20.24°القدس
19.98°رام الله
18.86°الخليل
25.02°غزة
20.24° القدس
رام الله19.98°
الخليل18.86°
غزة25.02°
الجمعة 04 أكتوبر 2024
4.99جنيه إسترليني
5.37دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.2يورو
3.8دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.99
دينار أردني5.37
جنيه مصري0.08
يورو4.2
دولار أمريكي3.8

اسألوا يغئال عمير عن (عظام أوسلو)

موفق مطر
موفق مطر
موفق مطر

لماذا يصر البعض على دفع القيادة الفلسطينية إلى تحمل المسؤولية عن اغتيال العملية السياسية عموما واتفاق أوسلو خصوصا، وهمم يعلمون تماما أن أوسلو قد اغتيلت لحظة إطلاق اليهودي الارهابي يغئال عمير مساء الرابع من تشرين الثاني– نوفمبر 1995 رصاص مسدسه على رابين الذي كان على رأس مهرجان لمؤيدي عملية السلام في تل أبيب.

قبل شهر من اغتياله كان المتطرفون ذوو النزعة الاستعمارية العنصرية في اسرائيل، قد احتشدوا فيما كان الكنيست يناقش المرحلة الثانية من اتفاقية اوسلو، وكانوا يهتفون: "رابين الخائن" و"الموت لرابين"، حتى أن بعضهم حمل تصميمات أظهرت رئيس وزراء اسرائيل حينها اسحاق رابين بصورة جندي ولكن بزي عسكري نازي.

من المهم جدا تذكير المطالبين بحماسة الغاء اتفاق اوسلو بهذا الحدث، واعلامهم أيضا اننا منذ ذلك التاريخ قد أدركنا جيدا أن مراكز القوى الناظمة للعقلية الاحتلالية الاستيطانية الاستعمارية في دولة الاحتلال، ما كانت لتسمح بتطبيق اتفاق كان سيؤدي بعد حوالي خمس سنوات من تاريخ التوقيع عليه الى قيام دولة فلسطينية، واننا منذ اللحظة التي تلت اغتيال رابين، وانكشاف القاتل والجهات الواقفة والدافعة له، بدأت القيادة الفلسطينية في احداث تغييرات على الأرض، والمضي بالمتاح من أرض فلسطين لاستنهاض مقومات واساسات الدولة التي كان تم الاعلان عن قيامها في وثيقة الاستقلال في الخامس عشر من نوفمبر من العام 1988، فالمناضل الوطني ينتزع حقوق ومصالح الشعب من منظومة الاحتلال المهيمنة، ولا ينتظر حسن أو سوء نوايا مغتصبها، فالشعب هو الذي يسترجع الأرض التي هي مبرر وسبب وجوده في الدنيا.

استطعنا رفع وقائع جديدة على الأرض، وغيرنا قواعد وقوانين الصراع، ورفعنا ركائز ومؤسسات دولة، وبتنا دولة عضو بصفة مراقب، وانتزعنا قرارات من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، تقر بان الأرض الفلسطينية المحتلة بعد الرابع من حزيران من العام 1967 هي أراضي دولة فلسطين المحتلة بعاصمتها القدس الشرقية وأن الدولة القائمة بالاحتلال هي اسرائيل، وبذلك انتفت مقولة (أرض متنازع عليها) التي كانت منظومة الاحتلال الاسرائيلي تتخذها كذريعة لمفاوضتنا عشرين عاما بعد كل عشرين عام!!

تنتظر دولة الاحتلال اللحظة التي سنرتكب فيها هذا الخطأ، لأن الذين (يحكمون اسرائيل اليوم) وكانوا السبب والمحرض على اغتيال عملية السلام، سيسارعون للتباكي على (أوسلو) واظهارنا كطرف معاد للسلام، فيخترقون ما انجزناه سياسيا، وما حققناه لصالح قضيتنا، ليفجروا المركز القانوني لفلسطين في القانون الدولي، ويقتحموا عقل المجتمع الدولي بدعاية الارهاب الفلسطيني، لتبديد تضحياتنا العظيمة التي بذلناها للحفاظ على حقوقنا المشروعة غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حقنا بالاستقلال الوطني، وقيام دولة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وهو الحل الذي ارتضيناه لايقاف عجلة الصراع، وتأمين المنطقة بسلام وفق متطلبات قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، التي حفظت للاجئين الفلسطينيين حقوقهم بالعودة الى وطنهم والتعويض.

يحق لنا أخذ القرارات المصيرية التي تحررنا مما تبقى من (عظام أوسلو) بناء على ما نحققه من بدائل تغنينا، وتجعلنا في حل منها، لكن لا يجوز المناداة بقطع الصلة مع العالم الذي وقف مع فلسطين ضد دولة الاحتلال الاستعماري العنصرية، وضد الوعود الاستعمارية الجديدة، وقرارات الادارة الأميركية الجديدة التي أبرزها علانية الرئيس الأميريكي دونالد ترامب، التي ستؤجج صراعات على اساس ديني في المنطقة، وتطلق براكين الارهاب التي لم يصدق العالم أنه استطاع اخمادها في الشرق الأوسط، فنحن مازلنا نعمل على ترسيخ المركز القانوني لفلسطين، ونسعى للحصول على حقوق الدولة الكاملة العضوية في الأمم المتحدة، كما نعمل على إدامة نضالنا الشعبي السلمي المشروع، وحماية الجماهير وتوسيع دائرة الحراك الشعبي الوطني والعربي والعالمي، بما يضمن فتح سبل جديدة نحو آفاق الاستقلال الوطني، وتمكين الشعب من رؤية الأمل بالعين المجردة، ذلك أن الشعب يريد رؤية التضحيات وقد تجسمت في عمق ميدان الوطن حيث الحرية والاستقلال والسيادة، كل ما تقدم يتطلب منا يقظة عالية، واقتدار، ورؤية ثاقبة تأخذ مصالح الشعب العليا.

الوطنيون الفلسطينيون اليوم أمام امتحان تاريخي، ليس مسموحا لأحد التخلف عنه، أو تبرير تقاعسه في الوقوف على قاعدة الثوابت والحقوق، والحكمة والعقلانية، المرتكزتين على الايمان والصلابة، فرئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية محمود عباس أبو مازن يصنع بفضل ثقته بهذا الشعب وقدرته على الصمود والصبر معركة تحرير العالم من ارهاب الدولة، وينذر من مخاطر استيلاد مخططات استعمارية وتحديثها بمصطلحات معاصرة قد تبدو مقبولة للبعض. فنحن وان قال البعض اننا شعب صغير العدد، لكننا اعظم مما يتخيلون، فبارادتنا سنبقى الرقم الأصعب في معادلة الاستقرار والأمان في العالم، وشعب هذه الأرض، والمدينة المقدسة (القدس) الشعب الفلسطيني، هو الذي يملك مفاتيحها نحو سماء الانسانية المتطلعة للحرية والسلام.