18.39°القدس
18.26°رام الله
17.75°الخليل
18.58°غزة
18.39° القدس
رام الله18.26°
الخليل17.75°
غزة18.58°
الخميس 09 مايو 2024
4.64جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.99يورو
3.71دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.64
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.08
يورو3.99
دولار أمريكي3.71

خبر: درس من الجزائر

يحكي لي الصديق العربي الكبير الذي يدير منظمة حقوقية كبيرة ومسجلة في الأمم المتحدة، أن قياديًّا كبيرًا في الاستخبارات العسكرية الجزائرية تعرَّف عليه في المملكة العربية السعودية أثناء موسم الحج وحكى له قصصًا وأعاجيب كثيرة عما كان يجري هناك في أعقاب الانتخابات النيابية التي فاز فيها الإسلاميون، ثم انقلب عليها العسكر وجرت في إثْرها مواجهات دموية ، يقول الصديق إن رجل الاستخبارات الجزائرية كان يلبَس جلبابًا "قميصًا" قصيرًا على هيئة التيارات السلفية ، وكانت لحيته تصل إلى قرب بطنه من طولها، وكان متمكنا جدًّا في التحرك والكلام وفق سَمْت الإسلاميين المتشددين ، قال له إنه ترك الخدمة الآن وأنه يشعر بندم كثير على تلك الأيام ، وقال له إن هيئته تلك كانت هي هيئته التي طلب منه قادته أن يتخذها لاختراق التيارات الدينية أيام خدمته في الجهاز . وعرف منه أن هناك قسمًا في الاستخبارات الجزائرية كان متخصصًا في "تمثيل" دور الجماعات الدينية المتشددة ، وكان يتم إطلاق كتائب من هذا القطاع يرتدون الجلابيب البيضاء وعلى وجوههم لِحاهم المميزة ، يطلقونهم على قرى جزائرية نائية ؛ ليرتكبوا فيها في جنح الليل مذابح بشعة ضد البسطاء قتلاً وتنكيلاً بالرجال والنساء والأطفال وسط تهليلات وتكبيرات ، كأنها "فتح إسلامي" ، قبل أن ينسحبوا وتطلق بعدها بيانات مجهلة باسم تنظيمات دينية ؛ لكي توحي أن مَن ارتكب هذه المذابح هم الجماعات الدينية المتشددة . وقال القيادي السابق الكبير في الاستخبارات الجزائرية ، إنه كانت تربطهم صلات وثيقة مع إعلاميين وصحفيين يتم ترتيب القصة معهم لتناولها بوصفها جرائم وحشية للجماعات الدينية التي تريد أن تعيد الجزائر إلى عهود الظلام ، ويطبقون الحدود ، ويرسلون رسالة إعلامية للرأي العام بأن هؤلاء هم الذين كانوا يريدون حكم الجزائر. وقال إن تلك الكتائب كانت تنتقي القرى والمناطق التي كان لها موقف موالٍ للإسلاميين في الانتخابات النيابية ، والتي كشفت عن ولائها لتلك التيارات وصوَّتت لصالحهم ، وأضاف أن هذا القسم كان له اختراقات أخرى حقيقية للتيارات المتشددة ، كما أنه هو شخصيًّا ـ ذلك القيادي الاستخباراتي ـ وصل إلى حدود أن يكون موضع ثقة لشخصيات دينية كبيرة في الجزيرة العربية ، ممن كانوا يُعرفون بنفوذهم الروحي والعلمي كمرجعيات للتيار السلفي في المغرب العربي . تذكَّرت هذه القصة التي سمعتها بأذني مباشرة من الصديق العربي قبل حوالي شهر ونصف في العاصمة التونسية ، تذكرتها عندما استمعت إلى حادثة "السويس" التي انتشرت أخبارها طوال اليومين الماضيين ، ومفادها أن شخصين من "الملتحين" تتبعا شابًّا طالبًا بكلية الهندسة ، كان معه فتاة قال إنها خطيبته ، وأنهما زجراه ، فلما لم يزدجر قتلاه ، وهي قصة أسطورية ، ثم سمعنا عن بيانات على "الإنترنت" من أشخاص مجهولين يقولون إنهم من جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنهم يتحملون مسؤولية قتل هذا الشاب ، وتلك أعجوبة أخرى ؛ لأن الرأي العام المصري بكامله أُصيب بذهول وغضب شديد من تلك الجريمة البشعة . فأن يتطوع مخلوق أو جهة لكي تتبنى هذه المذبحة ويتباهى بحصوله على هذه الكراهية الشديدة من الملايين ، فهذا يعني أحد أمرين ، إما أنها مجموعة من المجانين فاقدي العقل أو الهاربين من مستشفى العباسية ، وإما أنها جهة ما أرادت أن "تُلبِس" الجريمة للتيار الإسلامي لتشويه صورته والتنفير من عهد الرئيس "الإسلامي" الجديد ، ولا يمكن أن يكون هناك أي فرضية أخرى لهذا الإعلان ، وبطبيعة الحال، هذه أول مرة نسمع فيها عن هذه الجماعة "الوهمية" في السويس ، كما أن السويس تمثل رمزًا للثورة المصرية ، كما أن السويس من المحافظات التي عاقبت الفلول وصوتت ضدهم في الانتخابات النيابية وفي الانتخابات الرئاسية أيضًا، وساهمت في إسقاط أحمد شفيق ، ثم إننا لم نسمع عن جريمة بهذا الشكل في السويس طوال أيام الانفلات الأمني والفوضى وقبل نجاح الدكتور محمد مرسي ، فلماذا ظهرت تلك الجرائم والبيانات بعد هزيمة الفلول وانتصار الإسلاميين في معركة الرئاسة؟! حاصل الكلام ، أقولها وأجري على الله ، يا دكتور مرسي إن لم تسارع بتطهير وزارة الداخلية وتفكيك جهاز الأمن الوطني ، فسوف يلعبون بك الكرة ، ويهددون عرشَك بالسقوط السريع ، وسوف يتغدون بك قبل أن تتعشى بهم ، كما يقول العامة في حكمتهم البالغة.