قرار شجاع يحمل الكثير من الرسائل، ذلك الذي اتخذته الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح بنابلس، بخوضها انتخابات مجلس اتحاد الطلبة يوم الثلاثاء 18-4 الجاري، رغم كل ما تمر به من ظروف قاسية، لا تصمد أمامها الجبال.
فحسب المعلومات التي حصل عليها مراسل "فلسطين الآن" من مصدر مطلع داخل الكتلة الإسلامية، فهناك نحو 100 من قياداتها وكوادرها يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، من أبرزهم أمير الكتلة عاصم اشتية، الذي حكم بالسجن 38 شهرا، وخليفته أحمد مرشود الذي ما يزال موقوفا، وأمراء الكليات وأعضاء مجالس الطلبة السابقون والمناصرون من الذكور والإناث ايضا.
إضافة للحرب الشعواء التي دخلت عامها العاشر من أجهزة السلطة، وتحديدا جهازي المخابرات العامة والوقائي. فالمئات من كوادر وقيادات وأبناء وأنصار الكتلة الإسلامية تعرضوا للاعتقال لأشهر طويلة في سجون السلطة، هذا إضافة للاستدعاءات المستمرة، والملاحقة والتضييق، والتهديدات التي تصل لهم عبر الهاتف من أرقام مجهولة تنذرهم بمواصلة عملهم أو دعمهم للكتلة الإسلامية.
وجاء في بيان الكتلة "أعوامٌ أربعةٌ حافلة مرّت بعد آخر عرسٍ ديمقراطيٍ كسر جمود السنوات العجاف في جامعة الشهداء والاستشهاديين، فجّرت بعده الكتلة الإسلامية ثورة عملٍ نقابيّ ووطنيّ طويل، قادته كتلتكم إلى جانب كلّ مكونات الحركة الطلابية بكلّ تفانٍ وعطاء، متحديةً الحاضر المرير، عازمةً على رسم مستقبلٍ طلابي جديد".
وتابع "كثيرةٌ هي العصيُّ التي وُضعت في دواليب انتخابات مجلس اتحاد الطلبة طيلة السنوات الماضية، فعملت على وقف الحياة الديمقراطية داخل الجامعة، ورُفعت في وجه نشطاء وكوادر الحركة الطلابية خارجها وفي مقدمتهم قادة وكوادر الكتلة الإسلامية، الذين دفعوا أياماً طويلةً من أعمارهم في السجون المتعددة حولنا".
بقيت هذه المعادلة الصعبة تحكم المشهد الطلابي، إلى أن جاءت ساعة الصفر الأخيرة، بعد رحلة نضالٍ نقابيًّ طويلٍ، تمكنت فيه الإرادة الطلابية من كسر مُعظم هذه العصي، مُجبرةً إدارة الجامعة وجماعات التعطيل خارجها على الموافقة على تنظيم الانتخابات وإعادة هذا الحقّ المصادر إلى طلبة الجامعة.
إلا أن القصة لم تنتهِ عند هذه اللحظة، حيث عادت عصي التعطيل للعبث مجددا، فعملت على هندسة المشهد الانتخابي بما يخدم كتلة طلابية بعينها، دون إعلان أساس قانوني واضح، الأمر الذي رفضته الكتلة الإسلامية ومعها معظم الكتل الطلابية الأخرى، باذلةً كلّ الجهد لمعالجة هذه الخروقات التي سبقت العملية الانتخابية، محاولةً بكلّ صدقٍ الوصول إلى عمليةٍ انتخابيةٍ تضمن تكافؤ الفرص وتصل بسفينة الانتخابات إلى برّ العدالة والمساواة.
وأمام هذه المشهد المُختلط، دعت الكتلة الإسلامية كافة الكتل الطلابية، لمواصلة العمل لإنجاح هذه الانتخابات "والوقوف صفا واحدا أمام كل محاولات تخريبها وتعطيلها".
وأبدت الكتلة تحفظها الشديد على حضور بعض الأشخاص لاجتماع اللجنة التحضيرية للانتخابات "وهم لا يمثلون من الواقع الطلابي أي صفة دون أي تحفظ أو اعتراض من إدارة الجامعة".
طلبة الماجستير
وكانت الكتلة الإسلامية قد استنكرت تنصل إدارة الجامعة من السماح لطلبة الدراسات العليا بالمشاركة في انتخابات مجلس اتحاد الطلبة، "وذلك في تجاوز لدستور مجلس الطلبة الذي أقره مجلس أمناء الجامعة، وتجاوز لتوافق الأطر الطلابية وفق ما جاء في اتفاقها بتاريخ 11/4/2017".
وقالت إن "إصرار الجامعة على قرارها بحرمان طلبة الدراسات العليا من حقهم في التصويت يفتح الباب أمامهم للمطالبة بحقهم القانوني الذي كفله الدستور أمام القضاء الفلسطيني والمنظمات الحقوقية، فانتخابات مجلس الطلبة حق أصيل للطلبة وللحركة الطلابية وليست منة من أحد".
دعوات طلابية
وسبق ذلك أن قدمت الأطر الطلابية في الجامعة، كتابا رسميًا لإدارتها شمل جملة من المطالب القانونية المتعلقة بانتخابات مجلس الطلبة المقبلة، مؤكدةً أنها "مطالب ضرورية لضمان انتخابات نزيهة وشفافة تعكس صورة ناصعة عن جامعة النجاح وترسخ قيم الحياد والديمقراطية والشفافية".
وجاء على رأس تلك المطالب، بحسب الكتاب الذي وقعت عليه كلٌ من الكتلة الإسلامية وكتلة اتحاد الطلبة التقدمية والجماعة الإسلامية وتجمع المبادرة الطلابي وكتلة الوحدة الطلابية، فيما وقعت حركة الشبيبة الطلابية عليه مع إبداء تحفظ على بعض نقاطه، توضيح الأساس القانوني الذي ستجري بموجبه الانتخابات مع إبراز أي تعديلات أجريت على دستور مجلس اتحاد الطلبة، مع اعتبار أن أي تعديلات لا يتم إبرازها وإعلانها لاغية غير معترف بها من الأطر الطلابية.
كما طالبت الأطر الطلابية بتوضيح رسمي من إدارة الجامعة حول مشاركة طلبة الدراسات العليا في الاقتراع، مطالبة إياها بتنظيم الانتخابات الطلابية سنويا في موعدها القانوني.
وجاء كذلك في كتاب الأطر مطالبتها بحل مجلس الطلبة وتسلم أعماله من عمادة شؤون الطلبة حال انتهاء دورته السنوية وتوافق الأطر على تأجيل الانتخابات.
كما طالبت الأطر إدارة الجامعة بالتزام الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطر الطلابية فيما يتعلق بإجراءاتها التنفيذية وتصريحاتها الإعلامية، مطالبة إدارة الجامعة بإعلان هذه البنود بعد اعتمادها من خلال صفحتها الرسمية ووسائل الإعلام.
خطوة موفقة
ولاقت خطوة الكتلة الإسلامية دعما كبيرا من بعض القيادات والمحللين والاعلاميين.
فقد قال الصحفي رضوان قطناني إن "الكتلة الإسلامية في النجاح اختارت الطريق الأصعب .. طريق المكابدة والمدافعة، ثمّ العواقب غير المأمونة.. وهي الآن ليست سوى شبانٍ يعتقل الاحتلال جلهم في سجونه .. أو شبان نفضوا عنهم غبار السجن توّاً ليقودوا مسيرتها".
وأضاف "وهي، فوق ذلك، تعرف أن السجن الفلسطيني ملتصق بباب جامعتها، التصاق إدارة جامعتها بتوجهات أصحاب السجن، لذا "فالقرار في هذه الظروف دليل عظمة وإقدام .. وهمّة وتضحية .. واستعداد للفناء في سبيل الفكرة".
بدوره، وصف الكاتب والمحلل السياسي عماد صلاح الدين قرار الكتلة الإسلامية المشاركة في الانتخابات القادمة بجامعة النجاح بـ"الصائب" و"المهم"، لخدمة الحركة الطلابية رغم العقبات التي تعترض عملها، مشددًا على أهمية المشاركة في الانتخابات النقابية والمحلية للشراكة في بناء الوطن.
وأكد صلاح الدين، في تصريحات صحفية أهمية المشاركة، رغم إشارته إلى عدم توفر أجواء إيجابية لديمقراطية سياسية أو محلية أو حتى نقابية وطلابية في الضفة الغربية، وغلبة سيطرة لون سياسي وحزبي واحد، وهو حركة فتح.
وقال صلاح الدين:"يجب أن تشارك الكتلة في انتخابات مجلس طلبة النجاح؛ لأن النقابات والمجالس الطلابية والقطاعات الأهلية الأخرى هي عمود العافية المدنية والاجتماعية في المجتمعات... وغيابها عن المشاركة النقابية "لن يخدم لا مشروعها الثقافي ولا الاجتماعي ولا السياسي الوطني"، مضيفا أن "الأكثر أهمية في هذا السياق هو أن غيابها سيمس وبشكل خطير ذلك الدور وتلك التراكمية الإيجابية التي تصب في النهاية في خانة الفلسطيني وقضيته الوطنية".
مسافة واحدة
أما القيادي في حركة "حماس" في محافظة طوباس، فازع صوافطة، دعا إدارة جامعة النجاح إلى الوقوف على مسافة واحدة من جميع الكتل الطلابية، وتهيئة الأجواء الإيجابية في انتخابات مجلس الطلبة القادم في الجامعة.
وطالب صوافطة -في تصريحٍ صحفيٍّ-، جامعة النجاح وإدارتها، بحماية العملية الانتخابية وعدم السماح بالتدخلات التي تأتي من خارج أسوارها، التي تعمل على ممارسة الضغوط على الطلبة تحقيقاً لمصلحة كتلة على حساب الكتل الأخرى.
وحث الكتل الطلابية مجتمعة على إنجاح هذه الانتخابات، والتحلي بالمسؤولية العالية خدمة للطلبة، والحفاظ على أجواء إيجابية من التعاون والوحدة، خاصة بعد سنوات من التأجيل ورفض إدارة الجامعة إجراء الانتخابات في مواعيدها المقررة.
وأوضح القيادي في "حماس" أن قرار الكتلة الإسلامية المشاركة في هذه الانتخابات رغم ما تتعرض له من اعتقالات لقيادييها وكوادرها هو تعبير واضح عن استعدادها لتحمل مسؤولياتها تجاه الطلبة، راجياً انتهاء هذه العملية في أجواء إيجابية، وأن تجرى سنوياً وفق ما تنص عليه القوانين واللوائح الداخلية بعيداً عن المزاجية في اختيار توقيت إجرائها، لما في ذلك من ضمان لاختيار الطلبة لممثليهم بصورة منتظمة ومريحة بعيداً عن أي اعتبارات مصلحية أخرى.
سبع كتل
وكانت سبع كتل طلابية تقدمت بترشيح نفسها لخوض انتخابات المجلس في دورته للعام 2016/2017. وقد تم توزيع أرقام الكتل الانتخابية على النحو التالي: الكتلة الإسلامية" كتلة فلسطين المسلمة" الرقم "1"، وحركة الشبيبة الطلابية " كتلة الشهداء" الرقم "2"، وكتلة الاستقلال الرقم "3"، وكتلة كفاح الطلبة وكتلة نضال الطلبة باسم كتلة فلسطين للجميع الرقم "4"، وكتلة اتحاد الطلبة التقدمية " كتلة الاتحاد" رقم "5"، وكتلة الوحدة الطلابية، كتلة الشهيد عمر القاسم رقم"6"، وجبهة العمل الطلابي التقدمية" كتلة الشهيد أبو علي مصطفى" رقم "7".
وقد اجتمعت الكتل الطلابية المرشحة لخوض الانتخابات مع اللجنة التحضيرية للإشراف على الانتخابات يوم الاربعاء الموافق 12/4/2017 وتقدمت بطلب تأجيل الإجازة المقررة يوم الاحد 16/4/2017 بمناسبة عيد الفصح من اجل استكمال الاجراءات والتحضيرات النهائية للانتخابات والدعاية الصامتة على أن تعوض يوم الاثنين 24/4/2017 بدلا منها، وقد رفعت اللجنة التحضيرية توصيتها لإدارة الجامعة التي وافقت على المقترح.
يذكرً بأن موعد الدعاية الصامتة سيكون يوم الأحد 16/4/2017، والمهرجان الانتخابي سيكون صباح يوم الاثنين 17/4/2017، في مسرح المرحوم حكمت المصري بالحرم الجديد.
وقد بلغ عدد الطلبة الذين يحق لهم الاقتراع 20246 طالب وطالبة، وبلغ عدد قاعات الاقتراع 60 قاعة و60 صندوق في مواقع الجامعة المختلفة.
فيما سيشرف على تنظيم هذه الانتخابات داخل وخارج القاعات اكثر من 300 موظف أكاديمي وإداري من موظفي الجامعة في مختلف مواقع الاقتراع.
ونشرت اللجنة التحضيرية للإشراف الانتخابات أسماء الطلبة الذين يحق لهم حق الانتخاب على موقع الجامعة ولوحات إعلانات الكليات في الحرم الجديد، والحرم القديم، وكليتي هشام حجاوي ومجتمع النجاح، وكليتي الزراعة والطب البيطري.
