19.44°القدس
19.28°رام الله
18.3°الخليل
24.37°غزة
19.44° القدس
رام الله19.28°
الخليل18.3°
غزة24.37°
الأحد 06 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

المشهد الفلسطيني ولقاءات واشنطن الخطرة

حازم عياد
حازم عياد
حازم عياد

 التكهنات والتوجسات المتفشية في الساحة الفلسطينية والعربية تجاه تعامل الادارة الأمريكية مع الملف الفلسطيني تترافق مع تزايد حالة انعدام اليقين إقليميا ودوليا؛ فالكل بانتظار الرصاصة الاولى التي ستحدد معالم المواجهة المقبلة في الاقليم والعالم؛ ما يجعل من لقاء الرئيس عباس بالرئيس الامريكي ترمب مسألة بالغة الحساسية والتأثير.

فالولايات المتحدة تملك القدرة على اطلاق الرصاصة الاولى ولكن من الصعب ان تحصر الجبهات المشتعلة بسهولة؛ فالكل يسعى للاستثمار في اللحظة الحاسمة والكل يتمنى الا تكون الطلقة الاولى في جبهته؛ مايبقي الباب مفتوحا لامكانية الا تندفع الولايات المتحدة في سياساتها والمترافقه مع تأزم كافة الجبهات واحتمال انفجارها دفعة واحدة والقضية الفلسطينية إحداها؛ ما يطرح تساؤلا مهما يتعلق بالسياسة الامريكية تجاه القضية الفلسطينية يتعلق بمسار هذه السياسة وتوجهاتها؛ فهل تدفع نحو الانفجار والتازيم ام الاحتواء والتهدئة؟

جملة من الحقائق يمكن رصدها تتفاعل في ذات الوقت مع التحركات المرتبطة بالقضية الفلسطينية واللقاء المرتقب بين الرئيس عباس وترمب الاربعاء المقبل، يمكن ان تقدم اجابات لهذا التساؤل والسيناريوهات المرافقة الكامنة في باطنه والتي من الممكن ان تطلقها عملية التفاعل والاشتباك الامريكية مع ملف القضية الفلسطينية.

 ابرز هذه الحقائق تتمثل بتأزم الوضع في شبه الجزيرة الكورية؛ وحالة التأهب على خلفية الغارات الامريكية في الشعيرات؛ والحشود الامريكية المتصاعدة في المنطقة؛ والغارات التي يشنها الكيان الاسرائيلي في سوريا الى جانب التوتر المتصاعد مع ايران؛ مسألة تزيد الواقع الاقليمي والدولي غموضا؛ خصوصا وان آلية احتواء الصراع العربي الصهيوني وتحييده مرحليا استعدادا لاي مواجهة اقليمية ودولية تتم بآليات ومقولات تزيده تأزما على عكس المراد.

 الغموض وسيولة الادوات والمقولات ترفع من مستوى خطورة المشاريع الامريكية للتعامل مع القضية الفلسطينية؛ فالسياق الذي يأتي فيه النشاط السياسي الامريكي للتعامل مع الملف الفلسطيني يعد سياقا خطرا يقع بين الوعود الانتخابية اليمينية والواقع الدولي والاقليمي المأزوم، والذي يحتاج الى تبريد للقضية الفلسطينية لا التسخين كما يحدث الان.

اذ لا يتوقع ان تقدم الادارة الامريكية الجديدة شيئا في ملف القضية الفلسطينية؛ فجل تركيزها ينصب على الايفاء بوعود ترمب الانتخابية وخوض المواجهة في شبه الجزيرة الكورية واستعادة التوازن مع روسيا؛ في حين ان جل اهتمام الرئيس عباس منصب على معركته التي يخوضها على قطاع غزة؛ ما يعني ان اللقاء لايحتوي اي بند مشترك سوى المتعلق بحصار غزة وزيادة معاناته بكافة الوسائل والادوات الممكنة مضيفا بؤرة تأزيم جديدة في الاقليم والنظام الدولي؛ مهيئة للانفجار كما غيرها من البؤر الساخنة.

اللقاء بين ترمب وعباس من الممكن ان يشكل فارقة مهمة في تاريخ السلطة الفلسطينية في رام الله ومستقبلها؛ اذ تذهب التكهنات الى ان هناك محاولة لتجديد مكانة السلطة ودورها ليتجاوز التنسيق الامني المحصور في الضفة الغربية نحو مهمات جديدة تبرر وجودها من وجهة نظر الادارة الامريكية والكيان الاسرائيلي؛ ومن الممكن ان تتحول اللقاءات الى بداية لنوع جديد من العلاقة بين السلطة والشعب الفلسطيني ايضا لتزيد الوضع الاقليمي تأزما وترفع مع احتمالات انفجار الصراع مع الكيان الاسرائيلي.

قدرة الادارة الامريكية على ضبط المشهد تكاد تكون شبه مستحيلة والتركيز على جبهة واحدة بات مستحيلا وفلسطين احداها؛ فما تظنه الولايات المتحدة احتواء وسيطرة في فلسطين يتحول شيئا فشيئا الى واقع متأزم ومتفجر لايقل سخونه او خطورة عن الجبهات التي تتعامل معها الولايات المتحدة في العالم؛ فالجهود الامريكية المبذولة على الجبهة الفلسطينية تعطي اثرا عكسيا متراكما وخطرا على عكس المراد والمرغوب امريكيا.

وفي ضوء هذا الواقع المأزوم وتلك السياقات الخطرة فان اللقاء المرتقب بين الرئيس محمود عباس والرئيس الامريكي الاربعاء المقبل في واشنطن لا يقل خطورة من حيث الاثر على القضية الفلسطينية ومستقبل الصراع واتجاهات المواجهة فيه؛ اذ لا يعلم بعد مخرجاته المتوقعة وتأثيراته وتداعياته على مجمل القضية الفلسطينية والمنطقة؛ كما لا يعلم كيف سيتعامل الرئيس عباس مع الادارة الامريكية في حال قررت نقل السفارة الامريكية الى القدس وأعلن عن ذلك في حضوره؛ وهل بإمكان الرئيس عباس ان يضع حدا لبناء المستوطنات او الحصار على قطاع غزة؛ وكيف سيتعامل مع اضراب الاسرى وماذا سيعرض على طاولة ترمب؛ والأهم كيف ستتفاعل الاراضي المحتلة والشعب الفلسطيني مع هذا الحدث.

الايام المقبلة ستكشف عن طبيعة الدور الجديد المناط بالسلطة في رام الله كما ستحدد شكل الصراع المقبل في الاراضي الفلسطينية؛ والذي سيكون له تداعيات اقليمية على الارجح؛ والتكهنات حول مابعد الزيارة سيكون لها تأثير واضح على علاقة السلطة بكافة الفصائل الفلسطينية؛ ما يعني ان المرحلة المقبلة ستكون بداية ومرحلة جديدة من مراحل تطور السلطة في اطار مشروع دايتون القديم الجديد وهي وصفة امريكية خطرة لمرحلة حساسة وخطرة يعيشها الاقليم والنظام الدولي.

مهمة محمود عباس في واشنطن باتت خطرة والمؤشرات المتعلقة بها سلبية الى حد كبير فيه تتفاعل مع السياق الاقليمي وتتجاهل السياق الفلسطيني الداخلي وتتجنب التنسيق السياسي الداخلي والوطني؛ فالساحة الفلسطينية تمر بمرحلة حرجة في ظل إضراب الاسرى والاوضاع الانسانية المتدهورة في قطاع غزة؛ ما ينبئ بانفجار وتدهور جديد في الضفة الغربية والقطاع تتجاوز مشاريع السلطة وانشغالاتها، كما تتجاوز قدرة الولايات المتحدة والقوى الاقليمي على احتوائها بادوات تقليدية وقديمة لاتتناسب والظرف الدولي والاقليمي.