15.01°القدس
14.77°رام الله
13.86°الخليل
17.41°غزة
15.01° القدس
رام الله14.77°
الخليل13.86°
غزة17.41°
الأحد 29 ديسمبر 2024
4.64جنيه إسترليني
5.2دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.85يورو
3.69دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.64
دينار أردني5.2
جنيه مصري0.07
يورو3.85
دولار أمريكي3.69

تقرير "فلسطين الآن"

بالصور: عائلة غريب.. عقود من الصمود بوجه الاستيطان

2
2
رام الله - فلسطين الآن

يتجول سعادات صبري غريب من قرية "بيت اجزا" غرب القدس في محيط منزله المحاط بشيك الاحتلال، حدود تجواله تتوقف عند السور الذي تمكن به والده صبري من حماية المنزل الأرض من المصادرة في أواخر السبعينات، فالمستوطنون هاجموا القرية في العام 1978 وتمكنوا من فرض سيطرتهم على 40 دونم من الأرض، وأقاموا عليها مستوطنة  "جعفات حدشاه".

 رفض والد سعادات مغادرة المنزل الذي بناه في منتصف الخمسينيات، فأحاطته الأسلاك الشائكة من كل جانب، وأحكمت البوابة الحديدية التي أغلقت مدخل منزله.

مضايقات مستمرة

أكثر من (25 عاماً) عاشها والده قبل وفاته في مناكفات مستمرة مع الاحتلال، ورثها سعادات، وبدأ ببناء عالمه الخاص له ولأبنائه رغم ما يعانونه من مضايقات الاحتلال، يقول غريب: " قصتنا مع المستوطنين والاحتلال بدأت منذ العام 1977، عندما أتى مجموعة من المستوطنين إلى والدي وساوموه على الأرض التي بلغت مساحتها آنذاك 110 دونمات، أقيم المنزل على مساحة 130 م، وترك والدي 100 م تقريباً ساحة للمنزل، تمددت المستوطنة على هذه الأرض تدريجياً، بدأوا ب 40 دونماً، ولم يبقَ سوى المنزل من أصل المساحة الكلية".

 يسمع غريب أصوات الغرباء من حوله، ولكنه يتجاهلها وينصت جيداً لحفيف الأشجار الذي يحرص على تواجده بين الشيك المحيط به وأطراف المنزل الداخلية، ورود بألوان محتلفة، وأشجار متنوعة الثمار، يقول سعادات: "أنا ورثت المنزل والعناء عن والدي، قال لي والدي عدة مرات، لن نترك المنزل إلا على جثثنا، وقالها عندما أتى الاحتلال على الأرض أول مرة في السبعينيات والثمانينات والتسعينيات، وتوفي وهو يقولها، خرج بفأسه حينها عندما واجههم، وأنا الآن أحاول أن أنشر مشهداً خلاباً لأبنائي داخل الشيك، حتى يروا غيرهم عند خروجهم أول النهار".

محاولات التغلب على التضييق

اليوم يعيش سعادات مع زوجته وابنيه ووالدته التي لا تكف عن لوم المستوطنين عن المعاناة التي تسببوا بها لها ولعائلتها، تقول أم سعادات: "عشنا أياماً صعبة، هاجمونا مراراً وتكراراً كالكلاب المسعورة، مُنعنا عن أهل قريتنا بوضعهم بوابة حديدية على باب المنزل، أصبح الخروج من المنزل رحلة تستغرق ساعة من التنسيق مع الصليب، فلم يعد بإمكان أحد من زيارتنا، ولم يكن بامكان الحج صبري مغادرة المنزل خوفاً علينا".

وتضيف: "أحاطونا بالشباك والحديد من كل جانب، تملكوا أرضنا غصباً، كنت أرى الحسرة في عيونه يومياً، حاولت أن أُدخل الفرح على صدره ولكنه عاش ومات متأهبا للحظة التي سيواجههم وهم يحاولون طردنا وهدم المنزل، كنا نراهم يتجولون بنزه على أراضينا برفقة كلابهم، يشربون القهوة على شرفات المنازل المقامة على أرضنا، عشنا مقهورين على الأرض، وأرى القهر ذاته أحيانا في عيون ابني سعادات، أخاف عليه من كل شيء، وأخاف أن يمل أبنائه من العيش في هذه الظروف"، سكتت قليلا... تنهدت وقالت بصوت منخفض:"أخشى على الأرض التي مات من أجلها صبري".

أما الطفلين الذان كبرا هم داخل سجن واسع عملياً، ينظرون إلى الملاعب الخضراء الواسعة التي أنشاها المستوطنون على أرضهم، ويقول أحمد غريب: "عمري 13عاماً، أضع الكرة في منتصف الطريق الواصلة بين البوابة والحديقة، أظن أنه ملعب ضيق، لا أعرف متى ستصبح أرض ملعبنا خضراء".

ويضيف: "يقول أبي إننا سنبقى هنا حتى يذهب المستوطنين الذين يشتموننا دائماً، هم يتجولون مع الجيش، كنا نخاف منهم بالبداية أما الآن نحن لا نرد عليهم، واذا رشقونا بالحجارة نتجاهلهم".

مساومات بأعلى الأسعار

سعر الأرض المقام عليها منزل غريب لا تتجاوز ال50 ألف دولار بحسب التسعيرة العادية، إلا أن محاولات الاحتلال بالسيطرة عليها بعد اقرار المحكمة العليا ملكيتهم للأرض، جعلتهم يلجأون إلى أسلوب الشيك المفتوح، والذي يُعرض مراراً وتكرار على العائلة، عُرض مليوني دولار على الوالد  ورفض، فارتفع المبلغ وأصبح شيكاً مفتوحاً.

هذه العروضات قابلها تضييقات مستمرة على العائلة، فبعد وضع الأسلاك الشائكة، وُضعت كاميرات المراقبة أمام المنزل، وأُغلقت ببوابة حديدية لا تفتح إلا بالاتصال على الصليب الأحمر، حتى حصلت الأسرة عام 2009 على حكم من محكمة الاحتلال العليا بإبقاء البوابة مفتوحة على مدار الساعة، إلا أنه بقي أمر متغيراً يعتمد على رد العائلة على اهانات المستوطنين المستمرة، والتي يَفترضُ الجنود من سعادات وعائلته أن يقابلوها بالابتسامة.

أصبحت عائلة غريب أيقونة من أيقونات المقاومة، هذا على المستوى الشعبي، أما على المستوى الاجتماعي فالشيك الذي ارتفع 8 أمتار ضيق الأفق أمام العائلة، وجعل من محيطهما الضيق عالماً يقتصر على خمسة أفراد ورثوا صمود الجد للحفاظ على ما تبقى من الأرض.

3 التقاط 4