19.19°القدس
19.02°رام الله
18.3°الخليل
24.65°غزة
19.19° القدس
رام الله19.02°
الخليل18.3°
غزة24.65°
الأحد 06 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

لماذا قاد البرغوثي إضراب الأسرى؟

صالح النعامي
صالح النعامي
صالح النعامي

لقد بان المستور وأبت الحقيقة إلا أن تظهر ساطعة كالشمس في رابعة النهار؛ فالإجراءات التصعيدية التي أقدم عليها عباس ضد غزة مؤخرا لا تندرج في إطار تداعيات الانقسام الفلسطيني الداخلي، كما يحلو لمحمود عباس أن يحاجج؛ بل هي خطوة أخرى يقدم عليها ساكن المقاطعة في رام الله لتأمين مواصلة تمتعه بالشرعية الأمريكية.

 فخطوات عباس التصعيدية لم تتضمن فقط تقليص رواتب موظفي السلطة من الغزيين، بل شملت أيضا تقليص مخصصات الأسرى وعوائلهم وعوائل الشهداء والجرحى الذين سقطوا برصاص الاحتلال. وقد تبين أن الإجراءات ضد الأسرى وعوائل الشهداء والجرحى جاءت بناء على طلب أمريكي صريح.

فقد كشف موقع «وللا» الإسرائيلي النقاب عن أن المبعوث الأمريكي للمنطقة جيسين غرينلت طالب عباس في لقائهما قبل شهر ونصف في رام الله بالتوقف عن تقديم المساعدات المالية للأسرى وعوائل الشهداء والجرحى بحجة أن هذا يأتي في إطار توفير بيئة حاضنة لـ «الإرهاب». ولا تقف الأمور عند هذا الحد، حيث تبين أن كلا من الأمريكيين والإسرائيليين عازمون على تقليص هامش المناورة أمام عباس أكثر وتعريته أمام شعبه من خلال الإيضاح له بشكل لا يقبل التأويل أن مواصلة دعم الأسرى وعوائل الشهداء والجرحى في الضفة كما في القطاع، لا تعني فقط فقدان الشرعية، بل ستستجلب عقوبات اقتصادية غير مسبوقة.

من هنا، فحسب التسريبات الإسرائيلية، فإنه بناء على طلب ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فإن الدعم المادي للأسرى وعوائل الشهداء والجرحى سيكون على رأس جدول أعمال اللقاء الذي سيجمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مطلع مايو القادم، حيث أن ترامب سيوضح لعباس بأن إدارته لن تقبل تقليص مخصصات الأسرى وعوائل الشهداء والجرحى، بل وقفها تماما.

وحسب التسريبات التي أكدتها تقارير في وسائل الإعلام الأمريكية، فأن ترامب سيبلغ عباس بأن التدليل على جديته في الانخراط في الحرب على «الإرهاب» يرتبط بشكل أساسي بالخطوات التي سيقدم عليها ضد الأسرى وعوائل الشهداء والجرحى.

ومن أجل التدليل على جدية الولايات المتحدة وتصميمها على الزام عباس بالمضي في حربه على فلسطين الشعب والقضية والمقاومة، فأن مجلس الشيوخ الأمريكي يعكف حاليا على إصدار تشريعات قانونية تقنن فرض عقوبات على السلطة في حال واصلت تقديم الدعم المالي للأسرى وعوائلهم. ويتضح أن مشروع قانون بادر إليه السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام يلزم الإدارة الأمريكية بوقف دعمها المالي للسلطة الفلسطينية في حال تواصل تقديم الدعم المالي للأسرى ولعوائل الشهداء والجرحى الفلسطينيين الذين سقطوا برصاص الاحتلال.

وإلى جانب هذا القانون، فأن البرلمان الصهيوني (الكنيست) قد أعد مشروع قانون مماثل ينص على استقطاع أي مبلغ تدفعه السلطة للأسرى وعوائل الشهداء والجرحى من عوائد الضرائب التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية.

إذن إجراءات عباس التصعيدية ضد غزة لا تتعلق بحرص عباس على انهاء الانقسام الداخلي من خلال إيذاء حركة حماس، بل هي حملة استباقية للتدليل لساكن البيت الأبيض الجديد أن السلطة الفلسطينية منخرطة في حرب ضد «الإرهاب».

ما يعانيه الأسرى في قطاع غزة وعوائل الشهداء والجرحى هناك من إجراءات عباس سيعانيه الأسرى وعوائل الشهداء والجرحى في الضفة الغربية.

إذن على عباس أن يشعر بالخجل وهو يسمح لمقربيه بأن يطعنوا في دوافع المناضل الكبير مروان البرغوثي من وراء مبادرته لدعوة أسرى حركة «فتح» في سجون الاحتلال للإضراب المفتوح عن الطعام، من خلال الادعاء أن البرغوثي أنما يهدف لتحقيق أهداف سياسية على الصعيد الشخصي.

فعلى ما يبدو، أن البرغوثي من خلال الإضراب عن الطعام لا يهدف فقط إلى وقف تغول مصلحة السجون الصهيونية التي تنتهك حقوق الأسرى، بل أيضا تهدف إلى بناء بيئة شعبية لا تسمح لعباس بمواصلة التجاوب مع المخطط الأمريكي الإسرائيلي.