19.38°القدس
19.12°رام الله
17.75°الخليل
24.66°غزة
19.38° القدس
رام الله19.12°
الخليل17.75°
غزة24.66°
السبت 05 أكتوبر 2024
4.99جنيه إسترليني
5.37دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.2يورو
3.8دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.99
دينار أردني5.37
جنيه مصري0.08
يورو4.2
دولار أمريكي3.8

حديث للشباب والمصالحة

ديانا المغربي
ديانا المغربي
ديانا المغربي

من أكثر الأسئلة ألما التي واجهتها على مدار حياتي وجعلتني أتقلب ليالي كثيرا والأفكار تزاحمنى حين تداولت مواقع التواصل الاجتماعي اسم الشاب ساجد حماد ضمن الضحايا الذين فقدوا في البحر أثناء توجهه إلى إيطاليا في سبتمبر 2014 بعد حرب غاشمة أكلت الأخضر واليابس في غزة وضاع منا كل أمل بالحياة داخل القطاع المجروح آنذاك.

كثيرا من الليالي قضيتها وانا افكر بساجد ولحظاته الأخيرة هل كانت احب إلى قلبه من الاستمرار في العيش بغزة المحاصرة ، ساجد  الذى اعرفه عن قرب ويعرف عنه الجميع إيمانه المطلق بالحياة و رزانة تفكيره وعمق تخطيطه وتدبيره ... ما الذى دفعه إلى خوض غمار البحر ليخر ساجد فيه... ماذا كان ينقصه...إلى أين كان يريد أن يصل.

صرعة الموت والفقد آنذاك أعمت عيني وربطت مقاييسي بالمادة البحتة..  المال والعمل والشهادة... لقد غردت يومها ليفعلها الجميع إلا انت يا ساجد لقد كنت مؤمنا بغزة أكثر منا فلما طرقت باب الهجرة مودعاً... وغاب عنى ان ساجدا نموذج لشاب لا يعيش إلا حرا لا يكفيه مال أبيه أو شهادة من جامعة محليه ... ولم تنتهي أحلامه بقصف شركته الخاصة ... ساجد نموذج لألاف الشباب الذين يريدون وطنا مختلف عافوا حياة الانقسام وتفاصيله المميتة.

لكنى لم ادرك ذلك إلا في الشهور العشرة الأولى من عام ٢٠١٧ أدركت أن ما دفع ساجد وغيره من الذين تركوا  الوطن وراءهم وغادروا ليس فقرا ولا ضعفا وإنما حبا في الغربة لأنها باتت إلى الوطن اقرب من العيش فيه فعلى مدار ١١ عاما أفقدتنا الفصائل  المتناحرة والمنقسمة والمشوهة لذة ان تعيش بالوطن .

 حين حزبوا الفكر ولقمة العيش ومساق الجامعة ، واختيار شريكة العمر ... حين قسموا الوطن اخضر وأصفر واحمر  واسود  ...حين قسموا فضاء السوشيال ميديا بحملاتهم المزيفة وهاشتاجتهم المأجورة ... حين رقصوا وطبلوا وغنوا فوق جراحنا ومآسينا و بيوتنا المهدومة... وجراحنا المفتوحة ... ودماء شهداءنا ... حين جعلوا منا أرقاما نواجه الموت متى اردوا... حين احرقوا أطفالنا بشمعة بعد نزهة في بحر ملوث بمياه الصرف الصحي حين اختصروا الوطن بجدول كهربا ونسبة من الراتب... حين قطفوا أحلام العوائل بمصطلح التقاعد المبكر والمستحقات المالية .

١١ عشر عاما كانت ولا زالت تربص فوق قلوبنا تخنقننا كلما فكرنا بالانطلاق نحو المجهول أو الانصهار مع المجهول ... وستبقى كذلك إذا لم نتحد كشباب من كافة ألوان الطيف السياسي لنقول كلمتنا كشباب بالمصالحة ... وندير ملفاتها من منظور شبابي قادر على العطاء أكثر من الأخذ... يطفوا حب الوطن فوق كل حساباته يعمل ضمن منظومة فكر ذاتيا لتغير كونيا ... كيف لا ونحن الذين واجهنا الموت مأزومين على مدار عقد من الزمان لم يزيدنا إلا قوة وعنفوانا وصمود .