بلغ تأثير المسلسل التركي قيامة ارطغرل، مزاحمة مشاهده التاريخية والدرامية التطورات الواقعية، خصوصا بما يحمل من رسائل سياسية تنسحب على مختلف الأزمان والأماكن.
وأمام التجربة الانتخابية والتداول التنظيمي لرئاسة المكتب السياسي لحركة حماس من السلف خالد مشعل "أبو الوليد" الى الخلف إسماعيل هنية "أبو العبد"، تبرز زاوية ركز عليها المسلسل تتناول ملابسات انتقال سيادة القبيلة من سيد لآخر إما بطريقة سلمية وفق أعراف وإرث القبلية، أو من خلال الحيل والمؤامرات للوصول لصدر الخيمة.
في إيحاءات ورمزيات المسلسل، يشكل انتقال الأمانة للسيد الجديد الاستحقاق الأهم، ويشمل ثلاثة رموز تضم قيم: العدالة والانتماء والقوة.
وتجري مراسم التنصيب بعد الانتخاب، بتسليم راية القبيلة للسيد المنتخب ليقبلها ثلاثا وكذلك يفعل بالسيف وأخيرا نسخة من القرآن الكريم، عناصر كافية لتلخيص متطلبات الإدارة والحكم.
مراسم التنصيب لا تتوقف عند هذا المشهد الذي يحدد التزامات سيد القبيلة، بل ينتقل الاستحقاق إلى الأسياد الذين انتخبوه بالأغلبية فيؤكدون ولاءهم عبر تقبيل اليد ضمن عادات وطقوس تلك القبيلة في ذاك الزمان، واللافت أن هذا السلوك ينسحب على من لم ينتخبوا السيد الجديد، بمعنى النزول عند خيار الأغلبية، وإلا مغادرة القبيلة لمن لا يطيق.
بمجرد تقلد سيد القبيلة المنصب تتسع خيمته للجميع ويصبح أبا القبيلة، بمن فيهم المعترضون والخصوم، وتتجلى معاني العدالة تطبيقا لا شعارات بمعاملة أبناء عائلته كبقية الرعية، ليستحق لقب ومكانة السيد بالرضى العام وليس استنادا إلى عملية انتخابية فقط، أي أن شرعيته مستمدة من حسن إدارته لشئون القبيلة وحمايتها لا من تربعه في خيمة السيادة.
كما أن محاسبة السيد تتم وفق تطبيقه لمقتضيات الأمانة: حفظه الراية كعنوان جامع للقبيلة، والسيف كحام وقوة ضامنة لحاضرها ومستقبلها، وأخيرا القرآن المرجع الأساسي للإدارة والحكم، والوثيقة التي يستمد منها شرعيته وسياساته.
قيامة ارطغرل حافلة بالمعاني والقيم الأخرى المرتبطة بأوصاف وسلوك السيد، مثل التضحية ومشاركة أبناء قبيلته المعاناة، كما لم تغفل إبراز معاني الوفاء للسيد السابق فيحفظ إرثه ويحمل سيفه لمواجهة الأعداء من الشرق والغرب وإحباط ألاعيب الخونة في الداخل.
