في الوقت الذي كان سكان قطاع غزة يستوردون فيه "النجيل" (عشب أخضر يمتد كبساط) من دولة الإحتلال بتكلفة باهظة تتراوح ما بين 30- 40 شيقلا، كان "عباس مقاط "على قناعةٍ بأن إنتاجه –إن استطاع زراعته في أحد مشاتل القطاع- لن يكلف إلا القليل.. ولكنه خشي المغامرة في ذلك الوقت، خصوصًا وأن بعض المشاريع في قطاع غزة كان مآلها الفشل مع غزو البضائع الإسرائيلية لقطاعي الاقتصاد والزراعة هنا.. ولكن.. بعد فرض الإحتلال الإسرائيلي حصاره على قطاع غزة، وجد مقاط الفرصة سانحةً أمامه للتجربة، خصوصًا وأنه كان على قناعةٍ بأن مشروعًا كهذا –وبعيدًا عن الربح المطلوب منه- قد يساهم بعض الشيء في استقلالية قطاع غزة حتى بعد رفع الحصار واعتماده على المنتج المحلّي إن أثبت جودته. وازدهرت زراعة النجيل مؤخرًا في قطاع غزة بشكل ملحوظ؛ إذ استخدم بطبيعة الحال لزراعة أرضيات المنتجعات السياحية والمتنزهات والأماكن العامة. ويستمتع الغزيّون بالجلوس على النجيل وقضاء أوقات ممتعة، بحيث يعطي منظرًا ورونقًا جميلاً يجذب المواطنين إليه. ويصف مقاط زراعة النجيل بالتجارة الجيدة والرابحة، "وهي مدرّة للدخل، وإنتاجها لا يكلف الكثير من المال سوى أنها بحاجة إلى القليل من الخبرة والإعتناء بالمنتج، وتوفير الماء الذي يعتبر أهم عنصر في نجاح زراعته". [title]خطوة بخطوة..[/title] وعن طريقة زراعة النجيل شرح مقاط: "يجب تجهيز وريّ الأرض بالماء لعدة أيام، من ثم ضربها بالغاز لقتل الحشرات والأعشاب الضارة"، لافتًا إلى أن عشبتيْ "السعيدة" و"النجيل البلدي" تفسدان المنتج.. ويأتي بعد ذلك تسميد الأرض وتصليحها، وهذه العملية كلها تتم لمرة واحدة فقط قبل الزراعة. ويفضّل زراعة النجيل في أرض طينية، إذ يحتاج إلى كميات كبيرة من الماء خلال فترة النمو التي تستغرق ثلاثة شهور. وينمو النجيل في فصل الصيف، وهو بحاجة إلى أشعة شمس حارقة، بينما تتوقف زراعته في فصل الشتاء مع بقائه مخضرًا طوال العام.. وبعد عملية تجهيز الأرض –والحديث لمقاط- يتم "تفسيخ" النجيل وزراعته على شكل أسطر، وتترك مسافة نصف متر بين كل سطر وآخر، موضحًا أن هذه النبتة بحاجة إلى مساحات واسعة من الأرض، معلّقًا: "المتر الواحد من النجيل ينتج 10 أمتار أخرى، وتصل تكلفة المتر الواحد من النجيل ما بين خمسة إلى سبعة شواقل ، ويتراوح سعر بيع المتر الواحد بين 10 -12 شيقلا. [title]الماء والتسويق.. عنصرا النجاح[/title] ويرى مقاط بأن أهم مرحلة من مراحل زراعة النجيل هي عملية توفير المياه، لافتًا إلى أن العديد من المزارعين زرعوا النجيل ولم يتمكنوا من الإستمرار في ذلك، بسبب عدم توفر الماء بشكل كبير، ويحتاج النجيل إلى ريٍّ متواصل يصل إلى مرتين في اليوم الواحد. ونوّه إلى أن عملية تسويق المنتج مرحلة مهمة جدًا في هذا العمل فهي تعتمد بشكل أساس على جودة المنتج، وخلوه من الأعشاب واخضرار لونه، مشيرًا إلى أن مزارعي النجيل في القطاع قلائل، وأن القطاع يستهلك كميات كبيرة سنويًّا تصل إلى 150 ألف متر. وأضح أن تسويق النجيل يتم للشركات والقطاعات السياحية والمؤسسات الحكومية وكذلك الأفراد ويكون تسويق المنتج حسب جودته.