21.91°القدس
21.59°رام الله
20.53°الخليل
24.91°غزة
21.91° القدس
رام الله21.59°
الخليل20.53°
غزة24.91°
السبت 05 أكتوبر 2024
5.01جنيه إسترليني
5.39دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.82دولار أمريكي
جنيه إسترليني5.01
دينار أردني5.39
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.82

الأزمة الخليجية ومفارقة التدويل

حازم عياد
حازم عياد
حازم عيّاد

حراك دبلوماسي خليجي واسع قاده وزير الخارجية القطري محمد آل ثاني ووزير الخارجية الكويتي صباح خالد والبحريني خالد آل خليفة؛ فوزير الخارجية القطري التقى نظيره زيغمار غابرييل الألماني في سعي واضح لتعزيز الاتجاه العام المتشكل في الساحة الدولية والرافض المقاطعة التي تتعرض لها قطر من قبل السعودية والإمارات والبحرين؛ إذ اشتهر الوزير الألماني بموقفه المعارض للمقاطعة والحصار الذي تواجهه قطر؛ وباعتراضه على وزير الخارجية السعودي الجبير برفضه وسم قطر بالدولة الراعية والداعمة للإرهاب.

الوزير القطري نقل نشاطه الى روسيا ليلتقي وزير الخارجية الروسي لافروف؛ متعاملا مع عرض روسي للوساطة في الأزمة الخليجية بمهارة عالية؛ فالوزير القطري أكد أهمية الجهود التي تبذلها الكويت لحل الأزمة الخليجية؛ بالقول إن دول الخليج العربي لم تيأس من الجهود الدبلوماسية الكويتية؛ معطيا بذلك خصوم قطر في الخليج العربي فرصة للتراجع عن مواقفهم للخروج من الأزمة ومراجعة حساباتهم؛ قبل أن تتحول الى أزمة دولية وإقليمية واسعة.

الحراك الدبلوماسي لم يقتصر على قطر؛ إذ توجه وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة الى أنقرة ليلتقي وزير الخارجية ورئيس الدولة طيب أردوغان؛ أعلن بعدها الوزير البحريني أن القاعدة التركية في قطر تم الاتفاق على بنائها منذ العام 2014؛ وليست مرتبطة بالأزمة الحالية في البيت الخليجي وهي لتحقيق الأمن في الخليج العربي بأكمله.

في المقابل فإن الرئيس التركي دعا الدول الخليجية وعلى رأسها المقاطعة دولة قطر الى إنهاء الأزمة قبل نهاية شهر رمضان؛ مدى زمني معقول أعطاه الرئيس التركي للجهود الدبلوماسية في الخليج العربي ومن خلال التوافق الداخلي وبدون تدخل إقليمي ودولي؛ إذ سيزداد احتمالا كلما طالت الأزمة وتفاقمت المعاناة الناجمة عن المقاطعة.

فوزير الخارجية التركي جاويش اوغلو حذر من مخاطر أن يؤدي طول عمر الأزمة الى تدويلها نظرا للأهمية الجيوسياسية للمنطقة وحساسيته؛ فالقوى الدولية متخفزة للانخراط في الأزمة مهددة بتفاقمها؛ أمر سيدفع القوى الدولية والإقليمية للتدافع لإيجاد موطن قدم لها في الصراع الدائر في الخليج العربي؛ مفقدا المقاطعة قيمتها وفاتحا الباب لصراعات إقليمية دولية أوسع تدفع ثمنها الدول الداعية الى المقاطعة قبل غيرها؛ خصوصا وأن الولايات المتحدة ليست اللاعب الوحيد في المنطقة بعد التدخل الروسي والإيراني في سوريا؛ مهددا بانفجار مفارقات خطرة على عكس ما أرادت الدول التي أطلقت حملة المقاطعة على قطر.

الوزير البحريني ومن على منابر أنقرة أكد أهمية إنهاء الأزمة بالحوار في البيت الخليجي، أمر يتطلب إحياء الجهود الكويتية وتفعيلها قبل فوات الأوان؛ فانتقال الصراع في الخليج العربي الى مستويات إقليمية أوسع أو دولية سيفاقم الأزمة ويفقد الدول المشعلة لها القدرة على السيطرة والتحكم بتداعياتها الخطرة.

فدول المقاطعة لقطر تقف أمام مأزق كبير ومسؤولية مهمة لوقف حملتها قبل تفاقم الأزمة وتدويلها؛ إذ إن سر التأزم يكمن بمواقف الدول التي أطلقت حملة المقاطعة المتعثرة إقليميا ودوليا.

وزير الخارجية الكويتي صباح خالد الحمد الصباح تفاعل مع هذه التحولات والإعلانات والنشاطات الدبلوماسية لوزراء خارجية المنطقة ليؤكد حتمية حل الخلاف بين قطر والسعودية والإمارات والبحرين في إطار البيت الخليجي الواحد وبالحوار بين الأشقاء؛ وأضاف بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الرسمية "كونا" أن قطر مستعدة لتفهم هواجس ومشاغل أشقائها من دول الخليج والتفاهم معها.

فقطر تبدي استعدادا ومرونة واضحة لمساعدة الدول التي تورطت في المقاطعة للخروج من الأزمة ومنع تفاقمها؛ خصوصا وان الجهود التي بذلته الدول الخليجية أثبتت صعوبة تمرير أجندتها في ظل الممانعة الإقليمية والدولية الواضحة لعزل قطر؛ مسألة باتت تمثل تهديدا كبيرا للدول المنخرطة في المقاطعة قبل غيرها.

ورغم حضور المفاعيل الدولية والإقليمية؛ إلا أن هناك مفاعيل مؤثرة وضاغطة أخرى تساعد على سرعة البحث عن مخرج للأزمة تتعلق بالاستنزاف الإعلامي وتقويض الخطاب السياسي والإعلامي للدول المشتركة في المواجهة خصوصا المنخرطة في جهود مقاطعة قطر؛ إذ بدا يلمح بوادر انقسام واختلاف في معسكر المقاطعة؛ بل ظهر الى السطح بوادر انقسام مجتمعي وتحد نخبوي لسياسة المقاطعة ظاهرة قابلة للتطور؛ إذ من الممكن أن تتحول الى كرة ثلج متدحرجة لا يمكن إيقافها إلا بوقف المقاطعة.

الأهم من ذلك أن قطر تمتلك إمكانات كبيرة لخوض معركة إعلامية طويلة وهي مسنودة بالكثير من الحلفاء والمتعاطفين معها لخوض هذه المعركة المكلفة لخصومها والمزعجة في آن واحد؛ استنزاف فاقمه فشل حملات المقاطعة وصعوبة توسيعها أو شرعنتها دوليا فالماكينة الإعلامية لمحور المقاطعة طالما امتازت بالضعف والهشاشة وهي غير مؤهلة لخوض معركة إعلامية طويلة تقوض أركان الخطاب السياسي لأنصار محور المقاطعة؛ ما يدفع نحو إمكانية بحث دول المقاطعة على مخرج سياسي معقول وغير محرج أو تحمل كلف واستنزاف على مدى الأشهر المقبلة يصعب وقفه.