أسرانا الأشاوس أيها المجاهدون القابضون على الجمر ، الصابرون على الجراح رغم عمقها ، تمر علينا هذه الذكرى والمحتلون الغاصبون يواصلون غطرستهم وطغيانهم ، وصَلَفهم وغرورهم وعدوانهم ، وابتلاعهم لأرضنا ، وتهويدهم لمقدساتنا ، بل ويواصلون حصارنا وخنقنا ، ظنّاً منهم أنهم قادرون على تركيعنا لغير خالقنا ، ولكن هيهات هيهات أن يتحقق ما يحلمون به لأننا طلاب مجد ، وعشاق شهادة ، ودعاة حق سلاحنا إيماننا بربنا ثم بعدالة قضيتنا .
أسرانا البواسل لن ننساكم فأنتم ساكنون في سويداء قلوبنا وجوانحنا ، كيف ننساكم وأنتم تدافعون عن كرامة الأمة وعزتها وحريتها ؟ كيف ننساكم وأنتم الذين علمتم شعوب العالم كيف يكون الشموخ والإباء ، والبذل والوفاء ، والتضحية والفداء من أجل الدين والوطن والمقدسات ؟ كيف ننساكم وأنتم عنوان الأمة وشرفها ؟ فجددوا عهدكم مع الله ، جددوا ولاءكم لله ، لأنه لا يُفرّج كربكم إلا الله ، ولا يكشف ضركم الا الله ، ولا يفك أسركم إلا الله ، ولا يكسر قيدكم إلا الله ، أما سمعتم قول الله جل علاه " أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُون َ "
أسرانا الأبطال اعلموا أن الله معكم ، وناصركم ، ولن يضيعكم ، ولن يتخلى عنكم ، ولن يتركم أعمالكم ، فسلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ، سلام عليكم بما صبرتم على ظلام السجن وظلم السجان ، سلام عليكم بما صبرتم على فراق أحبتكم ، على فراق أفلاذ أكبادكم ، وفراق آبائكم وأمهاتكم وزوجاتكم ، كم هي - والله - عظيمة إرادتكم ، قوية شكيمتكم ، صادقة عزيمتكم ، عالية همتكم ، سامية غايتكم ، راسخة عقيدتكم ، ميمونة جهودكم ، مباركة سواعدكم ، فلكم الله يا أبطال فلسطين يا حماة الوطن والدين .
أسرانا الأفذاذ اعلموا أن قضيتكم قضية إنسانية عادلة وطاهرة طهر ماء السحاب ، كيف لا وأنتم الذين تدافعون عن كرامة الشعب وعزته ومقدراته وأعراضه ؟ فكفاكم فخرا وعزا أنكم ما قبلتم الدنية في دينكم ، وما انحنت هاماتكم إلا لخالقكم فأحسنوا التوكل عليه ، وأكثروا من الاستغفار فهو السلاح البتار ، فبه يفك الحصار ، ويحطم الجدار ، وبه يفك أسركم ، ويفرج كربكم ، فإذا اشتد ظلام السجن عليكم استعينوا بالصبر والصلاة ، واذا آلمكم قيد السجان أكثروا من قول لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، وبددو ظلام السجن وظلم السجان باللآلئ الحسان ، بأي القرآن ، وذكر الواحد الديان ، فإنه أنيسكم في وحشتكم و وحدتكم .
أما رسالتنا لذوي الأسرى وآبائهم وأمهاتهم ، نقول لهم : كفاكم فخرا وعزا أن ابناءكم وقعوا في الأسر وهم يذودون عن كرامتنا بل عن كرامة الامة جمعاء وعن إرثها الحضاري ، كفاكم فخراً وعزاً أن أبناءكم رغم القيد ورغم ظلام السجن وظلم السجان ما انكسرت شكيمتهم ، وما لانت عريكتهم ، وما وهنت عزيمتهم ، وما ضعفت همتهم ، كفاكم فخرا وعزا أن أبناءكم هم عنوان الأمة وشرفها ، بل هم التيجان التي يجب أن توضع على رؤوس قادة الأمة وحكامها ، كفاكم فخرا وعزا أن ابناءكم آثروا ما عند الله على ما سواه من حطامٍ فانٍ ، وعرضٍ حائل ، وظل زائل ، فوالله لقد ربح بيعهم وربحت تجارتهم لأنها مع الله وسيجدون ثمرتها عند الله يوم يقوم الأشهاد .
أسرانا الكماة اعلموا أن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، و أن مع العسر يسرا ، وعما قريب - بإذن الله – سيبزغ فجركم ، وتشرق شمسكم ، شمس حريتكم ، ويفك حصاركم ، وينكسر قيدكم ، وينقشع ظلامكم ، ومن ظلمكم ، ويرحل ساجنكم ، وستخرجون من هذه القبور ، مرفوعة نواصيكم ، مصونة كرامتكم ،عالية همتكم ، محمودة صنائعكم ، رغم أنف المحتلين الغاصبين ، ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصركم وعرسكم ، وسيهتفون بحياتكم ، وحق عليهم بل على الأمة جمعاء أن يضعوا أكاليل على رؤوسكم ، وأوسمة على صدوركم ، وأن يقبلوا هاماتكم فأبشروا وأملوا ، وثقوا بنصر الله ، وتذكروا قول الله جل في علاه : " ولَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً " وهذه سنة كونية حفظكم ورعاكم وثبت أقدامكم رب البرية .