19.42°القدس
19.81°رام الله
19.42°الخليل
22.75°غزة
19.42° القدس
رام الله19.81°
الخليل19.42°
غزة22.75°
الخميس 14 نوفمبر 2024
4.77جنيه إسترليني
5.29دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.96يورو
3.75دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.77
دينار أردني5.29
جنيه مصري0.08
يورو3.96
دولار أمريكي3.75

خبر: عائلة تعيش في غرفة واحدة فيها الحمام والمطبخ!

إنهُ الفقرُ.. ومن غير الفقر يصنعُ الآلامَ والهمومَ والأحزانَ، ويذيبُ آخرَ البسماتِ، ويطفئُ شموع َ الأمل، وينذرُ بعواقبَ مآلهُا الضياع والتشرد والبُؤس، ويحولُ حياةَ الفقراءِ إلى دموعٍ حارقة، تحرقُ ما تبقّى من أفراحٍ، وتكبرُ يوما ً بعد يومٍ جراحُ القلوبِ، على أملِ الفرجِ وتحسنِ ظروفِ العيش الكئيب. عائلة ٌ فلسطينية ٌ تسكنُ شمال قطاعَ غزة، تتكونُ من سبعةِ أفراد، يعيشون في غرفةٍ واحدةٍ مساحتها 12 متر، ينامون ويأكلون ويطبخون بهذه الغرفةِ اليتيمة، التي تعيشُ فيها العائلة ُ أقسى ظروفِ الحياة وأصعبها، ليذوقوا الموتَ كل يومٍ مراتٍ عديدةٍ. وهل بكاءُ الأطفالِ يجدي؟! .. فالأطفالُ هنا لا يملكون َ سلاحا ً أقوى من البكاءِ، فلا صوت يعلو فوق صوت صراخِ الأطفالِ وبكائِهم، فهم ينظرونَ إلى أطفالِ جيرانهم وبيدِهم الحلوى والشيبس والمثلجات اللذيذة، ولكنهم عندما يطلبون نقوداًمن أمهم وأبيهِم، لا يجدون جواباً سوى الصمت والحسرة ودموعٌ تنحسر في عيونِ والديهم اللذين ما بيدهِم حيلةٍ سوى المسحِ على رؤوس أطفالهم الصغارِ. [title]عجز عن الإجابة[/title] تقولُ ربة الأسرة بصوتٍ بائسٍ حزين: "لا أدري ماذا أردُ على أسئلة أطفالي الصغار، فكل يومٍ تشرقُ فيه الشمس، يقابلني أطفالي بأسئلةٍ تقطع قلبي، وتزيدَ حسرتي، ماما بدنا نشتري! .. ماما بدي أشتري بسكويت .. ماما بدي لعبة زي صاحبتي.. ماما بدي أشتري بلوزة وبنطلون زي زميلتي في المدرسة! ...." الأبُ "علاء" والبالغ من العمر ستة وثلاثين عاما ً، عاطل عن العمل منذ سنين عديدة، فلا وجود لفرص العمل هنا أو هناك، فالمعابرُ مغلقة والحصارُ الصهيوني الظالم ما زال قائماً، لا بل جاثياً على صدورِ العاطلين عن العمل في قطاع غزة، بالإضافة إلى الوضع الصحي الصعب لدى رب الأسرة، الذي يمنعه من مزاولة أعمال صعبة كالبناء وغيره. وتضيفُ الأم وقد بدا الحزنُ على حديثها، وهي تشرح معاناة عائلتها وأطفالها: "زوجي عاطلٌ عن العمل منذ سنواتْ، ووضعه الصحي صعب ولا يسمح له بالعمل الصعب، وبيتنا كما ترون غرفة واحدة نعيشُ بها ولا تكفينا ولا تكفي أطفالنا، كل يومٍ يمر علينا والفقرُ يزدادُ علينا، والهموم تتكالب علينا، وبتنا نعيشُ جحيما لا يطاق". زرنا الغرفةَ التي تسكنُها العائلة الفقيرة، وجدناها تحتوي على بعض من أثاثٍ بالٍ قديم، وخزانةٍ استدانها ثمنها علاء، ولم يقدر على سداده، ولكنه أقدمَ على هذه الخطوةِ الصعبة، لكي يحفظ ملابس العائلة، لكي لا يتعرض الأطفال للأمراض ويحمي ملابسَ أطفاله الصغار من التلوث البكتيري والعفن، إذا ما ألقيت الملابس على الأرض، أو خزنت في أكياسٍ. [title]طفولة ومرض[/title] الطفلة الصغيرة "سارة" بنت الست سنوات، قابلتنا بابتسامة تحملُ خلفها جراحاتٍ وآلامٍ وعندما سألناها عن وضع العائلة .. أجابت عنها الدموع واستدار وجها نحو والدتها خجلاً من واقع مرير، لكن الصغيرة تمالكت نفسها وقالت بكلماتٍ متقطعة " معناش حاجة .. نفسي أشتري زي صحباتي في المدرسة.." "محمد" ابن السنة الواحدة، رأى البؤسَ مبكراً قبل الأوان، فحياته لم تقتصر على الفقر والضنك بل زادها المرض بؤساً ومشقة، فأصيب بتلين في العظامِ، وهو بحاجةٍ ماسةٍ للحذاء الطبَي كي يستطيعَ مواصلة حياته بشكل طبيعي، ولكن ظروف العائلة الصعبة تقف عائقاً أمام حلمه وأسرته. الأبُ "علاء" كان متكئا ً على أحد جدران الغرفة وهو ينظرُ بعيونِ تكاد تبكي دما ً إلى زوجته وطفلته سارة اللتان شرحتا معاناة العائلة، فتنهد تنهيدة طويلة وقال: "لم تترك زوجتي وابنتي لي مجالا ً للحديث فلقد قطعتا قلبي، وزادتا ألمي على عجزي عن إعالةِ أسرتي، فلقد اختنقنا من هذه الغرفة الصغيرة". [title]حال ومناشدة[/title] غرفة ٌ صغيرة ٌ لا تقي برد الشتاء ولا حر الصيف، ومطبخ داخل الغرفة –نطلق عليه الاسم مجازاً- يفتقر لأبسط الحاجات الأساسية المتواجدة في كل البيوت، فالغرفة "البيتُ" تحتاج إلى استكمالٍ في البناءِ، وبحاجة ماسة إلى الثلاجة والغسالة وغيرها من الأساسيات. بحرقة شديدة وكلام عزت نفس علاء عن نطقه، ناشد الجمعياتِ والجهات المسئولة فقال: "أناشدُ كافة الجمعيات الإنسانية والمؤسسات وجميع المعنيين بالنظر إلى حالي وحال أسرتي الصعب، وأن يقفوا معنا في محنتنا وفقرنا، فنحن نموتُ كل يومٍ عشرات المرات من طلبات أطفالي التي أعجز عن تلبيتها، وصراخهم وبكائهم الذي لا أملك شيئا حياله". عائلة "علاء" نموذج لعشرات العائلات المستورة في قطاع غزة، وهي بحاجة ماسة لمن يجبر كسرها، ويقف بقوة إلى جانبها، ويمسح دمعاتِ الفقر والألم لأطفالها الصغار.