9.45°القدس
9.21°رام الله
8.3°الخليل
14.62°غزة
9.45° القدس
رام الله9.21°
الخليل8.3°
غزة14.62°
الإثنين 23 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

خبر: خريف الضفة في أوان الربيع!

لا يبدو مستغرباً انتهاج لغة العنف غير المبرر في قمع التظاهرة التي خرجت في رام الله قبل يومين احتجاجاً على زيارة موفاز التي كانت مقررة لرام الله، وعلى الرهان على نهج المفاوضات، الذي كفرت به غالبية الفلسطينيين، ولم تعد تراه ممكناً أو يحمل قدراً من القبول. ولا كان مستغرباً أن تضاعف الأجهزة الأمنية في رام الله خطأها بالاعتداء على مسيرة في اليوم التالي نُظّمت للاحتجاج على قمع الأولى! والسبب؛ لأن السلطة بكل أركانها ترى أن الاحتجاج على نهج مفروض عليها بقوة الإملاءات الخارجية وبنفوذ المال السياسي الذي يضخ في مفاصلها ليس له متسع في قاموس الحريّات التي تدعي صونها وكفالتها للمواطنين بمختلف أطيافهم! الاحتجاج على نهج المفاوضات العبثية وما يتعلق به يعني في عرف سلطة الضفة الاحتجاج على وجودها وعلى جدوى استمرارها وعلى مسارها كلّه، هذا المسار الذي تجتهد في فرضه على الكلّ الفلسطيني، وفي سحب الممانعين له إلى مربعه تحت يافطة الحوار لأجل المصالحة، لأن المصالحة الناجعة تقتضي وفق مفهوم أي سلطة تحت الاحتلال أن يتصالح الفرقاء ويتوافقوا على التسليم بمقتضيات العيش في ظل اشتراطات الاحتلال وتنفيذ التزاماته وعدم تهديد أمنه، مع ما يتطلبه ذلك من غفران لجرائمه واستعداد غير محدود لفتح صفحة جديدة معه كلما طلب ذلك. بالعودة إلى نهج القمع الذي جوبهت به الاحتجاجات، فإن ما جرى كان اختباراً أولياً للكيفية التي ستتعامل بها السلطة مع مخالفي نهجها إن فكروا بنقل احتجاجاتهم على سياستها للشارع، ولاحظوا أننا نتحدث هنا عن معارضة النهج السياسي وليس عن احتجاجات مطلبية محدودة يمكن أن تغضّ السلطة في الضفة الطرف عنها أو تتجاهلها وإن علا صوت أصحابها. هذا الاختبار، يقول إن الطبع القائم على الإقصاء غلب التطبّع بادعاء صون حرية التظاهر، أو احترام إرادة الشارع حتى لو طالبت بإسقاط الرئيس كما تقول النكتة غير المضحكة التي أطلقها محمود عباس على شاشات فضائيات عدة قبل شهور. فإن كانت الأدبيات الفتحاوية بالأصل وكما تقول معايشة تاريخية وعملية لها تحضّ على الإقصاء وتسارع لاستعارة مفردات التخوين لوصم معارضي نهجها، فلكم أن تتصوروا كيف سيكون الحال حين تكون الحركة محكومة بنهج لا تملك تغييره إلا إن غامرت بوجودها، كونه مفروضاً عليها ومرهوناً ببقائها، ويشكّل دافع إبقائها! الضفة الغربية اليوم، وبسبب هذا النهج العدمي تعيش خريفاً حقيقياً وجموداً في الفعل وعجزاً عن المناورة، في وقت تتمدد فيه رقعة الربيع من حولها، وتؤذن بالتغيير في أكثر من مساحة مجاورة. لا يحتمل تحليل هذا الحال الكثير من الكلام، لكنني سأختم بنصيحة لسلطة رام الله كتبتها أول أمس على صفحتى على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) : " فتيل الاحتقان بيدكم، إما أن تنزعوه أو تتركوه يشتعل، وإن اشتعل فأنتم أول من سيحترق به! وتذكروا فقط أنكم في عرف غالبية الناس في الضفة سلطة تنسيق أمني، ولن ينفعكم التغني بالماضي ولا بالحاضر حين تبررون القمع والاعتقالات".