمه مميزة ومرتبط مع أمه كثيرًا أكثر من أي إنسان".
وأضاف: "نتمنى أن تحضره وهو مفرج عنه وتزوجه وتفرح به".
ويصف قعدان يوم زيارته بـ"العذاب"، بسبب المعاناة الكبيرة التي يتكبدها أهالي الأسرى خلال زيارتهم لأبنائهم داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، موضحًا "نذهب للزيارة الساعة الثالثة والنصف فجرًا من أمام مسجد العودة وسط رفح ونعود الساعة الثامنة في معاناة كبيرة جدا، من خلال الحواجز والتفتيش وطريقة الزيارة، يوم عذاب بكل ما تحمله الكلمة من معنى"، معتبرًا "لكن من أجل أن يرى الواحد ابنه ساعة زمن، العذاب يهون بإذن الله".
وعن رسالته للعالم أمام معاناة ابنه وباقي الأسرى قال: "العالم مسكر أذنيه أمام معاناتنا، ولو ناشدناه 40 عامًا لن يسمع لك ولن يرد عليك، ونحن أمنياتنا من الله، أحسن من العالم كله لأنه لا أحد يعنيه معاناتك، نقول يا رب كن معهم وقدر لهم الإفراج السريع ويحميهم، كل شيء عند ربنا، هو الوحيد الذي يمكن يساعدهم ويفرج عنهم".
